العراق: مطالب بطرد الشركات الأمنية الأجنبية

الشركات الأمنية الأجنبية في مرمى "الحشد الشعبي"... مطالب بطردها من العراق

01 سبتمبر 2019
المليشيات المرتبطة بإيران تضغط لإخراج الشركات الأمنية (Gettty)
+ الخط -
دخلت الشركات الأمنية الأجنبية العاملة في العراق على خط أزمة استهداف معسكرات "الحشد الشعبي" خلال الأسابيع الماضية، على غرار ملف القوات الأجنبية العاملة في العراق ضمن التحالف الدولي وملف الأجواء العراقية، حيث تصاعدت طلبات قادة وزعماء مليشيات مسلحة، غالبيتها مرتبطة بإيران، إلى جانب سياسيين وبرلمانيين، بضرورة إنهاء عمل تلك الشركات في العراق، أو تقليل عددها إلى أدنى حد، وهو ما بدا مطلبا غير معقول بالنسبة للحكومة العراقية على الأقل، فوجود أكثر تلك الشركات يرتبط بالبعثات الدبلوماسية والسفارات وشركات النفط الغربية، وبرامج تابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي توفر لها الحماية في تحركاتها.

ووفقا لمسؤول عراقي في بغداد، فإن الاستهداف الأخير لمعسكرات "الحشد" في بغداد وصلاح الدين وديالى أثار عدة ملفات كانت قد أغلقت في وقت سابق، وتُمارس حاليا ضغوط على

الحكومة فيها، من بينها إعادة إحياء ملف إنهاء التواجد الأجنبي في العراق، الذي كان قد انتهى قبل أشهر باتفاق سياسي يقوم على أن العراق بحاجة لدعم التحالف الدولي في استكمال بناء قواته، وكذلك ملف الأجواء والسيطرة عليها، وصولا إلى اعتبار بعض الفصائل قرار هيكلة "الحشد" غير منطقي في ظل وجود تهديد خارجي.

ولفت إلى أن ملف الشركات الأجنبية الأمنية، والبالغ عددها أكثر من 40 شركة مرخصة بعقود من قبل الحكومة، عاد مجددا أيضا، فهناك اتهامات لها بأنها تجسسية، وأخرى بأنها عبارة عن جيوش تنتهك سيادة العراق.

وذكر أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يتلقى ضغوطا بشأن الشركات الأجنبية من مليشيات وفصائل مسلحة وقوى سياسية تطالب بإنهاء وجودها وإسناد ما تقوم به لقوات حماية المنشآت العراقية أو قوات "سوات" العراقية الخاصة". وتابع "هذه الضغوط جدية والحكومة تحاول استيعابها، فهي غير منطقية وترتبط بأمن البعثات الأجنبية وبعقود مبرمة معها".

لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي دعت بدورها إلى ما وصفته بـ"إعادة النظر بقانون الشركات الأمنية"، ونقلت وسائل إعلام محلية عراقية عن رئيس اللجنة محمد رضا قوله إن وجودها كان بسبب الظروف الأمنية التي تعرضت لها البلاد خلال السنوات السابقة، واستقرار الوضع الأمني الحالي ينفي الحاجة لها، مؤكداً "الحاجة إلى إعادة النظر بقانون وجودها في العراق خلال المرحلة المقبلة"، فيما بين عضو البرلمان سعران الأعاجيبي أن "توفير الحماية للمواقع والشركات الاستثمارية من مهام الحكومة الاتحادية، وليس هناك حاجة لاستقطاب هذه الأعداد الكبيرة من الشركات الأمنية إلى العراق".

في المقابل، قال عضو كتلة "الفتح" البرلمانية، بدر الزيادي، إن البرلمان عازم على إخراج القوات الأميركية عبر التصويت على قانون ينص على إخراجها مع بدء عمل الفصل التشريعي الثاني للبرلمان، مبينا أن "الولايات المتحدة لم تنفذ الاتفاقية المبرمة معها بحماية العراق بعد خرق الأجواء التي تقع على مسؤوليتها، وبالتالي فإن مجلس النواب أصبح لديه القوة والحجة الكافية لإخراج القوات الأميركية من العراق"، وفقا لقوله.

ولفت الزيادي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية عراقية، اليوم الأحد، إلى أن "الجلسات الأولى للبرلمان ستمنح الأولوية في القوانين لقانون إخراج القوات الأميركية وإنهاء الاتفاقية الأمنية الموقعة معها بعد عدم التزامها ببنود الاتفاقية".



من جهته، أكد مسؤول في وزارة الداخلية العراقية أنّ
"الوزارة تحتفظ بأولويات كاملة عن الشركات الأمنية العاملة في البلاد بتفاصيل دقيقة"، مبينا "لم يتم تأشير أي عمل غير قانوني بعناصر تلك الشركات، وهي خاضعة بشكل كامل لرقابة الوزارة".

وأكد: "هناك محاولات لإعادة تعديل وصياغة قانون تلك الشركات بما ينسجم مع مصالح خاصة للجهات التي تسعى لذلك، وهي بالتأكيد جهات وأحزاب قريبة من إيران كانت تعارض منذ مدة وجود مثل هذه الشركات".

وتابع، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يمكن أن يكون القانون مفصلا على مقاس أي جهة، إذ إن وجود البعثات الدبلوماسية والملحقيات الأجنبية بمختلف تسمياتها مرتبط بوجود الشركات الأمنية، وهم يثقون بها أكثر من ثقتهم بأي جهاز أمني عراقي آخر، والحال نفسه للشركات ورجال الأعمال غير العراقيين".

وقال الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني إن "المطالبة برحيل أو التضييق على عمل الشركات الأجنبية الأمنية قديم، لكن الفرصة باتت متوفرة لإعادة طرحه مع الهجمات التي طاولت مقرات الحشد"، مضيفا أن الجهات التي تطالب برحيل القوات الأجنبية من العراق هي نفسها التي تطالب برحيل الشركات الأمنية الأجنبية، و"بالعادة ضغوطهم وطلباتهم لا تستند إلى أي مبدأ أمني، بل كلها بدوافع سياسية".

ورجح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تتم عملية تصعيد أوسع حول مثل هذه الملفات مع عودة البرلمان للانعقاد بعد أيام من الآن".