العراق: أحزاب وفصائل مسلحة تحشد لتظاهرات ضد الكاظمي

العراق: أحزاب وفصائل مسلحة تحشد لتظاهرات ضد الكاظمي

16 يونيو 2020
تصاعد التظاهرات ضد الكاظمي بعدد من المدن العراقية(فرانس برس)
+ الخط -
لليوم الخامس على التوالي، تحشد أحزاب وفصائل مسلحة في جنوب العراق للتظاهر ضد خطة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بإلغاء امتيازات مالية حصل عليها عشرات الآلاف من العراقيين كمرتبات شهرية. 

وتسعى الحكومة العراقية، ضمن محاولاتها للتخفيف من الأزمة الاقتصادية، لإلغاء امتيازات تصل لأكثر من 60 مليار دينار شهرياً تمنح لأشخاص يُطلق عليهم معارضون أو متضررون من نظام صدام حسين. 
وفي وقت سابق، قال الكاظمي إن العراقيين بالداخل أكثر تضرراً من سياسة صدام حسين، وعانوا أكثر ممن كانوا خارج العراق خلال فترة حكم صدام حسين، وذلك رداً على المعترضين لخطواته التقشفية. 
ومنح رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي لأسباب اعتبرت انتخابية مرتبات مالية لعشرات الآلاف من العراقيين تحت مسميات مختلفة، منها "لاجئو مخيم رفحاء السعودي عام 1991 بعد حرب الخليج الأولى" وما يعرف حالياً بالخدمة الجهادية، لمعارضي نظام صدام المتضررين والسجناء السياسيين أيضاً. ويقول مسؤولون عراقيون إن تلك الرواتب التي تمنح لهؤلاء الأشخاص تستنزف مبالغ مالية ضخمة من موازنة الدولة. 

التظاهرات التي بدأت في عدد من المحافظات الجنوبية، ومنها المثنى، والبصرة، وواسط، وذي قار، بدأت تتسع بشكل متسارع بفضل الدعم والتحشيد الذي تتلقاه من تلك الجهات، وأقدم المتظاهرون على قطع سكة قطار، كما قطعوا طرقاً حيوية، وحملوا أسلحة رشاشة معهم خلال التظاهر، كما حملوا لافتات تهدد كل من يمس بما أسموها "حقوقهم".
ومع زيادة أعداد المتظاهرين ودخول محافظات جديدة فيها، بدأت تتحول إلى اعتصامات في بعض المحافظات، وأقام المحتجون في محافظة المثنى خيما للاعتصام في الشوارع وأمام مكتب البرلمان، وأعلنوا عن بدء اعتصامهم.
ولم تكتف الأطراف التي تحرك تلك التظاهرات بالضغط على الكاظمي، بل لجأت إلى تهديده علناً، محذّرة إياه من التقرب أو المساس بما أسمته "حقوق ثوار الانتفاضة"، وقال زعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي، في تصريح لقناة العراقية الرسمية، إن "الحكومة إذا فكرت بالمساس بالرواتب فعليها ألا تقترب من رواتب الشهداء والسجناء الفقراء، من رفحاء والمغتربين والمشردين وثوار الانتفاضة ضد البعث، حتى لو اقتضى الأمر الاقتراض وتمشية الرواتب من أجل أن يبقى النظام السياسي ولا يهتز".
زعيم مليشيا "العصائب" قيس الخزعلي وضع رواتب هذه الفئات تحت مسمى رواتب "الشهداء"، أكد في تصريحات له، أن قطعها "ليس حلاً لتجاوز الأزمة المالية، ويجب على الحكومة أن تقدم حلولاً أخرى للأزمة".
وشدد على أن "قطع الرواتب مرفوض، وأن هؤلاء الذين قدموا تضحيات، يستحقون الاحترام، وعلى الدولة أن تقدم ما يكفي المواطن ولا تقترب من رواتب الشهداء والمضحين".

أما جماعة "معتقلي رفحاء" الذين يحصلون منذ نحو 10 سنوات على أكثر من 38 مليار دينار عراقي شهرياً كرواتب، عدا الامتيازات الأخرى، فقد أكدوا أن "الكاظمي سيسقط" في حال اقترب من رواتبهم.
وقال ممثل "الرفحاويين"، محمد هنداوي، في تصريحات "إذا ما مس الكاظمي ملف رفحاء، فإنه سيسقط، والذين سيسقطونه هم من جاؤوا به"، مبيناً أن "الأحزاب ومنها بدر، وحزب الدعوة، وتيار الحكمة، والتيار الصدري، كلهم لهم مصالح في هذه الملفات ولن يتنازلوا عنها".
وأشار إلى أن "هناك ملفات السجناء والمعتقلين والشهداء من السياسيين، وقانون المفصولين السياسيين، وإذا نجح الكاظمي بخطته هذه، فإنه سيلغي دمج المليشيات ويعيد البعث"، مشدداً "سنضغط عبر جميع الوسائل لإنهاء هذه المساعي".

الكاظمي، الذي كان قد صرّح بأن خططه لمحاربة الفساد الذي أنهك الدولة، تقتضي اتخاذ قرار بقطع رواتب ومخصصات محتجزي رفحاء ومزدوجي الرواتب وغيرهم، والتي تكلف مرتباتهم الدولة موازنة ضخمة جداً، التزم جانب الصمت خلال الأيام الأخيرة مع تصاعد حدة الضغوط عليه. 

ووفقا لمسؤول عراقي، فإن "قادة في بعض الأحزاب المنتفعة من تلك الامتيازات، تحت مسميات المتضررين من النظام السابق، أو محتجزي رفحاء، أو ذوي الشهداء السياسيين وغيرهم من تلك الفئات، بدأوا ممارسة ضغوط على الكاظمي، وصلت إلى حد التهديد بعدم توفير الدعم لحكومته، فضلاً عن إجراءات أخرى في حال أقدم على أي خطوة تمس برواتبهم وما يعتبرونها حقوقا لهم".
وأكد لـ"العربي الجديد" أن "الكاظمي، وأمام تلك الضغوط والتهديدات، أبدى مرونة تجاه تلك الجهات"، مشيراً إلى أن "التراجع عن اتخاذ قرار يمس رواتبهم أصبح أمرا غير مستبعد".
ولا توجد إحصائية رسمية بنسبة الرواتب التي تحصل عليها تلك الفئات، إلا أن مصادر تحدثت عن أرقام تتجاوز الـ 80 مليار دينار عراقي شهرياً، منها عوائل يتسلم جميع أفرادها مرتبات يصل مجموعها إلى أكثر من 20 مليون دينار، وهو ما أثار غضبا شعبيا واسعاً في البلاد
وفي ظل تلك الضغوط والتهديدات، التي تواجهها حكومة الكاظمي، تتعقد إمكانية تنفيذ الإصلاحات التي وعدت الشعب بها.
النائب عن "تحالف النصر" فلاح الخفاجي، أكد أن "تلك الضغوط التي تمارس على الكاظمي ستؤثر على إمكانية إجرائه الإصلاحات المرتقبة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الكاظمي أصبح مكبلاً الآن، وتُمارس عليه ضغوط كبيرة حتى من داخل البرلمان، وهناك صعوبة تواجهها حكومته بتوفير النفقات في ظل هذه الأزمة".
وشدد على أنه "في ظل هذه الظروف، فمن الصعب على الكاظمي أن يتخذ خطوات كبيرة نحو الإصلاح".

واعتبر النائب السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، تلك الضغوط حرباً ضد أي خطوة للإصلاح. 

وقال شنكالي لـ"العربي الجديد" إن "الوضع الاقتصادي والأزمة المالية يتطلبان إصلاحات يجب أن يتحملها الجميع، وإن تلك الجهات المنتفعة من الرواتب والتي تعتبر نفسها ضحية للوطن، عليها أن تعلم أن من يضحي لا يطالب برواتب وامتيازات"، معتبراً أن "كل ما يجري من ضغوط وتظاهرات هو محاولات لإفشال حكومة الكاظمي، ومنع التحرك نحو الإصلاح، فالإصلاح سيؤثر على مصالح تلك الجهات".
ودعا شنكالي رئيس الوزراء إلى "عدم التردد باتخاذ أي قرار نحو الإصلاح، وفقا للمسؤولية الملقاة على عاتقه".