العراقيّون لا يحبّون فصل الشتاء

العراقيّون لا يحبّون فصل الشتاء

13 ديسمبر 2014
تعمل الوزارات على مساعدة ذوي الدخل المحدود(صفاء حاتم مطلب)
+ الخط -
تختلف حياةُ العراقيين بين فصلي الصيف والشتاء. لا يقتصر الأمر على الثياب أو أنواع المأكولات التي يعدّونها. فهذان الفصلان يتحكمان في أرزاق الناس هناك. الصيف يوفر لهم الرزق الوفير، بعكس الشتاء. حتى إن البعض يلجؤون إلى ادخار المال خلال الصيف ليتمكنوا من العيش شتاءً. ربما لا يبذل هؤلاء جهداً كافياً لإيجاد أعمال يمكن من خلالها جني الأرباح شتاءً.

يجوبُ كاظم العيساوي (65 عاماً) شارع الرشيد (وسط بغداد) بعربته الخشبية، يبيع البليلة (حمص مسلوق)، آملاً أن يجني، بعد يوم عمل شاق، قليلاً من الدنانير لإعالة أسرته المكونة من خمس فتيات وصبي يعاونه في عمله. يقول لـ"العربي الجديد": "خلال فصل الصيف الذي يمتد نحو ثمانية أشهر، أبيع عصير الاسكنجبيل (يحتوي على الخل والسكر والهال والنعنع). يعرفني كثيرون، ويقصدونني لشراء العصير اللذيذ هذا. ولأن الطلب على العصائر يكون كبيراً في هذا الفصل بسبب الحر، يكون دخلي جيداً بالمقارنة مع الوقت الحاضر. أعود إلى البيت وفي حوزتي نحو 100 دولار، حتى إنني أدخر المال".

يضيف العيساوي: "خلال فصل الشتاء، الذي بدأ قبل نحو شهر، أبيع البليلة. علماً أن إعدادها يحتاج إلى جهد أكبر ومال أكثر، بالمقارنة مع عصير الاسكنجبيل. على سبيل المثال، أحتاج إلى الغاز لطبخه، بالإضافة إلى بهارات الكمون والملح لجعله طبقاً لذيذاً للزبون". يتابع أن "جميع أفراد العائلة يشاركون في تنظيفه وسلقه ليلاً".

في الشارع نفسه، محل أبو كرار لتصليح الأدوات الكهربائية. يقول لـ"العربي الجديد" إنه عادة "لا يتأثر عملي خلال فصل الشتاء. إذ أقوم بتصليح المدافئ بجميع أنواعها. أما في الصيف، فأصلّح المراوح والمكيفات وغيرها". يلفت إلى أنه "غالباً ما يجني مالاً أكثر في الصيف، لأن الأدوات الكهربائية تتعطل بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، وحاجة الناس إلى أجهزة التبريد التي لا يمكن الاستغناء عنها، بعكس الشتاء، إذ يلجأ الناس إلى وسائل أخرى للتدفئة".

في نهاية شارع الرشيد، كان أجود ذات (12 عاماً) يحمل حافظة ملأها بالشاي الساخن ليبيعه لأصحاب السيارات حين تقف أمام الإشارات الضوئية. يقول لـ"العربي الجديد": "أعمل منذ ساعات الصباح الأولى لأعيل أسرتي، خاصة بعد مقتل أبي في إحدى العمليات المسلحة عام 2007. أجلب معي أيضاً عدداً من الأكواب. هذا العمل بالكاد يدر عليّ المال بالمقارنة مع فصل الصيف، الذي أبيع فيه قناني الماء الباردة التي لا تكلفني شيئاً، سوى كمية قليلة من الثلج أضع فيها القناني. أجني مالاً كثيراً، ندخر منه للشتاء. فالقليل من العراقيين يشربون الشاي على الطريق".

في السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي إحسان فالح لـ"العربي الجديد" أن "فصل الصيف يساهم في نمو الاقتصاد الوطني"، لافتاً إلى أن "أكثر من 38 في المائة من الأيدي العاملة في العراق تعمل في مهن صيفية. فهذا الفصل يوفّر كثيرا من فرص العمل".

يضيف أن "طبيعة المهن التي يعمل فيها العراقيون ما زالت فردية وغير منظمة. لذلك، نجد أنهم يحصرون أعمالهم في فصل الصيف، ولا يكترثون لخلق أفكار جديدة يمكن ممارستها في فصل الشتاء، على الرغم من أنه لا يدوم طويلاً".

من جهتها، تسعى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى مساعدة ذوي الدخل المحدود، خاصة أولئك الذين يعتمدون على فصل الصيف لكسب رزقهم. في السياق، يقول مدير عام التشغيل والقروض في الوزارة، رياض حسن، لـ"العربي الجديد" إن "لدى الوزارة ورشا تدريبية طيلة أيام السنة. لكن خلال العامين الماضيين، ركزنا على تنظيم دورات للعاطلين عن العمل، لتعليمهم تصليح المدافئ وسخانات المياه، فضلاً عن دورات أخرى لتصليح الأجهزة الكهربائية وأجهزة التبريد. هدفنا من خلالها إلى تشجيع الشباب على عدم الاعتماد على فصل الصيف فقط لجني المال. لذلك، يجب خلق فرص عمل خلال فصل الشتاء حتى لا تكون هنالك بطالة فيه".
أيضاً، يشير حسن إلى أن "الوزارة عمدت إلى تسهيل الحصول على قروض، وقد حددت عدداً من المشاريع التي يمكن للمهتمين بها الحصول على قروض ميسرة ومن دون فائدة، ويمكن جني المال من خلالها خلال فصلي الشتاء والصيف".

سعى المعنيون إذاً إلى خلق فرص عمل خلال فصل الشتاء، حتى لا يقتصر جني المال على فصل الصيف، الذي يمكن وصفه بصديق الفقراء. وتجدر الإشارة إلى أن خطوات كهذه قد تساهم في مساعدة كثير من العائلات التي بالكاد تحصل على المال خلال فصل الشتاء.