العراقيون... سخرية لا تنتهي من الحكومة

العراقيون... سخرية لا تنتهي من الحكومة

02 يوليو 2019
تبعد الحكومة العراقية إيران عن دائرة الاتهام(أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -
منذ ما يزيد على الشهرين، لا ينفكّ غالبية العراقيين يذكرون الأرجنتين، والنيل منها بسخرية، وتحميلها وزر المشاكل التي يعانون منها، على المستويات كافة. فخراب العملية السياسية ببلادهم هي من تدخلات الأرجنتين، أما الموارد الطبيعية والصناعية فتسرقها الأرجنتين عبر أدواتها وأحزابها في العراق. كما أن المخدرات التي تصل إلى عمق المحافظات والمدن فهي أرجنتينيّة المنشأ، وتنقلها مافيات أرجنتينية أيضاً، تملك عجلات رسمية من الحكومة العراقية وأسلحة ونفوذاً وسلطة، وقد دخلت إلى انتخابات مجلس النواب التي أجريت العام الماضي، وحصلت على مقاعد برلمانية ببركة التزوير وافتعال الحرائق بصناديق الاقتراع في بغداد، بوقودٍ أرجنتيني.

طيلة السنوات الماضية، وتحديداً عقب عام 2003، ولغاية الأشهر الأخيرة من العام الجاري، لم يكن العراقيون يعرفون ما تصنع "الأرجنتين" ببلادهم، ولا يعرفون مصدر أنواع المخدرات التي تصل إلى محافظات البصرة والنجف وبغداد والأنبار إلى مدن إقليم كردستان، وأنها "أرجنتينية الصنع"، إلى أن "فضح" رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، مصدر المخدرات، وشرح قائلاً قبل أشهر إن "المخدرات ظاهرة كبيرة تحاول أن تمتد، تأتي من الأرجنتين إلى عرسال وتنتقل عبر سورية وتدخل إلى العراق، وتؤسس لنفسها في العراق شبكات مخدرات".

مع العلم أن غالبية العراقيين وأجهزة الأمن والاستخبارات وشرطة الحدود، يؤكدون أن المخدرات التي تدخل إلى البلاد تأتي عبر إيران، من خلال المنافذ البرية، مستعينةً بمهربين عراقيين وإيرانيين، مع ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات في مدن الجنوب، وتحديداً البصرة، التي تحذر منظمات صحية وبيئية وإنسانية من بلوغ حالات التعاطي مرحلة الظاهرة.

ومنذ تعليق عبد المهدي عن مصدر المخدرات، لم يكفّ العراقيون عن "توبيخ الأرجنتين"، سخريةً من الحكومة التي أبعدت إيران عن دائرة الاتهام، وتبعدها عن كل أزمة.


وفي السياق، يقول الصحافي العراقي علي الحياني لـ"العربي الجديد"، إنّ "العراقيين الذين يعيشون في ظروفٍ صعبة، ويشاهدون الجماعات المرتبطة بإيران كيف تستحوذ على القرار وتتحكم باقتصاد البلاد وتسلب ثرواته، وتحاول زجّ العراق بحروب وخسارات لا ناقة للبلد فيها ولا جمل، مجرد دفاع عن مصالح الجارة إيران، هؤلاء متنفسهم الوحيد، مواقع التواصل الاجتماعي التي يعبرون من خلالها عمّا بداخلهم تجاه الدولة الجارة"، مبيناً أن "السخرية هي مصدر سعادة الشعب العراقي"، مشيراً إلى "انتقاد ما تقوم به الحكومة من إخفاقات، وتخريب للبلد".

ويضيف الحياني أن "بعض الناشطين، صاروا يكتبون ضد الأرجنتين، بعد أن كانوا يخشون الكتابة عن تسمية إيران أنها مصدر أذى العراق، وتحديداً من الذين يقيمون داخل العراق، ويعبرون بتوصيف الأرجنتين كجزء من انتقاد إيران التي يرون أنها السبب المباشر في خراب البلد ودماره"، متابعاً أن "لاعب كرة القدم الشهير ميسي صار هو الآخر عرضة للسخرية، على اعتباره أرجنتينياً، في إشارة إلى سياسيين مقربين من إيران، وبعضهم يرى أن بلده الأصلي إيران لا العراق، وصار يُلقب عادل عبد المهدي، بعد تعليقه بشأن الأرجنتين، بأنه ميسي العراق".

ودوّنت صفحة البصرة أن "المسافة بين أكبر بلد منتج للمخدرات وهو أفغانستان وبين العراق 790 ميلاً، ولا يفصلنا عنه سوى إيران، أما المسافة بين العراق والأرجنتين، فتبلغ 8000 ميل، ‏رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أحرج نفسه حتى لا يقول إن المخدرات تدخل إلى العراق عبر الحدود البرية المفتوحة قادمة من إيران".


ولا يقتصر الأمر على المدونين والناشطين، بل ذهب عضو مجلس النواب فائق الشيخ علي بالقول عبر "تويتر": "أيها المتعاطون بالمخدرات: احذروا الحبوب الأرجنتينية! ترة مضروبة ومخبوطة ماي ودهن! استخدموا الأصلي الّي يجينه من إيران فقط!".

وتُشير الناشطة والصحافية ريم عادل، إلى أن "الناشطين والعراقيين عموماً يقصدون إيران، عندما يتحدثون عن الأرجنتين في التدوينات والمنشورات، لدرجة أن الأرجنتين هي بطلة الساحة في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يستغرب الساسة أو المسؤولون في الأرجنتين الحقيقة من سر تعاطي العراقيين مع بلدهم بهذه الطريقة". وتوضح لـ"العربي الجديد" أن "العراقيين يستثمرون الأرجنتين للتعبير عن كوميديا سوداء، بعد أن أصبح الشعب عموماً أكثر وعياً، ولا تنطلي عليه ألاعيب الإعلام المملوك للأحزاب. وأنا شخصياً أرى هذه التعليقات في صفحات المدونين والصفحات العامة يورطون الأرجنتين بعد كل مشكلة تمرّ على العراقيين".

وعن ذلك أيضاً يقول عضو التيار المدني وضّاح أحمد، إن عبارة الأرجنتين في كل كارثة تبين مدى حنق العراقيين من الهيمنة الإيرانية، فإذا صار حريق قالت النار الأرجنتين، وإذا وقع انفجار قالوا الأرجنتين، وإذا صارت أزمة سياسية قالوا الأرجنتين، حتى إن بعض مكاتب السفر تهكماً وضعوا بدلاً من فيزا سياحية إلى إيران عبارة الأرجنتين، والناس فهمتها بشكل طبيعي، مبيناً أن ذلك أزعج الحكومة بشكل واضح وهناك فصائل مسلحة وأحزاب مقربة من إيران باتت تهاجم من يستخدم هذا المصطلح، الذي امتد إلى أن يكون ضمن برامج حوارية وسياسية على قنوات محلية في ذكر الموضوع الإيراني وتداخله في العراق.