العجز ينقضّ على موازنة العراق

العجز ينقضّ على موازنة العراق

04 يناير 2016
غياب السيولة المالية في العراق (علي السعدي/ فرانس برس)
+ الخط -
أقر البرلمان العراقي قانون الموازنة العامة لعام 2016، حيث جاء تمريرها يسيراً بالقياس إلى السنوات السابقة في ظل تحديات كبيرة تنتظر العراق على كافة الأصعدة الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة لتفشي الفساد المالي والإداري.
ويرى مراقبون أن استمرار انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية سيكون له تأثيرات سلبية كبيرة على الموازنة والاقتصاد العراقي، وخاصة أن الأخير يعتمد بشكل أساسي على القطاع النفطي، حيث يشكل 95% من إجمالي دخل العراق من العملة الصعبة، وهو ما سيربك خطط الحكومة الرامية إلى تخفيض العجز في الموازنة، ويضطرها للبحث عن حلول صعبة، مثل خفض النفقات الاستثمارية والتشغيلية، أو الاقتراض.

ويشكك المراقبون بالأرقام والنسب التقديرية التي قامت عليها الموازنة التي تم إقرارها، ويؤكدون أن العراق سيخسر أكثر من مليار دولار سنوياً في حال انخفض سعر النفط بمعدل دولار واحد إضافي.

غياب الواقع
ويشير المراقبون إلى أن البرلمان العراقي لم يعتمد سياسة حكيمة لضبط النفقات، وكان الأجدر اتخاذ الحذر حيال إفراط الحكومة في تفاؤلها الذي لا يدعمه الواقع.
يقول نائب رئيس الوزراء العراقي ووزير المال الأسبق رافع العيساوي، لـ"العربي الجديد": "إن كمية النفط المقدرة بنحو 3.6 ملايين برميل يومياً يستحيل تحقيقها، خاصة في ظل الحرب، كما أن هناك ما يقارب 550 ألف برميل تأتي من كركوك ومدن كردستان العراق، لا تزال مرهونة بالخلاف السياسي بين أربيل وبغداد، الذي يتفجر سنوياً مع إعداد الموازنة لعدم وجود قانون النفط والغاز".
ويضيف العيساوي، "إذا أضفنا إلى ذلك أن سعر النفط الفعلي بحدود 33 دولاراً فقط، مع التوقعات ببقاء هذه الأسعار على حالها، فمن المتوقع أن تنخفض الإيرادات النفطية الفعلية أكثر من 15 مليار دولار، وذلك يشكل عبئاً إضافياً على الموازنة".
وبحسب العيساوي، فهناك عدة ملاحظات يمكن تسجيلها على الموازنة العراقية، منها على سبيل المثال، أن بند الإنفاق على الاستثمارات ضئيل جداً، كما أن العديد من المشاريع الاستثمارية التي بدأتها الحكومات السابقة لم تستكمل حتى اليوم بسبب غياب التمويل".
ويتابع: "من جهة أخرى، فإن الموازنة لم تلحظ موضوع التنمية، وخاصة إذا لاحظنا أن الأموال المرصودة لتنمية الأقاليم لا تتخطى مليار دولار، موزعة بين 18 محافظة".

ويشير العيساوي إلى أن "الإيرادات غير النفطية لا زالت قليلة جداً، رغم أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي طالبا العراق بضرورة إيجاد مصادر للتمويل، بعيداً عن الإيرادات النفطية، وذلك عبر زيادة الإنفاق الاستثماري، ودعم الاستثمار وتنويع مصادره".
لقد أدت الحرب ضد تنظيم "داعش" إلى استنزاف موارد الدولة، حيث تم تخصيص مبالغ كبيرة لتمويل الحرب، كما تم رصد مبالغ كبيرة لدعم الحشد الشعبي، ويقول العيساوي: "رصدت الموازنة مبالغ كبيرة لدعم الحشد الشعبي، علما أن التصويت على هذه الفقرة باطل، كون الحشد غير دستوري ولم يشرع بقانون لحد الآن"، مشيراً إلى أن "العديد من موازنات الأعوام السابقة تمت بطرق غير واقعية، وبنيت على أساسها موازنات مغلوطة".
من جهة أخرى، يشير أحد النواب في البرلمان العراقي، فضّل عدم الإفصاح عن اسمه، إلى أن إقرار الموازنة تم وفق مبدأ ترحيل الأزمات"، مؤكدا أن "الكويت أرجأت تلقي الدفعة الأخيرة من تعويضاتها المستحقة على العراق، بناءً على طلب من العراق حتى العام 2017 لتسديد الدفعة الأخيرة والبالغة 4.6 مليارات دولار، وهذا الإجراء سيثقل كاهل الموازنة العامة القادمة بمبالغ كبيرة، بينما يصعب الثقة بإمكانية حدوث تحسن في الموارد المالية للعراق، وتلك مخاطرة كبيرة".
ويتوقع النائب في البرلمان العراقي أن ينتقل الاقتصاد العراقي من مرحلة الانكماش إلى مرحلة الكساد قبل نهاية العام القادم ما لم تحصل معجزة ترفع إيرادات النفط".

اقرأ أيضاً:الفساد ينخر "مزاد العملة العراقية"