الضائقة الاقتصادية تدق ناقوس الهجرة من لبنان

الضائقة الاقتصادية تدق ناقوس الهجرة من لبنان

04 يوليو 2020
احتجاجات شعبية مستمرة في لبنان بسبب الأوضاع المعيشية(فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال تمثال المغترب اللبناني في بلدية جبيل بمحافظة جبل لبنان، شاهداً على اتساع قاعدة شتات بلد عربي ميال للهجرة جبراً أو طواعية.

لبنان بلد ملايين المهاجرين في مختلف قارات العالم وأصقاعه، يتجرع أوجاعاً اقتصادية طاحنة تزيد شتاته ورغبة شبابه في الهجرة.

وخلال الأشهر الماضية، شهدت عدة سفارات أجنبية في لبنان، أبرزها الكندية، وقفات احتجاجية من قبل شباب لبنانيّين للمطالبة بفتح أبوابها للهجرة.

ويرجّح مراقبون أن تشهد الأيام الأولى لعودة حركة الطيران بعد توقف دام أكثر من 3 أشهر بسبب تفشي جائحة كورونا، موجات كبيرة من هجرة اللبنانيين إلى خارج بلادهم.

ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، يتزامن مع شحّ الدولار وفقدان العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها، وارتفاع معدل التضخم، ما جعل قرابة نصف السكان تحت خط الفقر.

تحت وطأة تلك الأزمة، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، للمطالبة بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية.

وسط أجواء مشحونة، يتطلع آلاف اللبنانيين إلى الهجرة هرباً من أوضاع اقتصادية ومعيشية متدنية، وفق خبراء للأناضول.

وأقرّ الباحث في الشركة الدوليّة للمعلومات (غير حكومية)، محمد شمس الدين، بوجود رغبة كبيرة بين قطاعات واسعة من الشباب اللبناني في الهجرة خارج بلادهم.

وأوضح شمس الدين أن الأرقام الدقيقة حيال تلك الظاهرة غير متوافرة، ولا سيما في ظل إغلاق السفارات الأجنبية في لبنان طوال الأشهر الماضية بسبب تفشي فيروس كورونا.

بمؤشر أكثر وضوحاً، أكد رئيس حركة الأرض (غير حكومية) طلال دويهي، أنّ عدد اللبنانيّين الحاملين لجوازات سفر أجنبيّة، لكنّهم يقيمون حالياً في البلاد، يراوح بين 40 و45 ألف نسمة.

وأوضح أن هؤلاء اللبنانيين يسعون للسفر إلى الخارج بمجرد عودة حركة الطيران، غير أنهم يواجهون حالياً مشكلة في سحب ودائعهم من المصارف اللبنانيّة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية.

وتابع دويهي أننا أعددنا إحصاءً غير رسمي بشأن الراغبين في الهجرة، إذ كشف رغبة نحو 84 ألف لبناني في الهجرة، وسيكون هذا العدد مرشحاً للزيادة في حال اصطحاب ذويهم.

وفي ما يتعلق بطلبات الهجرة في الوقت الراهن، أوضح قائلاً: "هناك 23 ألف لبناني يطلب الهجرة إلى كلّ من أستراليا وكندا، لكنّ من حصلوا على موافقة بلغوا 3 آلاف فحسب".

ومضى قائلاً إن "الرغبة في الهجرة خارج لبنان تتزايد، لكنّ آليّة توافرها ليست ميسّرة في الوقت الراهن، لأنّ هناك مَن أمواله لا تزال محجوزة في المصارف الوطنية".

ووفق ترجيح الدويهي، "ستؤدي إعادة فتح السفارات الأجنبية وحركة الطيران إلى مغادرة 200 إلى 300 ألف لبناني من البلاد خلال أشهر قليلة".

وعبّر عدد من المواطنين عن رغبتهم في الهجرة، حيث قال وسام نمر إن "أيّ مواطن لبناني أمّنوا له تذكرة الطيران سيغادر فوراً"، فيما أوضح محمد كلش أننا "نفكر في الهجرة، وخصوصاً الذين تخرجوا في الجامعات".

وفسّر سليمان علوش السبب، قائلاً إنه "عندما تفتح السفارات الأجنبية أبوابها، فإن الجميع سيفكرون في الهجرة، وخصوصاً عندما يصبح الراتب الشهري يوازي 100 دولار".

ومراراً، حذّر باحثون لبنانيون من تداعيات عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد، على موجات هجرة الشباب التي قد تهدد بدورها المستقبل الاقتصادي والاجتماعي في البلد الذي يضمّ داخله نحو 4 ملايين، ويعيش خارجه قرابة 16 مليوناً.