الصين تغلق القنصلية الأميركية في شينغدو وتخلي قنصليتها في هيوستن

الصين تغلق القنصلية الأميركية في شينغدو وتخلي قنصليتها في هيوستن

25 يوليو 2020
ووصفت الصين الاتّهامات الأميركية بـ"الافتراء الخبيث". (مارك فيليكس/فرانس برس)
+ الخط -

أمرت الصين، الجمعة، بإغلاق القنصليّة الأميركيّة في مدينة شينغدو الكبيرة بجنوب غرب البلاد، ردّاً على إغلاق إحدى بعثاتها في الولايات المتّحدة، في نهاية أسبوع شهدت على لغة تخاطب تذكّر بالحرب الباردة.

وجاء الإعلان عن إغلاق القنصليّة في أعقاب وابل من التحذيرات من مسؤولين أميركيّين كبار من "طغيان" الصين، فيما وُجّهت إلى مواطنين صينيّين في الولايات المتّحدة اتّهامات مختلفة.

وقالت وزارة الخارجيّة الصينيّة في بيان، إنّ هذا القرار يشكّل "ردّاً مشروعاً وضروريّاً على الإجراءات غير المنطقيّة للولايات المتّحدة". وأضافت أنّ "الوضع الحالي للعلاقات الصينيّة الأميركيّة هو ما لا ترغب الصين في رؤيته، والولايات المتّحدة مسؤولة عن هذا كلّه".

ووصف وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو، في وقت سابق هذا الأسبوع، القنصليّة في هيوستن بأنّها "وكر جواسيس صيني" ومركز "لسرقة الملكيّة الفكريّة".

وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، ماركو روبيو، إنّ القنصليّة الصينيّة في هيوستن تقع "في صلب شبكة واسعة للتجسّس ولعمليّات نفوذ الحزب الشيوعي الصيني في الولايات المتّحدة".

تقارير دولية
التحديثات الحية

ووصفت الصين تلك الاتّهامات بـ"الافتراء الخبيث".

وجاء القرار المتعلّق بالقنصليّة في هيوستن، غداة كشف وزارة العدل الأميركيّة عن توجيه الاتّهام لمواطنَين صينيَّيْن اثنين، بقرصنة مئات الشركات والسعي إلى سرقة أبحاث حول لقاح لفيروس كورونا.

ثمّ أعلنت وزارة العدل الأميركيّة، الخميس، توجيه الاتّهام لأربعة باحثين صينيّين، قالت إنّهم كذبوا بشأن علاقاتهم بجيش التحرير الشعبي. وقد اعتقلت واحدة من هؤلاء بعد أن لجأت إلى القنصليّة الصينيّة في سان فرانسيسكو، من دون توضيح ظروف توقيفها.

 

رسالة لبكين

والجمعة، أكّد مسؤول كبير في وزارة الخارجيّة الأميركيّة أنّ أمر الولايات المتّحدة للصين بإغلاق قنصليّتها في هيوستن رسالة إلى بكين لوقف أنشطة التجسّس الاقتصادي في الولايات المتحدة.

وقال المسؤول، الذي أصرّ على عدم كشف هوّيته: "يأتي وقتٌ يتعيّن عليك فيه أن تقول كفى". وأشار المسؤول إلى أنّ بكين "أساءت بشكل فاضح استخدام قدرتها على الدخول الحرّ والمفتوح" إلى المجتمع الأميركي، من خلال إدارة عمليّات لجمع الملكية الفكرية الأميركية بشكل غير قانوني.

أكّد مسؤول كبير في وزارة الخارجيّة الأميركيّة أنّ أمر الولايات المتّحدة للصين بإغلاق قنصليّتها في هيوستن رسالة إلى بكين لوقف أنشطة التجسّس الاقتصادي في الولايات المتحدة

وأضاف أنّ إغلاق قنصليّة "هيوستن دليل قوي على أنّنا جادون".

ومساءً، أعلنت وزارة العدل الأميركية أنّ مواطناً سنغافوريّاً متّهماً بالتجسّس في الولايات المتحدة لصالح الصين، اعترف بالتهمة الموجّهة إليه أمام قاض في واشنطن، الجمعة.

واعترف جون واي يو، المعروف بـ"ديكسون يو"، بأنّه عميل لقوة خارجيّة، وهو يواجه احتمال السجن 10 سنوات.

ووفق اعترافاته، فإنّ هذا الدكتور في السياسات العامّة جرى تجنيده في 2015 من قبل عملاء صينيّين لتوفير معلومات عن دول آسيويّة، لكنّه دُعي لاحقاً إلى التركيز على الولايات المتّحدة.

ويقود بومبيو الهجوم الجديد من جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصين. واعتبر العديد من المراقبين أنّ ذلك يندرج في إطار استراتيجيّة الجمهوريّين لكسب أصوات في الانتخابات الرئاسيّة المقرّرة في تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال بومبيو، الخميس، إنّ الصين اليوم دولة "تزداد استبداداً في الداخل، وعدوانيّة في عدائها للحريّة في كلّ مكان آخر". وأضاف في حديثه عن إيديولوجية الحزب الشيوعي: "على العالم الحرّ أن ينتصر على الطغيان الجديد".

الرد بشكل متناسق

في بيان لها الخميس، حضّت الصين الولايات المتّحدة مجدّداً على التراجع عن قرارها و"خلق الظروف الضروريّة لعودة العلاقات الثنائيّة إلى طبيعتها".

وإلى جانب سفارتها في بكين، لدى الولايات المتحدة خمس قنصليّات في مدن كانتون وشنغهاي وشينيانغ وشينغدو ووها، وكذلك في هونغ كونغ.

وتغطّي قنصليّة شينغدو، التي فتحت في 1985، جنوب غرب الصين، خصوصاً منطقة التيبت ذات الحكم الذاتي.

وفي 2013، طالبت الصين الولايات المتّحدة بتقديم تفسير بشأن برنامج للتجسّس، عقب معلومات أفادت بأنّ خارطة بالغة السرّية سرّبها المحلل السابق لدى أجهزة الاستخبارات الأميركية الفار حالياً ادوارد سنودن، تظهر وجود منشآت مراقبة لدى سفارات وقنصليات أميركية في مختلف أنحاء العالم، بينها قنصلية شينغدو.

وبعثة شينغدو هي المكان الذي لجأ إليه المسؤول الصيني وانغ ليجيون عام 2012 هرباً من رئيسه المتنفذ بو تشيلاي الذي كان آنذاك مسؤول مدينة شونغكينغ المجاورة.

غير أنّ قرار الصين استهداف بعثة شينغدو من دون غيرها من بعثات أميركية أكثر أهمّية، يُشير إلى أنّها تحاول تجنّب تقويض العلاقات تماماً، وفق أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة كاليفورنيا بسان دييغو فيكتو شيه.

وقال شيه لوكالة "فرانس برس": "في الوقت الحاضر، يبدو أنّ الصين اختارت الردّ بشكل متناسق بدلاً من الردّ بشكل مفرط يفاقم التوتّر في العلاقات الثنائيّة ويستدعي ردّاً أميركيّاً في المقابل".

وأضاف "يسمح هذا الردّ على الأرجح للجانبين بأخذ فترة استراحة في هذا التصعيد، ويمنح إدارة ترامب المجال لمعرفة ما إذا كان مستحسناً تصعيد التوتر مع أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في فترة يعاني فيها الاقتصاد من التراجع".

وأمهلت الولايات المتّحدة القنصليّة الصينيّة في مدينة هيوستن 72 ساعة انتهت الجمعة لرحيل الدبلوماسيّين الصينيّين.

وطوال اليوم، عمل موظّفون على ملء شاحنات مخصّصة لنقل الأثاث، وألقوا أكياس قمامة في مكبّ نفايات قريب، وذلك تحت أنظار عناصر من الشرطة ومتظاهرين كانوا يردّدون عبارات استهجان لدى مرور السيّارات التي كانت تغادر القنصليّة.

وفي فترة بعد الظهر، دخل عناصر أمن أميركيّون المبنى بعدما فتحوا الباب بواسطة أدوات، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة "فرانس برس".

وأوضحت واشنطن، الجمعة، أنّ هذا الإغلاق لم يأت ردّاً على ملف محدّد.

 

(فرانس برس)