الصومال.. ربيع الحرف الأسمر

الصومال.. ربيع الحرف الأسمر

17 ابريل 2014
محمد ديريه.. إلى الضاد بلا عودة
+ الخط -

بخلاف الأدب الصومالي المكتوب باللغات الأجنبية الذي وجد جانباً من الاهتمام أوصل بعض أصواته إلى جمهور عالمي، كحالة الروائي نور الدين فارح (1945) الذي يكتب بالإنجليزية؛ فإن الأدب الصومالي العربي لاقى تهميشاً صحبه عدم اكتراث من جانب دور النشر والهيئات الثقافية العربية.

على سبيل المثال، للشاعر الصومالي محمد الأمين محمد الهادي سبعة دواوين شعرية وروايتان ومجموعة قصصية، لا تزال كلها غير منشورة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى روايتين لدى محمود عبدي وديوان شعري لم تجد ثلاثتها ناشراً حتّى اللحظة.

غير أن وسائل الاتصال الحديثة (بما فيها المنتديات والمدونات وفيسبوك وتويتر) أنصفت الصوماليين أكثر مما أنصفهم العرب، فبدأوا يتمردون على التهميش ويفرضون أصواتهم الأدبية. كما أنّ كل المؤشرات تدل على أنّ وضع العربية في الصومال شهد ازدهاراً بالتزامن مع "الربيع العربي". وساهم في ذلك أيضاً نشوء أجيال جديدة من الصوماليين في منطقة الخليج، ما أتى بمثقفين على اطلاع وتواصل مع منتجات الأدب العربي، حديثه وقديمه، وجعلهم قادرين على هضم هذا الأدب، بل وكتابة أدب قد ينافس قريباً ما هو موجود في بقية الأقطار العربية.

ففي العام 2011، صدر كتاب "إلى كاراكاس بلا عودة" للكاتب محمد علي ديريه عن دار "مدارك" (الإمارات)، ومجموعة قصصية بعنوان "مشاهد" للكاتبة سعدية عبدالله عن دار "ليلى" (القاهرة). وفي العام 2012، صدرت رواية "أميرة مع إيقاف التنفيذ" لزهرة مرسل عن الدار نفسها. كما تشهد الصومال فورة في أعداد المدوّنين بالعربية، أمثال رحمة شكري وفاطمة الزهراء ونورا محمد إبراهيم وسمية عبد القادر وحسن القرني، علماً أن هذه المدوّنات تتفاوت في مستواها الفني.

وترى المدوّنة الصومالية رحمة شكري أن العربية في الصومال مرتبطة بالمنظومة الدينية التي لا تحتك كثيراً بالثقافة الأدبية للمجتمع، غير أن ما حصل هو نتيجة نشوء جيل كامل في الخليج العربي خارج إطار هذه المنظومة. وتقول شكري إن أهم المشكلات التي تواجه الكاتب الصومالي الذي يكتب بالعربية تكمن في محدودية الجمهور الذي يتواصل معه أو يتفاعل مع ما يكتب.

وتضيف شكري: "هذا هو العام الثالث لي في كينيا .. ولم أتمكن من زيارة الوطن بشكل مباشر، وإن كانت نيروبي حاضناً للصوماليين بدرجة كبيرة. لذا لا أستطيع التنبؤ بمستقبل الأدب العربي في الصومال، لكن أتوقع، مع عودة الكثيرين من أبناء الجيل الناشئ في الدول العربية واتساع نطاق الناطقين بالعربية، أن يحمل المستقبل حضورا أكبر للثقافة العربية بين أبناء المجتمع الصومالي".

ولا يتوقف الأمر عند إصدار الكتب، فقد شهدت العاصمة مقديشو في العام 2012 أول معرض كتاب منذ أكثر من عشرين سنة، عرض فيه أكثر من ثلاثة آلاف عنوان. كما شهد الصومال انتشار ظاهرة أندية القراءة في مختلف أقاليمه، أشهرها "نادي هرجيسا للقراءة" الذي يعرض ويناقش مختلف الكتب، ويتم نشر ملخصات المناقشات والآراء المطروحة في الصحافة، كنوع من تشجيع هذه الأندية.

وفي العام الماضي، صدر أول قاموس عربي ـ صومالي مصوّر (تأليف محمود عبدي) عن دار "إفتين" الصومالية. كما يدرس مثقفون صوماليون إمكانية تأسيس "اتحاد الكتّاب العرب في الصومال" الذي قد يعلن عنه قريباً.

المساهمون