الصدفة تكشف عن قاتل متسلسل في كوبنهاغن
ناصر السهلي
كبار السن كانوا هدفا للقتل والسرقة (ناصر السهلي)
بالرغم من أن ثلاثة من السكان المتقاعدين في شرقي العاصمة الدنماركية كوبنهاغن توفوا بفارق أيام، بين 7 فبراير/شباط و7 مارس/آذار الحالي، وفي نفس العمارة والمجمع السكني، وجميعهم فوق الثمانين، وهم امرأتان ورجل، إلا أنه لا الشرطة ولا رجال الإسعاف ثارت لديهم الشكوك بأن وفاتهم لم تكن لأسباب طبيعية.

ابنة الضحية الأخيرة، وهي سيدة في الـ81 من العمر، رفضت قبول أن والدتها ماتت في السابع من الشهر الحالي بظروف طبيعية. راقبت الابنة ما يجري مع بطاقة والدتها البنكية فأصيبت بصدمة أن أحدا ما لا يزال يستخدمها. وضعت الابنة تلك الحقائق أمام رجال الشرطة الذين لم يستغرقهم الأمر سوى سويعات ليلقوا القبض على "شاب دنماركي من أصل شرق أفريقي" (26 سنة) لتتدحرج القضية، وتصبح خلال أيام كوبنهاغن أمام "سفاح متسلسل"، بعد أن اتهمته الشرطة بقتل الضحايا الثلاث.

ورغم منع قاضي التحقيق تداول اسم هذا القاتل المفترض، إلا أن بعض الصحافة استطاعت الوصول إلى سجله الجنائي، لتكشف عن "مغتصب وقاتل متسلسل أفلت مرات كثيرة "لأن النظام القضائي لم يأخذ بآراء الأخصائيين في علم النفس، الذين أوصوا أن يمكث بقية حياته تحت مراقبة في قسم مغلق في مشفى أمراض عقلية، وليس سجنا عاديا يخرج بعده إلى المجتمع.. خرج فعلا ليمارس السطو المسلح والاعتداء المتكرر.. فعاد محكوما إلى السجن، ليخرج مجددا ويقترف جريمة أخرى.

صدمة الشارع الدنماركي من جرائمه (ناصر السهلي)

هذا القاتل المفترض في جعبته اغتصاب طفلة وسيدة تكبره بنحو 20 سنة، وقد نجت بأعجوبة من الموت خنقا، وهي التي عرفته منذ أن كان طفلا في بداية عامه الدراسي الأول في الابتدائية. وحتى تحذيرات تلك السيدة، التي تعبر اليوم عن غضبها لأن "أحدا لم يستمع إلي حين كنت أقول إنه طفل غير عادي، لقد رأيت وتأكدت من ذلك حين راقبت عينيه وهو يخنقني لاغتصابي".

الشرطة الدنماركية، وأدلة البحث الجنائي، ربطت بينه وبين القتلى من المتقاعدين الذين دخل شققهم وقتلهم، ورغم ذلك يدعي الشاب أنه "بريء". الشرطة الدنماركية الآن توسعت في لائحة الاتهام لتشمل 6 ضحايا آخرين في ذات المجمع السكني، من كبار السن، الذين تعتقد أنه قتلهم منذ العام الماضي، إلى جانب توجيه الاتهام، لمن باتت الصحافة تسميه "القاتل المتسلسل" بقتل الضحايا الثلاث أخيراً بطريقة خنق صعب على رجال الإسعاف اكتشافها بداية، لولا أن ابنة الضحية الأخيرة حركت القضية، برفضها اعتبار أمها الثمانينية ماتت ميتة طبيعية.

المثير للجدل اليوم، وسط توجيه اتهامات للنظام القضائي بالإهمال، أن هذا الشاب جرى تشخيص أمراضه مرات في تقارير عصبية ونفسية متخصصة، فحصته أثناء محاكماته السابقة، ومن بينها أنه "شخص نرجسي وعنيف ويشكل خطرا على حياة الآخرين إن خرج مرة ثانية إلى المجتمع"، وهو ما يشير بأصابع الاتهام إلى النظام الذي تتساءل الصحافة المحلية "ما إذا كان جنب الناس هذا القاتل المتسلسل الذي لا يعرف للآن كم قتل، لو أنه أخذ بالاعتبار توصيات الأخصائيين ولم يخرجه مرة ثانية ليمارس جرائمه"، على ما سألت صحيفة "بي تي" اليوم الخميس.

حذرت تقارير طبية من إطلاق سراحه (ناصر السهلي)





الشرطة التي أعلنت بشكل مقتضب يوم 15 مارس/آذار الحالي عن حبس المتهم على ذمة التحقيق لم تعط الصحافة الدنماركية الكثير من المعلومات حول ما دفعها للاعتقاد بأنه مسؤول أيضا عن قضايا القتل الأخرى. وما زالت، مع قاضي التحقيق، تتعامل بمعلومات مقتضبة "حفاظا على سرية التحقيق"، بحسب ما ذكرت اليوم الخميس، بعد تسرب إمكانية أن تكون كوبنهاغن عمليا أمام قاتل متسلسل أفلت من تدخل طبي وقضائي مبكرين.