تشهد سوق الانتقالات حالياً منافسة كبيرة بين جميع الأندية الأوروبية من أجل خطف أبرز اللاعبين. من طرح الأسماء إلى المفاوضات الرسمية والتعاقد هناك مراحل كثيرة. ورغم أن النادي هو المخول الرسمي للكشف عن أي صفقة جديدة إلا أن الصحف تلعب دوراً كبيراً في صناعة هذه الصفقات وخصوصاً الصحافة الإسبانية.
أعلنت صحيفة "الموندو ديبورتيفو" الإسبانية الأسبوع الفائت عن انتهاء صفقة لاعب خط الوسط الإيفواري جون سيري الذي اتفق على الانتقال إلى برشلونة قادماً من فريق نيس الفرنسي، وسرعان ما انتشر الخبر في جميع الصحف الرياضية العالمية والتي أعلنت انتقال سيري رسمياً وسيلعب مباراته الأخيرة أمام نابولي في دوري أبطال أوروبا.
لكن الصحيفة الإسبانية نفسها كتبت بعد ساعات: "لا لسيري"، وأشارت إلى أن برشلونة تراجع عن الصفقة ولن يوقع مع سيري، وذلك لأسباب تقنية بعد أن نصح المدير التقني في الفريق بعدم التعاقد مع سيري. وبحسب صحيفة "ذا غارديان" فإن إدارة برشلونة اتصلت بصحيفة "الموندو ديبورتيفو" وطلبت تغيير الخبر بعد القرار الجديد.
الأمر لا يقتصر فقط على الصحف الكتالونية المقربة من برشلونة، وذلك لأن الصحف المدريدية المساندة لريال مدريد تُشعل سوق الميركاتو بنفس الطريقة، وتلعب دوراً كبيراً في صناعة الصفقات أو إنهائها عندما تُقرر. الأمر لا يعني أن هناك تلاعبا في أخبار هذه الصحف، لكن الأمر يقتصر على أن هذه الصحف لها علاقات كبيرة في إسبانيا وتنشر معلوماتها وفقاً لمصادر موثوقة من الأندية الإسبانية خصوصاً برشلونة وريال مدريد.
بين الافتراضات والحقائق
تُعتبر الصحف الإسبانية الأقوى في سوق الانتقالات، لكن الأمر لا يتعلق بالمصداقية بل لجهة نشر أخبار الصفقات بشكل يومي خصوصاً عندما يتعلق الأمر ببرشلونة وريال مدريد. وبحسب سيد لوي منسق صحيفة "ذا غارديان" في إسبانيا، معظم الأخبار التي تُنشر في الصحف الرياضية الإسبانية لا تأتي من النادي مباشرةً، ولا يتعلق الأمر في تعبئة الصفحات فقط، لكن الأمر مرتبط بعوام كثيرة.
تنشر الصحف الإسبانية الكثير من الافتراضات عن الصفقات في سوق الانتقالات ولا تعتمد على أخبار موثوقة من النادي نفسه، وذلك لأن الصحف الرياضية في إسبانيا تُساند فريقا مُعينا وتتجه في أخبارها لمساندة هذا الفريق بشتى الطرق.
هذا الأمر لا يعني أن الصحيفة تأخذ إذنا بنشر معلومات من النادي الذي تسانده، أو حتى يُطلب منهم نشر خبر مُعين، بل تنظر إلى حديث من مسؤولي هذا النادي وتُحوله إلى مادة دسمة. وهناك مثل يوضح هذه العملية وذلك عن طريق عمل صحيفة "الموندو ديبورتيفو" مع فريق برشلونة، حيثُ نشرت الصحيفة خبراً أن كوتينيو سيثور على ليفربول من أجل المغادرة، وتم بناء الخبر على تصريحات للمدير الرياضي للنادي "الكتالوني" بيب سيغورا الذي قال للقناة الثالثة الإسبانية أن صفقتي كوتينيو وديمبيلي قريبتان جداً، وهو الأمر الذي بدا بعد أسبوع أنه كلام على الورق لا أكثر.
تُعتبر عملية نشر خبر في الصحيفة عملاً دقيقاً ويجب التأكد منه قبل نشره، لكن ما يحصل في الصحف الإسبانية مختلف تمامًا عن الواقع مثلاً في الصحف البريطانية، التي وبحسب دين جونز، الذي يُحقق في صفقات كرة القدم في موقع "بليشر ريبورت" المختص، لا يمكن أن تحصل في بريطانيا، ولا يمكن الحديث بهذه الطريقة أمام الإعلام إن كانت الصفقة ما زالت مجهولة.
الخبر بين الصحافي والنادي
أشعلت الصحف الإسبانية سوق الانتقالات هذا الصيف بأخبار كثيرة، ومعظمها كان مجرد إشاعات وحصل نقيضها في الحقيقة. مثلاً ساندرو إلى ريال مدريد والذي وقع لإيفرتون في نهاية الأمر، تيو هيرنانديز قريب من برشلونة لكنه يوقع لريال مدريد في النهاية، وخبر تأكيد انتقال دييغو كوستا إلى الصين مقابل 30 مليون يورو والذي اتضح أنه كلام غير صحيح.
وفي هذا الإطار يكشف خوانما ترويبا، الصحافي السابق في صحيفة "دياريو أس"، أنه في إسبانيا لا يبتكر الصحافيين الخبر بل هناك علاقات مع مسؤولين داخل الأندية تُحدد كيفية صياغة الخبر والعناوين الرئيسية التي يجب نشرها أمام الرأي العام، مثلاً لو قال مسؤول في برشلونة ‘ن كوتينيو أصبح قريبا من برشلونة، سينقل الصحافي الخبر كما سمعه أو نقله المسؤول عنه حرفياً، هو لا يكذب بل ينقل معلومات موثوقة.
لا يعتمد فريقا برشلونة وريال مدريد على الصحف الإسبانية لتقوم بأعمالهم، وفي نفس الوقت لا تنتقد عملهم خصوصاً في سوق الانتقالات، لأن المعلومات تساعد على إتمام الصفقة وتُعتبر ورقة ضغط، لكن الأمر لا يصل إلى حد قبول أخبار كاذبة، لأن الفريق يشتكي مباشرةً في حال نشرت صحيفة خبرا غير صحيح.
العلاقة بين الصحافة وأندية برشلونة وريال مدريد ليست كالسابق، عندما كان النادي يخاف من الصحافة ويعمل معها من أجل نشر الأخبار الموثوقة لعدم الضرر بصورته. أما اليوم فالنادي لا يخاف الصحافة أبداً وهو الامر الذي جعل العلاقة أكثر حساسية خصوصاً من الجماهير، التي تنتقد عمل الصحافيين وتتهمم بنشر أخبار كاذبة وحتى لو كان الصحيفة مساندة لفريقهم.
وهنا يمكن الحديث عن جماهير ريال مدريد التي هاجمت صحيفتي "أس" و"ماركا" المساندتين للنادي "الملكي" وغنت في احدى المباريات: " أس ومارك غرف الغاز"، في إشارة منها إلى أن هذه الصحف تنشر أخبار كاذبة وضمرة بالنادي.
في النهاية تبقى الكلمة للاعب نفسه المُستهدف في سوق الانتقالات، والذي لو ظهر بتصريحات أمام الإعلام سيُحدد إن كان سيُغادر أو سيبقى في النادي، وهو الأمر ربما الذي تحدث بيكيه عنه في قضية نيمار قبل رحيل الأخير إلى فريق باريس سان جيرمان الفرنسي.