الصحافة الألمانية تتجاوز محنة كورونا

الصحافة الألمانية تتجاوز محنة كورونا

08 اغسطس 2020
"سودويتشه تسايتونغ" استقطبت في مارس وحده 150 ألف مشترك رقمي جديد (Getty)
+ الخط -

رغم انهيار الإيرادات الإعلانية خلال مرحلة الحجر المنزلي، تسعى الصحافة الألمانية إلى الخروج منتصرة من أزمة وباء "كوفيد-19" التي عززت مصداقيتها وأسهمت في تطوير نموها الرقمي.

وأشارت الأخصائية في شؤون الإعلام في نقابة "فيردي" مونيك هوفمان، لوكالة "فرانس برس"ن إلى أن "الصحافة صمدت بصورة جيدة نسبياً خلال الأزمة في ألمانيا"، البلد الأول أوروبياً لناحية مبيعات الصحف. وقالت هوفمان "نظن أن الحاجة إلى المعلومات ستبقى مرتقعة جداً، كما أن هذا القطاع سيخرج أقوى من الأزمة".

وبالفعل، فإن الأرقام الواردة من هذا القطاع في أوج الأزمة، خلال أشهر مارس/آذار وإبريل/نيسان ومايو/أيار، "تبعث على الأمل"، بحسب "اتحاد الصحافة المكتوبة والمرئية". ولفت الاتحاد، في تقرير أصدره حديثاً، إلى أن ربع أعضائه يتحدثون عن استقرار في عدد النسخ المباعة، إذ نجح النصف في حصر التراجع بنسبة تراوح بين 1 و5 في المائة، فيما تكبد 10 في المائة من هذه المنشورات خسائر فادحة.

أداء قوي للنسخ الرقمية

رغم التراجع المتواصل في السنوات الأخيرة، لا تزال ألمانيا تضم 327 صحيفة يومية، تباع منها نحو 14 مليون نسخة يومياً، بحسب بيانات رسمية نشرت العام الماضي. ويضاف إليها 17 صحيفة أسبوعية، وست نسخ للصحف اليومية تصدر أيام الآحاد. وتتقدم البلاد بفارق كبير على بريطانيا (أكثر من تسعة ملايين نسخة يومياً) وفرنسا (6 ملايين نسخة).

وقد أرخت الأزمة بثقلها بلا شك، إذ انهارت الإيرادات الإعلانية بنسبة تصل أحيانا إلى 80 في المائة، كما أن ثلث الموظفين أجبروا على البطالة التقنية، وفق أنيا باسكاي العضو في الاتحاد. غير أنها أشارت إلى أن الصحف "استمرت في الصدور واستقطاب القراء".كما أن الاشتراكات الرقمية حققت نتائج باهرة، بعدما تأخرت طويلاً عن مجاراة مبيعات النسخ الورقية. وقالت باسكاي لوكالة "فرانس برس" إن "كل دور النشر تقول لنا إن مشاريع التطوير الرقمي الموضوعة أساساً لأشهر أو سنوات مقبلة تحققت في غضون بضعة أسابيع".

وتحدث المتحدث باسم مجموعة "أكسل سبرينغر"، فريدريتش كابلر، عن "مستويات قياسية من الاشتراكات في مارس/آذار وإبريل/نيسان" في "بيلد"، أبرز إصدارات المجموعة وأكثر الصحف قراءة في ألمانيا، وأيضاً في صحيفة "داي فيلت" المحافظة، من دون إعطاء أرقام.

أما صحيفة "سودويتشه تسايتونغ"، الصادرة في ميونيخ، فقد استقطبت في مارس/آذار وحده 150 ألف مشترك جديد في نسخها الإلكترونية، وهو مستوى كانت الصحيفة المنتمية إلى يسار الوسط تأمل في بلوغه في نهاية 2020.

اعتماد على الإصدارات الورقية

اعتبر ناشر مجلة "ستيرن" الإخبارية، فرانك تومسن، أن أزمة "كوفيد-19" أوجدت حاجة للحصول على معلومات موثوقة، كما أدت إلى "نهضة في وسائل الإعلام الكلاسيكية".

وأظهر استطلاع، نشر نتائجه معهد "زي أم جي" المتخصص نهاية مايو/ أيار، أن أكثر من 90 في المائة من العينة المستطلعة آراؤها، البالغ عدد أفرادها أربعة آلاف شخص، اعتبروا معلومات الصحف اليومية "موثوقة بشكل خاص"، كما أنها المرجع الأفضل في سيل المعلومات بشأن الوباء.

ومع الارتفاع الكبير في الاشتراكات الرقمية بفضل الأزمة، يبدو أن الصحافة الورقية لا تزال صامدة، وفق اختصاصيين، ما يطرح أيضاً إشكاليات بشأن مستقبل هذا الفرع من الصحافة. وقال رئيس "اتحاد الصحافيين الألمان"، فرانك أوبرال، إن "قراء كثيرين لا يزالون يرغبون في أن يتمتعوا بملمس الصحف الورقية"، خصوصاً لدى المسنين الذين يشكلون الأكثرية السكانية في ألمانيا.

وأشار الاتحاد إلى أن 22 في المائة فقط من الأشخاص فوق سن الخمسين يبدون استعداداً للتعوّد على قراءة الصحف بنسخها الإلكترونية. وهذه هي الإشكالية التي تقع فيها دور النشر التي تعتمد على مداخيل اشتراكاتها الورقية، لكنها ترغب في التحرر منها بسبب تكاليف التوزيع الباهظة، فيما من غير الممكن استقطاب الفئات الشابة، وبالتالي زيادة الزبائن، إلا بالمنتجات الرقمية.

وقالت أنيا باسكاي "سنصل إلى مرحلة لن نتمكن فيها من إيصال الصحف إلى بعض المناطق بسبب تكاليف التوزيع"، لافتة إلى أن 40 في المائة من المناطق ستصبح في هذه الدائرة في السنوات الخمس المقبلة. ورأت باسكاي أن الحفاظ على المشتركين سيتطلب على الأرجح تقديم عروض هجينة تمزج بين الاشتراكات الرقمية والصحف الورقية.

(فرانس برس)

المساهمون