الشهيد محمد علاونة يلاقي مصير عمه

22 يوليو 2015
الجد والجدة في العزاء (العربي الجديد)
+ الخط -
في بيت جد الشهيد محمد علاونة، اجتمعت نساء قرية "برقين" غرب جنين، في عزاء الشاب الذي قتلته قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الأربعاء، برصاصة في الصدر.

لطمت جدته فاطمة خدّها وهي تقول: "قبل سنة، قلت لأبيه أن يغيّر اسمه، لأنني خائفة عليه من اليهود، لكن لم يسمع كلامي، وطلب مني السكوت".

تعتقد الجدة، كما كثير من الفلسطينيين، أن تسمية الولد باسم قريب ميت سينقل له قدره، وهذه المرة صاب ظنها ولم يخب، فقبل 27 عاماً كان لفاطمة ولد اسمه محمد، قتلته قوات الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد، ليكون أول شهيد يسقط في برقين، أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وبعد استشهاده بسنوات، أنجب ابنها أحمد طفله البكر وسمّاه "محمد" تيمّناً باسم شقيقه الشهيد.

كان قدر محمد علاونة الشهيد الجديد، مطابقاً بشكل لا يصدق لقدر عمه محمد علاونة الشهيد الأول، فكلاهما قُتل برصاص جيش الاحتلال، وكلاهما سقط في السن ذاته (19 عاماً).
يقول أحمد علاونة والد الشهيد "سميته محمد حفظاً لذكرى أخي محمد، وإذ به يلحق بعمه، قتلوه فجراً، وقتلوا أخي في عز الظهر".

يقطع علاونة حديثه ليسلّم على مجموعة عسكرية من قوات الأمن الوطني الفلسطيني الذين حضروا لتقديم العزاء، ثم يعود لمتابعة حديثه "لم يكن محمد نائماً في البيت ليلة استشهاده، إنه ينام منذ أربع سنوات عند جده وجدّته ويرعاهما".

في بيت الجد والجدة، ثمة صوت أنين مخنوق، يتسرب من الغرفة التي لن ينام فيها محمد بعد الآن وإلى الأبد. إنه صوت جده "محمود" المريض الذي شكا لنا مصائب الدنيا، والدموع تنهمر بغزارة على شقوق وجهه المتعب.

قال الجد: "ضربتين عالراس. قتلوا ابني وابن ابني"، ثم ما إن رأى زوجته فاطمة تدخل الغرفة أخذ يصرخ بعصبية "لماذا لم تقولي لي إنه استشهد؟ كنت أريد أن أذهب إلى المستشفى، لو قلت لي لذهبت ماشياً إليه".

محمود لا يستطيع المشي، كان محمد عكازه في البيت، ينقله لقضاء حاجته، ويأخذه إلى دكانه الصغير، يطعمه اللقمة بيده، أما الآن فلا بواكي له. ويواصل: "قالت لي في جيش بالبلد ولم تقل لي إن محمد استشهد".

وتقول الجدة فاطمة: "لم يوجعني محمد ابني كما حفيدي اليوم، تألمت عليه أكثر من أمه، كان سند جده المريض، أوقظه في الليل لمساعدة جده على المشي إلى الحمام، أُرسله لجلب الخبز من المخبز، أتوكأ عليه عندما أتعب"، تغرق هي الأخرى في بكاء طويل.