الشرطة السودانية تطلق الغازات على متظاهرين أمام مجلس الوزراء

الشرطة السودانية تطلق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين أمام مجلس الوزراء

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
17 اغسطس 2020
+ الخط -

أطلقت الشرطة السودانية، الاثنين، الغاز المسيل للدموع على متظاهرين أمام مجلس الوزراء، وذلك خلال مشاركتهم في موكب "جرد الحساب"، الذي دعت إليه لجان المقاومة بغرض محاسبة الحكومة الانتقالية، وذلك بمناسبة مرور عام على توقيع الوثيقة الدستورية وتعيين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

وبعد ساعتين من بقائهم أمام البوابة الرئيسية للمجلس، دخل عدد من المحتجين في احتكاك مع الشرطة، بعد خطب حماسية تُليت أمام المجلس، اضطرت معها الشرطة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع، وفرقت جموع المحتجين أمام المجلس، الذين انسحبوا إلى شوارع أخرى قريبة، حيث يستمر الكر والفر بينهم وبين الشرطة.

وأفادت مصادر من لجان المقاومة بأن عدداً من المتظاهرين تعرضوا للاختناق بسبب الغاز المسيل للدموع.

من جهتها، قالت لجنة الأطباء المركزية، إن 5 من المشاركين في موكب "جرد الحساب" تعرضوا لإصابات، وذكرت في تقرير لها على صفحتها بموقع "فيسبوك" أن الإصابات نتجت عن استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع واستخدام العصي والهراوات.
وأشارت إلى أن الإصابات تفاوتت "ما بين الجروح القطعية وإصابة في الوجه أو الصدر وتهتك أنسجة وكسر لأحد المصابين في الساعد الأيمن، هذا غير حالات اختناق جراء الغاز المسيل للدموع".


واعتبرت اللجنة ما قامت به الشرطة بأنه "سلوك مجافٍ لقيّم وأخلاق الثورة العظيمة التي جاءت لوقف السحل والضرب والإهانة وقمع الثوار السلميين"، منوهة إلى أن ما حدث يعيد إلى الأذهان عهد نظام البشير "الذي لولا تضحية هؤلاء الثوار لما كانت هذه الحكومة"، وفق التقرير.
وأضافت اللجنة بأنه "لا مجال للإدانة والشجب ولن نرضى بأن يخرج علينا رئيس مجلس الوزراء وطاقمه الحكومي بحججٍ واهية ولجانٍ بائسة وتبريراتٍ غير مقبولة، فما حدث اليوم من ضرب واعتقال أمام مرأى ومسمع الجميع يجب أن يقابل بعلاجٍ فوري هذا أو الطوفان".

قالت الشرطة في بيان لها أن مجموعات في موكب اليوم حاولت اقتحام مجلس الوزراء ما دفعها إلى استخدام الغاز المسيل للدموع.
من جهتها، صرّحت الشرطة، في بيان صحافي، أن "التجمعات بدأت بشكل سلمي وحضاري يعبر عن الثورة التي اتصفت بالسلمية وسط تنظيم ملحوظ"، مشيرة إلى أن "انحرافات قد حدثت في مسار التجمع حين حاولت مجموعات اقتحام مجلس الوزراء، وإزاء ذلك قامت قوات الشرطة بإنفاذ القانون، ووفقاً لنصوصه، استخدمت الغاز المسيل للدموع حسب تقدير الموقف للقيادة الميدانية، وهو ما نتجت عنه إصابات متفاوتة وسط المتظاهرين، وقوات الشرطة وتم إسعافهم للمشافيط.
إلى ذلك، قال تجمع المهنيين السودانيين إن خيارات التصعيد ضد الحكومة الانتقالية تبقى مفتوحة بعد رفض حمدوك الخروج من مكتبه لمخاطبة المتظاهرين في موكب "جرد الحساب".
وأضاف التجمع في بيان له بعد ساعات من إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، أنه يجري تقييماً للخيارات المتاحة، عبر تنسيقيات لجان المقاومة، وسيُعلن عنها فور الاتفاق على الخطوات. 


وأشار البيان إلى أنه وفي مسلك غير مقبول قامت رئاسة مجلس الوزراء بإرسال أحد موظفيها لاستقبال مواكب جرد الحساب، معتذراً بانشغال رئيس الوزراء. وأضاف أنه حين عبّر الثوار عن رفضهم للتصرف تدخلت قوات من الشرطة والقوات النظامية باستخدام العنف ومحاولات تفريق المواكب.
وتابع أنه "كان على رئيس الوزراء وطاقمه التحلي بفضيلة الاستماع لمن أتوا بهم إلى مواقع المسؤولية، بل ومخاطبتهم بما يستجيب لمطالبهم". 

وانطلق موكب رئيسي من وسط العاصمة الخرطوم حمل خلاله المتظاهرون صوراً لشهداء الثورة السودانية ولافتات تدعو إلى القصاص للشهداء وتحقيق العدالة ومحاكمة رموز النظام السابق، والرئيس عمر البشير. وأعادوا ترديد شعارات الثورة: "حرية، سلام وعدالة، والثورة خيار الشعب"، وهتافات تدعو إلى نبذ القبلية ووقف الاقتتال القبلي في عدد من مناطق السودان.

تعد لجان المقاومة إحدى أذرع الثورة السودانية حيث أشرفت على تحريك الأحياء والمدن أيام الثورة

وشهدت منطقة وسط الخرطوم شللاً تاماً منذ الساعات الماضية بعد تمركز قوات الشرطة في عدد من النقاط الأساسية في الخرطوم، وإغلاق الجيش لكل الطرق المؤدية إلى مقر قيادته العامة التي شهدت العام الماضي أكبر اعتصام في تاريخ السودان، الذي تُوِّج بإسقاط البشير.
وحددت لجان المقاومة اليوم موعداً لمواكبها، لتزامن ذلك مع مرور عام على توقيع الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير التي أفضت إلى تشكيل السلطة الانتقالية الحالية. وتعد لجان المقاومة إحدى أذرع الثورة السودانية، حيث أشرفت على تحريك الأحياء والمدن أيام الثورة على النظام السابق، وتؤكد أنها مصممة على مواصلة مشوار التصعيد هذه المرة لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
وأصدرت حكومة ولاية الخرطوم بياناً أعلنت فيه أنها ستعمل على حماية المواكب وتأمينها، حسب المسارات المعلنة من قبل المنظمين، "وذلك حفاظاً على الحريات والتعبير بشكل سلمي عن الرأي، كما عودنا ثوار ديسمبر الماجد".
وأشارت إلى أنه على غير المرات السابقة، فإنها لن تُغلق الجسور المؤدية إلى وسط الخرطوم، ضماناً لعدم التضييق على تحركات المواطنين الآخرين، لافتة إلى أن السلطات المختصة ستنظّم حركة السير في الشوارع المختلفة، وستظل كل الجسور تعمل بشكلها الطبيعي. وأكدت حكومة الولاية "مدّ يد التعاون لجميع مكونات الثورة بناءً للثقة، وحفظاً لكرامة المواطن، والعمل يداً واحدةً لتحقيق أهداف الثورة والوفاء لدماء الشهداء".
ودعت المتظاهرين إلى التزام المواقيت المعلنة من منظمي المواكب، والتزام حظر التجول الصحي الذي يبدأ عند الساعة السادسة مساءً، مع مراعاة الاحترازات الصحية لمجابهة جائحة كورونا، وعلى رأسها التباعد الاجتماعي داخل المواكب، حفاظاً على صحة المواطنين.
وكان "تجمع المهنيين السودانيين" قد أعلن، أمس الأحد، تأييده للمواكب التي أعلنتها لجان المقاومة للمطالبة بتصحيح مسار الثورة.
وذكر التجمع، في بيان نشره عبر صفحته الرسمية في "فيسبوك"، أنه يقف بكل حزم إلى جانب لجان المقاومة التي دعت إلى هذه المليونيات، ويؤكد شرعية مطالبها وأولوياتها.
ووجه التجمع انتقادات واسعة لأداء حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وأشار إلى أن ملف السلام ما زال يراوح مكانه، ويتولاه المجلس السيادي، في مجافاة لنص الوثيقة الدستورية، واستمرار تغييب المجلس التشريعي واحتكار مجلسي السيادة والوزراء لدوره وسلطاته، إضافة إلى تجاهل المطالب بضم شركات القوات النظامية والأجهزة الأمنية إلى ولاية وزارة المالية.
وانتقد التجمع ما عدّه تراخياً في خطوات محاسبة القتلة والمفسدين منذ 1989 وحتى جرائم فضّ الاعتصامات، وعدم اتخاذ إجراءات تؤكد التزام السلطات بتحقيق العدالة التي هي من أهم أهداف ثورة ديسمبر.


وفي بيان له بمناسبة مرور عام على توقيع الوثيقة الدستورية، قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إن البلاد تواجه جملة من التحديات، أهمها تحدي السلام، الذي ذكر أن "الحكومة قطعت فيه خطوات في مرحلته الأولى، التي تكاد أن تكتمل باتفاق الترتيبات الأمنية مع أطراف عملية السلام الذي يجري التباحث عليه في جوبا".

وأشار إلى أنه بقيت مرحلة ثانية مع حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. وأوضح حمدوك أن "الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري والحرية والتغيير العام الماضي وكذلك الوثيقة الدستورية جاءا بهدف وقف نزف الدم السوداني الغالي وفتح آفاق لمستقبل أفضل تظلله رايات شعار الثورة حرية، سلام وعدالة"، مؤكداً أن "قضايا تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا تظل إحدى أهم المهام التي تواجه الحكومة، والتي نعمل من أجلها لإنتاج نموذج سوداني للعدالة الانتقالية يفتح الأبواب للمستقبل ويعبّد الدروب للانتقال".

ذات صلة

الصورة
تحقيق تهريب السوريين

تحقيقات

للمرة الثانية يضطر السوريون إلى ترك كل ما يملكون وراء ظهورهم للنجاة بحياتهم، فراراً من حرب السودان، إذ يسلكون دروباً صحراوية شديدة الخطورة للانتقال إلى مصر
الصورة
أطفال سودانيون في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور في السودان (الأناضول)

مجتمع

أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنّ طفلاً واحداً على الأقلّ يقضي كلّ ساعتَين في مخيّم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان بسبب سوء التغذية.
الصورة

سياسة

قالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 300 ألف شخص فروا من القتال على جبهة جديدة في حرب السودان مع دخول مقاتلين من قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش مدينة ود مدني.
الصورة
نازحون سودانيون في مدرسة في وادي حلفا 1 (أشرف شاذلي/ فرانس برس)

مجتمع

في فناء رملي لمدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء للنازحين في شمال السودان، يلعب أطفال بالكرة. من حولهم، ينتظر عشرات الأشخاص المنهكين الفارين من الحرب، منذ أشهر، تأشيرة دخول الى مصر.