السينما المغربية 2019: تراجع الإنتاج وارتفاع التوزيع

السينما المغربية 2019: تراجع الإنتاج وارتفاع التوزيع

12 ابريل 2020
فيلم "أيّام الصّيف" للمخرج فوزي بن السعيدي (Getty)
+ الخط -
من السنن الحسنة التي دأب عليها "المركز السينمائي المغربي" الحرص على إصدار تقرير عن حصيلة الممارسة السينمائية السنوية، بمناسبة كل دورة من دورات "المهرجان الوطني للفيلم بطنجة" (تُقام دوراته السنوية عادة في فبراير/ شباط)، تُنشر نسخة رقمية منه على الموقع الإلكتروني للمركز، ليصبح مرجعاً أساسياً في متناول الباحثين والمهتمّين، ومنجماً غنياً بالمعلومات حول الجوانب المتعلقة بالسينما المغربية: الإنتاج والتوزيع والاستغلال، مع أرقام ترصد كلّ صغيرة وكبيرة، وأحياناً تطوّر أهم المؤشّرات في الأعوام الأخيرة. ما هي أهم الخلاصات والاستنتاجات التي يمكن الخروج بها من خلال قراءة حصيلة عام 2019؟

الإنتاج
أول ما يثير الاهتمام في جدول الإنتاج الحضور المهم للأفلام المُنتجة بمبادرة خاصة، التي يبلغ عددها 9، أبرزها: "أيّام الصّيف" لفوزي بن السعيدي، و"بيصارا أوفردوز" لهشام العسري، و"أسماك حمراء" لعبد السلام الكلاعي. بينما أُنتج 13 فيلماً بفضل نظام صندوق الدعم، لعلّ الأكثر ترقّباً منها: "ميكا" لإسماعيل فروخي، و"حيطان منهارة" لحكيم بلعباس، و"دفتر ذكريات" لمحمد الشريف طريبق، و"زنقة كونتاكت" لإسماعيل العراقي. هكذا يصل عدد الأفلام المنتجة إلى 22، بتراجع ملحوظ عن عامي 2018 (30 فيلماً)، و2017 (39 فيلماً). من المؤشّرات المهمّة التي تركّز عليها الحصيلة، هناك الأفلام الأولى لمخرجيها من تلك الحاصلة على "منحة التسبيق على المداخيل"، برسم نظام صندوق الدعم. نسبة تلك الأفلام ارتفعت من 25 بالمئة عام 2016 إلى 45 بالمئة عام 2017، ثم إلى 50 بالمئة عام 2018. أما الإنتاجات الأجنبية المصوّرة في المغرب، فارتفعت ميزانياتها بنسبة 81.8 بالمئة عن أرقام عام 2018، بفضل التحفيز المالي المعمول به حالياً، والمتمثّل بحسم 20 بالمئة من الاستثمارات المنجزة في المغرب من طرف مُنتج أجنبي. من أبرز تلك الإنتاجات عام 2019، فيلمان طويلان: "آخر الكواكب" لتيرينس ماليك، و"كلمات أخيرة" لجوناثان نوسيتر، وحلقات من السلسلة الأميركية "هوملاند".

التوزيع
بلغ عدد الأفلام الموزّعة في المغرب 191، استحوذت أفلام الولايات المتحدة الأميركية على حصّة الأسد منها، بنسبة 43 بالمئة، متبوعة بالأفلام المغربية (20 بالمئة)، والفرنسية (13 بالمئة). وبخصوص حصص السوق لدى الشركات الموزّعة، هناك تركيز على نشاط التوزيع، إذْ اشتكى من تبعاته مهنيون ومراقبون: 32 بالمئة منها لشركة "ميغاراما المغرب"، مالكة أكبر سلسلة مجمّعات سينمائية في المغرب، بفروعها في معظم المدن الكبرى، كالدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وفاس.

الاستغلال
ما يجذب الانتباه أنّ 17 فيلماً طويلاً فقط (كلّها روائية، فالفيلم الوثائقي غائبٌ تماماً)، أُطلقت عروضها التجارية عام 2019، ما يطرح مجدّداً إشكالية اقتصار تركيز التوزيع على نوع معيّن من الأفلام، وهذا يحدّ من تنوّع العرض السينمائي في القاعات، مقارنة مع تنوّع الأفلام المُنتجة. من جهة ثانية، يعكس ارتفاع مجموع مبيعات التذاكر في القاعات المغربية (بنسبة 17 بالمئة، مع بيع مليون و883 ألف تذكرة)، الانتعاشة النسبية التي يشهدها قطاع الاستغلال، بفضل برنامج دعم تحديث القاعات، الذي أفاد مجمّع "غويا" في طنجة (3 قاعات)، وقاعة "الدوليز" في مكناس بمبلغ مليون و623 ألف درهم مغربي (الدرهم المغربي يُساوي 0.098 دولار أميركي)، ودعم إنشاء مجمّعات سينمائية جديدة، فصُرف مليونان و200 ألف درهم مغربي لإنشاء مجمّع "ميغاراما" الجديد في الرباط (12 قاعة).

بالإضافة إلى برنامج دعم رقمنة العرض المستمر، الذي يكاد يغطي القاعات المغربية كلّها. تستأثر المجمّعات السينمائية بـ80 بالمئة من سوق مبيعات التذاكر، مقابل 10 بالمئة لقاعة "آيماكس" في الدار البيضاء، و10 بالمئة فقط تقتسمها القاعات الكلاسيكية وقاعات الأحياء الـ22، وبينها قاعات لم تتجاوز مبيعاتها 3500 تذكرة طيلة العام الفائت.

من ناحيتها، سجّلت مبيعات الأفلام المغربية 473 ألف تذكرة، بنسبة 25 بالمئة من مجموع المبيعات، لتحلّ في المرتبة الثانية بعد الأفلام الأميركية، المستحوذة على 60 بالمئة من حجم مبيعات شبّاك التذاكر. أما المركز الثالث، فشغلته الأفلام الفرنسية، مُسجّلة رقماً مخيّباً (2.78 بالمئة)، مقارنة بحجم حضورها في القاعات. تربّعت كوميديا إبراهيم شكيري، "مسعود وسعيدة وسعدان"، على رأس مبيعات شباك التّذاكر، مع 170 ألف تذكرة، متبوعة بفارق لا يتجاوز بضعة آلاف تذكرة لـ"جوكر" لتود فيليبس، و"الأسد الملك" لجون فافرو، الذي حلّ ثالثاً مع 107 آلاف تذكرة. ويعكس شبّاك التذاكر المغربي، مرّة أخرى، هيمنة ساحقة للكوميديا على سوق الأفلام، مع 5 أفلام في المراتب الأولى لمبيع التذاكر.

إلى ذلك، خصّص تقرير الحصيلة فقرةً لجهود رقمنة أرشيف الفيلم المصوّر، التي بدأت منذ 4 أعوام، للاستغلال الأمثل للموروث الثقافي المغربي المُصوّر، والحفاظ عليه، إذْ اقتنى "المركز السينمائي المغربي" معدّات رقمية خاصة لضمان الاستقلال الكامل لهذه العملية. ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، شرع المركز في ترقيم الأفلام المغربية بجودة k4 بدلاً من k2، بغية إيصال المدة المرقمنة إلى 19 ألف دقيقة في المجموع عام 2020، بينها 580 دقيقة للأفلام الطويلة، و110 للأفلام المتوسطة، و235 للقصيرة، و2302 للأفلام الوثائقية، و12773 للأنباء المُصوّرة و1500 لأرشيف "باتي" (Pathé).

المساهمون