السيسي يهادن في أزمة سد النهضة: لا تهديد ولا حسم

السيسي يهادن في أزمة سد النهضة: لا تهديد ولا حسم

29 يوليو 2020
السيسي "طمأن" المصريين من مخاطر سد النهضة (Getty)
+ الخط -

حسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخيارات المصرية المتاحة في قضية سد النهضة الإثيوبي، رافضاً التلويح بتهديد الإثيوبيين وبالعمل العسكري ضد السد. ودعا الشعب المصري لـ"العمل الجاد والتعاون مع الحكومة" في المشاريع التي تهدف إلى تقليل الأضرار الحتمية الناتجة عن إنشاء السد وتشغيله وملئه. وأضاف السيسي، أمس الثلاثاء، خلال حضوره افتتاح مشروع مدينة الجلود وبعض مشروعات الغزل والنسيج بمنطقة الروبيكي، أن "مصر تخوض معركة تفاوض بشأن سد النهضة، لكنها ستطول"، مشدّداً على أنه "يطمئن المصريين بسبب عدالة قضيتهم، ولأن هذا النيل كان هبة الله إليهم منذ العصور القديمة ولا يستطيع أحد منعهم من الاستفادة منه". وجاء ذلك بالتزامن مع احتدام الخلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا، على طبيعة الجولة التفاوضية المقبلة التي من المقرر أن تبدأ يوم الأحد المقبل، على مستوى وزراء الري بالدول الثلاث. وركز السيسي في تصريحاته على أن "العمل هو سلاح المصريين القلقين من سد النهضة"، قائلاً: "انتو قلقانين وهذا حقكم المشروع والطبيعي لأن النيل هو حياتنا، وأنا معكم، وأنا أطمئنكم. ومن يقلق يجب عليه العمل أكثر ليكون قادراً وقوياً". وانتقد من يدعون للعمل العسكري أو التخريبي للسد: "مع احترامي لكل الآراء، انت قلقان ما تهددش حد وما تتكلمش كتير بكلام ما لوش لزوم"، موضحاً أن مصر تؤمن بحق الآخرين في التنمية مثلها، وفي نفس الوقت اقتسام جميع الأطراف للأضرار المتوقعة فيما بينهم. واستطرد: "يجب على كل واحد فينا أن يكون أسداً صغيراً في مجاله، لنصبح سوياً أسداً كبيراً. الأسد محدش بياكل أكله ومحدش يجور على حقه". ورفض السيسي الحديث عن احتمال عدم التوصل إلى اتفاق، مدّعياً أنه سيتم التوصل إلى اتفاق يضمن عدم الإضرار بمصر "بإصراركم وإصرارنا وعملكم واجتهادكم". وعدّد بعض المشروعات التي دعا المصريين للمساهمة فيها، ليس بمجهودهم فقط، ولكن أيضاً بأموالهم، مثل تبطين الترع (عملية تهدف إلى تقليص تسرب مياه الري)، وإنهاء المرحلة الأولى التي يبلغ طولها الإجمالي 20 ألف كيلومتر، وتغيير نظم الري لتصبح أكثر قدرة على توفير المياه، ووقف البناء والاعتداءات على الترع ومسارب المياه.

دعا السيسي المصريين إلى التقنين في استخدام المياه
 

وأفادت مصادر فنية بوزارة الري المصرية لـ"العربي الجديد"، أن الاجتماع التحضيري الذي عقد أخيراً، خُصص للوقوف على حصيلة ما تم خلال المفاوضات السابقة، بعد التغيّر الذي طرأ على الموقف الفني والبيئي بإتمام المرحلة الأولى من ملء السد، والاتفاق في القمة الأفريقية المصغرة، التي عُقدت الأسبوع الماضي، على أن يكون الاتفاق النهائي ملزماً، وهو ما تحاول إثيوبيا حالياً التنصل منه. وأضافت المصادر أن مصر اقترحت عقد اجتماعات متوازية بين الفرق الفنية والقانونية خلال مدة زمنية محددة، لا تتجاوز الشهر، ثم مراجعة مخرجات تلك الاجتماعات بواسطة الوزراء، على أن يتم تشكيل لجنة صياغة موحّدة بعضوية أطراف مراقبة تختارها الدول الثلاث، للمشاركة في صياغة الاتفاق النهائي الملزم، خشية أن تستمر المفاوضات لأجل غير مسمى، وهو ما تخشاه مصر حالياً. وأوضحت المصادر أن السودان اقترح العودة لتفويض بعض مكاتب الخبرة بالتعاون مع الخبراء المحليين في كل دولة، للتوصل إلى اتفاق نهائي. واقترح أيضاً إعادة الحياة للجنة الوطنية العلمية التي كان قد تمّ الاتفاق منذ عامين تقريباً على تشكيلها، بعضوية ممثلين للدول الثلاث، قبل تعطّل أعمالها بسبب تعنت إثيوبيا. أما إثيوبيا، فبحسب المصادر، كان تركيزها خلال الاجتماع منصباً على فكرة المحاصصة وتقاسم المياه، وإمكانية تأجيل الاتفاق بشقيه الفني والقانوني إلى ما بعد التشغيل الأول للسدّ لإنتاج الكهرباء تدريجيا العام المقبل، وهو ما رفضته مصر والسودان تماماً. مع العلم أن مصادر فنية حكومية ودبلوماسية مصرية واسعة الاطلاع على مجريات التفاوض، ذكرت أن وزارتي الري والخارجية كانتا تتلقيان باستمرار رسائل طمأنة من جهاز المخابرات العامة والدوائر اللصيقة برئاسة الجمهورية، مفادها أن الموقف المصري الفعلي في القضية قوي وأن العلاقة بين السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترامب سيكون لها أثر إيجابي في التوقيت الحاسم من القضية، وأن الاتصالات الجارية مع الروس والفرنسيين وحتى الصينيين تؤكد عدم قبول أي من تلك الدول إيقاع الضرر بمصر، رغم الفشل في استصدار قرار أو بيان من مجلس الأمن ضد إثيوبيا. لكن الرهان الوحيد على أميركا تحت قيادة ترامب لحل قضية سد النهضة والخروج باتفاق يهدف لتقليل الأضرار لا يضمنه شيء، لأن أميركا من أقل الدول مساعدة لإثيوبيا في مشروع السد وتأثيراً عليها في هذا الإطار، أما الدول الأكثر مساعدة لها اليوم واستفادة من السد غدا، مثل الصين وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، فهي ما زالت مقتنعة إلى حد كبير بالمصفوفات الإثيوبية التي تدّعي عدم إيقاع أي أضرار بمصر في أي مرحلة من ملء وتشغيل السد، على النقيض تماماً من المصفوفات والتقارير الفنية المصرية.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية