السيسي يفتتح عاصمته الخضراء بقروض المصريين: "ماتشغلوش بالكم بالتكلفة"

السيسي يفتتح عاصمته الخضراء بقروض المصريين: "ما تشغلوش بالكم بالتكلفة"

11 أكتوبر 2017
خلال اطلاق مشروع العاصمة الخضراء (عن يوتيوب)
+ الخط -

على مدار سبع ساعات كاملة، سخّرت الفضائيات المصرية، الحكومية والخاصة، برامجها للتغطية المباشرة لوقائع افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشروعات المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة، الأربعاء، الممولة بواسطة القروض الخارجية (تضاعفت في عهد الأخير لتسجل 79 مليار دولار في يونيو/ حزيران الماضي)، حتى تكون بمثابة ملاذ آمن لرموز النظام الحاكم، ورجال الأعمال.

واستوحى السيسي فكرة عاصمته الإدارية من "المنطقة الخضراء"، الواقعة في العاصمة العراقية بغداد، ويحيطها سور من الإسمنت الصلب بارتفاع 17 قدماً، تعلوه الأسلاك الشائكة، لعدة كيلومترات، وتتولى حمايتها قوات خاصة، ويقطنها مسؤولون حكوميون، ونواب في البرلمان، والتي كانت تمثل مركزاً لسلطة الاحتلال الأميركي، وحول إليها العديد من المقار الحكومية.



وقال السيسي في كلمته، إن نقل مقار وزارات الحكومة من وسط القاهرة إلى العاصمة الجديدة "جاء لتجهيزها بالتقنيات الحديثة، وتسهيل عمل الحكومة الإلكترونية (الذكية)"، مضيفاً "حالياً بنجهز أعضاء الحكومة بشكل يستطيعون فيه التجاوب مع التقنيات.. وعايز أوضح للمصريين إننا مش بننقل، ولا بنعزل.. إحنا بنتحرك بفهم، وعمل، ونظام جديد".

وتابع السيسي: "إحنا عايزين الجهاز الإداري يتحسن أداؤه بشكل متميز، وإحنا مش بننقل بس المكان، لكن ده نقل بإعداد وتجهيز جيد.. ومش ممكن نبدأ مشروع، وإحنا مستعدين له من كافة الجوانب، وعارفين هانعمله إزاي، أو نجيب فلوسه منين.. ماتشغلوش بالكم بأي تكلفة، وأي مشكلة تواجه تنفيذ المشروعات بالعاصمة الجديدة هاتخلص، وأنا عارف هاتخلص إزاي".

وعن الحوادث الإرهابية المتكررة في سيناء، قال "الإرهاب لن يمنعنا من عمل تنمية حقيقية، فمواجهة التطرف لا بد وأن يصاحبها تعمير الأطراف الحدودية، مثل شلاتين، وشرق العوينات، وسيناء"، مشيراً إلى أن حجم التكلفة المادية المرصودة للتنمية في محافظات سيناء، والإسماعيلية، والسويس، وبورسعيد، يصل إلى 150 مليار جنيه، من دون الكشف عن مصادر تدبيرها.

معالجة الصرف

كذلك لفت إلى أنّ "المساحات الخضراء التى يجري تدشينها بالمدن الجديدة تأتي في إطار حرص الدولة على الاستفادة من مياه الصرف الصحي، بعد معالجتها، لتجنب هدرها من دون فائدة"، مضيفاً "إحنا بنستفيد من مياه الصرف، وعاملين برنامج ضخم عشان نوصل لمليارات الأمتار المعالجة من المياه، وإعادة استخدامها في المناطق الخضراء".

وتابع "التخطيط المميز يشمل المدن الجديدة كلها، بنفس المستوى، وليس العاصمة الإدارية فقط.. وما ننفذه حالياً من مشروعات سيتوقف عنده التاريخ، فنحن في طريقنا للقضاء على العشوائيات"، مستدركاً بأن "الوقت ما زال مبكراً لنقول إن مصر دولة حديثة، فقد بدأنا أول خطوة حديثة، من خلال الاحترام النابع من العمل، وحسن التخطيط".

184 ألف فدان

من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية، لواء الجيش السابق، أحمد زكي عابدين، إنه "لم ينم طيلة الليلة التي كُلف فيها بالإشراف على المشروع"، وإنه "يبحث - منذ تكليفه - عن الموارد المالية، والعمالة، والأدوات اللازمة لإنجازه"، مشدداً على أهمية تضافر أجهزة الدولة، وطاقاتها، لإنجاحه، لأن الشركة التي يديرها "لن تستطيع وحدها إنجاح المشروع، إلا بتضافر جهود الجميع".


وأضاف عابدين، والذي شغل منصب وزير التنمية المحلية في عهد حكم "الإخوان"، أن لديه ملاحظات على تخطيط المدينة، وناقشها مع المكاتب الاستشارية، وشركاء التنمية، ووزارة الإسكان، موضحاً أن إجمالي مساحة مشروع العاصمة يبلغ 184 ألف فدان، نتيجة تزايد الطلب من قبل المستثمرين، والجامعات، والمدارس الدولية، الأمر الذي يتطلب تعديل التخطيط، وتدبير إمكانيات مالية "ضخمة جداً".

وأفاد عابدين بأن زيادة المساحة المخصصة للحي السكني من ألف وخمسمائة فدان إلى خمسة آلاف فدان "يلقي بأعباء كبيرة على المرافق بأنواعها"، مستطرداً "المستثمرون ينتظرون في قوائم طويلة، ولدينا طلبات بإنشاء نحو 12 جامعة دولية"، فيما تواصلت الشركة مع البنوك من أجل توفير الموارد الخاصة بمنطقة المال والأعمال، المقرر البدء في إنشاؤها عقب توزيع المساحات.

ضغط مدة التنفيذ

وقال عابدين "نحتاج 650 ألف متر مكعب يومياً من المياه لمشروعات العاصمة الجديدة،

ويوجد لدينا حلم في المناطق الخضراء، إلا أن الواقع يفرض علينا التفكير في مدى كفاية مياه الري لتلك المساحات"، متابعاً "سنستقطع نسبة من مياه الشرب للري فى بداية المشروع، وتجميع المساحات الخضراء كبداية، مع ضرورة تخطيط في الأماكن المهمة دون غيرها".

وطالب رئيس شركة العاصمة الإدارية، السيسي، بزيادة مدة تنفيذ المشروع، قائلاً "على الرئيس أن يراعينا في مدة التنفيذ شوية، لأنه دايماً ما يضغط بشأنها"، وهو ما قابله الأخير بابتسامة باهتة، من دون أن يعلق.

إلا أن وزير الإسكان والمرافق، مصطفى مدبولي، رأى أن مشروع العاصمة الإدارية سينفذ في وقت قياسي، وفي أسرع وقت ممكن، طبقاً لتوجيهات السيسي، مشيراً إلى أهمية إنشاء جيل من المدن الجديدة، لاستيعاب الزيادة السكانية المتوقعة، في ضوء استيعاب المدن الجديدة القائمة حوالي سبعة ملايين نسمة، ما نسبته 20 في المائة من سكان الحضر.

استيعاب 6.5 ملايين نسمة

وقال مدبولي إن عدد سكان القاهرة الكبرى سيرتفع من 18 إلى 40 مليون نسمة بحلول عام 2050، ما يستلزم إنشاء مركز حضري جديد للعاصمة، لاستيعاب نحو ستة ملايين ونصف المليون نسمة، وتخفيف الضغط على المناطق الحضرية، والتاريخية بالعاصمة القاهرة، وتعزيز وتطوير الإمكانات الاقتصادية للبلاد، والعمل على تنوعها، حسب تعبيره.

وعن معايير اختيار موقع العاصمة الإدارية، قال إنها تقع على بعد 32 كم من مطار القاهرة، و45 كم من وسط القاهرة، و80 كم من السويس، و55 كم من شمال غرب خليج السويس، والعين السخنة، معترفاً بتعرض المشروع لهجوم كبير في بداية تنفيذه، إلا أنه تتضح مع الوقت الحاجة الملحة للعاصمة الإدارية، وغيرها من المدن الجديدة، لاستيعاب الزيادة السكانية الهائلة، وفق قوله.


وتابع: "سيتم نقل الأجهزة، والمباني الحكومية، إلى العاصمة الإدارية، التي روعي في تصميمها أن يتوسطها نهر أخضر، وتكون جميع أحياء المدينة مرتبطة به، محاكاة لنهر النيل، والذي يتوسط مدينة القاهرة، كما روعي استيعاب الحركة المرورية لأكثر من 150 عاماً مقبلاً، من خلال تنفيذ أنفاق للبنية الأساسية، كما هو الحال في المدن العالمية، تجنباً لتكسير الشوارع، في حالة صيانة المرافق.

وعن المخطط الاستراتيجي للعاصمة قال إنه سيتم تخصيص 30% منها لقطاع الأعمال

(مدينة المال والأعمال)، لخدمة إقليمي القاهرة الكبرى، وقناة السويس، وتخصيص 25 كم2 للحديقة المركزية، والنهر الأخضر، وإنشاء 20 حياً سكنياً، ومطار دولي بمساحة 33 كم2، وشبكة طرق رئيسية بطول 650 كم، وربط العاصمة بشبكة النقل الجماعي، والسكك الحديدية.

وأوضح مدبولي أن مساحة الحي السكني الثالث، والذي تشرف على تنفيذه وزارته، تبلغ ألف فدان، وتنقسم إلى 8 مجاورات، تضمن مناطق فيلات (328 فيلا)، وعمارات سكنية (699 عمارة – 19984 وحدة)، وتاون هاوس (157 مبنى – 624 وحدة)، ومناطق سكنية تجارية (140 عمارة – 3360 وحدة سكنية – 1120 وحدة تجارية)، فضلاً عن منطقة أعمال مركزية تضم 20 برجاً، منها أعلى برج في أفريقيا بارتفاع 345 متراً.

مدينة الجيش للفنون

وزاد مدبولي: "سيتم تنفيذ مدينة للفنون والثقافة بالشراكة بين وزارتي الدفاع (الجيش) والإسكان خلال 30 شهراً"، وتضم "قاعة احتفالات كبرى تستوعب 2500 شخص مجهزة بأحدث التقنيات، ومسرحاً صغيراً بقاعتين تستوعبان 750 شخصاً للعروض الخاصة، ومركزاً للإبداع الفني، وقاعة عرض سينمائي يتم ربطها بالأقمار الصناعية، وثلاث قاعات للتدريب، ومتحفاً مفتوحاً للفن الحديث، ومكتبة مركزية تسع ستة آلاف شخص".

بدورها، قالت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، إن حجم الاستثمارات الكلية في مصر، يصل إلى 10 آلاف و387 مشروعاً، بإجمالي استثمارات 1.3 تريليون جنيه، لافتةً إلى الانتهاء من 5 آلاف و386 مشروعاً منها، في حين تحتاج الدولة إلى ضخ استثمارات كبيرة في كافة قطاعاتها، لزيادة المشروعات، وتحقيق معدلات نمو مرتفعة.

أزمة الكهرباء

أما وزير الكهرباء، محمد شاكر، فلفت إلى أن النسبة الفعلية للتنفيذ بمحطة الكهرباء الرئيسية بالعاصمة الإدارية بلغت 92%، وتعمل بقدرة 4800 ميغا وات، وأن العمل جارٍ على تنفيذ محطات الكهرباء بتكنولوجيا حديثة (طاقة تبريد الهواء)، لاستهلاك نسبة أقل من الوقود، بالتعاون مع شركة "سيمنز" الألمانية، زاعماً أن ما تم إنجازه خلال العامين الماضيين بمحطة العاصمة "يفوق الخيال".

كذلك، أشار شاكر إلى وجود نقطة ضعف تتمثل في عدم الانتهاء من محطة "زهراء المعادي"، حتى تتمكن محطة العاصمة الإدارية من العمل بكامل طاقتها. فيما كشف رئيس مجلس إدارة الشركة أن "العاصمة الإدارية تأخذ من 5 إلى 6 آلاف ميغا وات من الشبكة القومية للكهرباء"، الأمر الذي يتطلب إنشاء محطات تستطيع العمل في الضغط العالي.