السويداء ضد الفتنة: مساعٍ لتحييد المحافظة وإحباط تحريض النظام

السويداء ضد الفتنة: مساعٍ لتحييد المحافظة وإحباط تحريض النظام

13 يونيو 2015
المعارضة عاودت الحشد في محيط مطار الثعلة (الأناضول)
+ الخط -
تنشط جهود واتصالات على خطوط عدة تتعلق بالوضع الناشئ حديثاً في محيط مدينة السويداء وريفها، لإيجاد صيغة يتم بموجبها تحييد المحافظة ذات الغالبية السكانية من الموحدين الدروز، بشكل يمنع وفقها النظام من استغلال المنطقة لقصف وقتل أبناء المناطق المجاورة، وفي الوقت نفسه تسمح بعدم تكرار جرائم طائفية، كالتي حصلت في ريف إدلب قبل أيام بحق مواطنين من الطائفة الدرزية على يد جبهة النصرة، وبالتالي تفويت الفرصة على النظام وحلفائه، لاستغلال الوضع لمصلحته، وإيصال المنطقة إلى المزيد من التوتر والاقتتال المذهبي. وتشترك قيادات من المعارضة السورية المسلحة مع ممثلين من أهالي السويداء في هذه المساعي، بحثاً عن صيغة "توافقية" تضمن إخلاء المحافظة ومحيطها من قوات النظام ومؤسساته، مقابل عدم دخول قوات تابعة للمعارضة المسلحة إلى داخل المحافظة.

وأفادت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" بأن إحدى الصيغ التي يجري تداولها تتضمن أن تتسلم مليشيات تابعة لرجل الدين، وحيد البلعوس، مطار الثعلة من قوات النظام، على أن ينسحب ذلك أيضاً على بقية القطع العسكرية والأمنية الموجودة في محيط وداخل المحافظة. وأوضحت المصادر أن قوات النظام قد تكون مجبرة في النهاية على التعاطي مع مثل هذه السيناريوهات، مقابل الحفاظ على سلامتها، مشيرة إلى أن هذا ما دعا المعارضة إلى سحب قواتها بعد ظهر الخميس من داخل مطار الثعلة، إذ اعترض الأهالي من بلدة الثعلة طريق قوات النظام التي كانت في طريقها للانسحاب من المطار، وأجبروها على البقاء فيه.


وكان البلعوس قد دعا الأهالي إلى إغلاق الطرق، والاستنفار والجهوزية الكاملة لاعتقال رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية التابع للنظام في المنطقة الجنوبية وفيق ناصر، مطالباً بمحاسبته على مخططات الفتنة التي سعى لتأجيجها بين درعا والسويداء، خصوصاً مع اتهام النظام بقصف السويداء المدينة أول من أمس، لزياد التوتر المذهبي واتهام المعارضة المسلحة بأنها هي مصدر القصف. وحمّل بيان "مشايخ الكرامة" مسؤولية ما يجري من عمليات إرهابية وإطلاق قذائف هاون على السويداء للجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في المحافظة.

اقرأ أيضاً: وئام وهاب يروج للفتنة المذهبية مستغلاً جريمة "قلب لوزة" 

وفي مقابل مساعي التهدئة هذه، واصل شيخ عقل الطائفة الدرزية في سورية حكمت الهجري، المعروف بموالاته الكاملة للنظام، إطلاق المواقف التي تصبّ في مصلحة سلخ طائفة الموحدين عن محيطها، فأطلق ما سماه نداءً إلى شباب السويداء، طالبهم فيه بالمسارعة إلى الالتحاق بالقطعات العسكرية التابعة للنظام داخل المحافظة، بعد التطورات الأخيرة. وأصدر الهجري بياناً في وثيقة رسمية حملت ختمه وتوقيعه، أكّد فيه أن نداءه يأتي بحسب توجيهات الرئيس السوري بشار الأسد، مخاطباً الأهالي باسم النخوة العربية وغيرة الدين. ويأتي هذا النداء في ظل تخلّف آلاف الشباب في المحافظة عن الخدمة العسكرية.

وفي أول رد فعل على بيان حكمت الهجري الذي عيّنه النظام في هذا المنصب، عقب وفاة الشيخ أحمد الهجري في حادث سير مشبوه، أعلن "مشايخ الكرامة" مدعومين بالأهالي بأنهم سيقومون بإقفال شُعَب التجنيد الثلاث في المحافظة. وذكر ناشطون أن "مشايخ الكرامة" بزعامة البلعوس قاموا بإرسال تحذير إلى موظفي تلك الشُعب من أجل الامتناع عن مواصلة الدوام فيها.  من جهته، قال العقيد المنشق حافظ فرج، إنه ضد التحاق شباب السويداء بالجيش النظامي لأن المعركة ليست معركتهم، معرباً عن اعتقاده بأن الأهالي لن يرسلوا أولادهم للموت بشكل رخيص.


ميدانياً، عاودت المعارضة صباح أمس الجمعة الحشد في محيط مطار الثعلة، بانتظار بلورة صيغة لطرد قوات النظام منه دون قتال، وإلا فإن مقاتلي المعارضة سوف يمضون في خطهم لاقتحامه. وكان مقاتلو المعارضة دخلوا المطار، وسيطروا على السرية الرابعة وبعض أجزاء الجهة الغربية داخله، ما دعا ناشطين إلى الإعلان عن تحرير المطار، لكن الاتفاق الآنف الذكر، إضافة إلى تكثيف طيران النظام من غاراته على محيط المطار، ووصول تعزيزات كبيرة من الدبابات والمدرعات إلى قوات النظام، دفع المعارضين إلى التراجع مع احتفاظهم بالسيطرة على السرية الرابعة، وأجزاء من الجهة الغربية للمطار.

اقرأ أيضاً: "جيش الموحدين"... خوف الأقليات واستغلال النظام

وقال مصدر في "جيش اليرموك" لـ "العربي الجديد"، إنه توجد في المطار كتيبة مدفعية وكتيبة دبابات وسبعة مستودعات للأسلحة، لكن الطائرات الموجودة فيه؛ وهي 3 من طراز ميغ ومروحيتان، جميعها معطلة، مشيراً إلى أن المطار متوقف عن العمل منذ فترة طويلة، ويُستخدم كقاعدة عسكرية لقصف المناطق المجاورة أكثر منه كمطار عسكري.
وأضاف أن ثمة عدة فوائد من السيطرة على المطار، مثل وقف استهداف القرى والبلدات المجاورة له بقذائف المدفعية، وطرد النظام من عموم المنطقة الجنوبية الشرقية، وتحقيق تواصل بين مناطق المعارضة ومحافظة السويداء، بعدما سعى النظام جاهداً خلال الفترة الماضية لقطع هذا التواصل، ومحاولة زرع الفتن بين الطرفين، إضافة إلى الإفادة من السلاح والذخيرة الموجودة في المطار.

وحول الهدف التالي للمعارضة بعد مطار الثعلة، أوضح المصدر أن هناك العديد من الأهداف العسكرية التابعة للنظام ما تزال موجودة في المنطقة، مثل مركز الرصد والمراقبة شمال المطار والفوج 405 قرب بلدة الدور ومركز تدريب الأغرار التابع للفرقة الخامسة شرق بصر الحرير.

 اقرأ أيضاً: المعارضة السورية في ريف السويداء... وتطمئن أهل جبل العرب

وفي محاولة منها لزج أهالي السويداء في الصراع، أطلقت قوات النظام عدة رشقات من قذائف الهاون باتجاه المدينة للإيحاء بأنها تتعرض للقصف من قوات المعارضة. لكنّ ناشطين من داخل السويداء أكدوا أن القصف مصدره فرع الأمن العسكري في المدينة، وتم بواسطة هاون عيار 60 ملم ومن الفرقة 15 المتمركزة في حرش قنوات. ودعا ناشطون وسياسيون من أبناء المحافظة وخارجها، أهالي السويداء إلى وضع أيديهم بيد المعارضين في درعا وعدم الانسياق وراء دعاية النظام، وذلك وسط أنباء عن هروب عائلات كبار الضباط من السويداء نحو دمشق.


من جهتها، دانت قيادة الجبهة الجنوبية التابعة لـ "الجيش الحر"، في بيان، بشدة محاولات النظام لزرع الفتنة بين محافظتي درعا والسويداء، خصوصاً بعد الهزائم التي يتعرض لها النظام أخيراً على جبهات الجنوب السوري. واعتبرت القيادة أن قصف النظام على السويداء هدفه "تخويف أبناء السويداء وعزلهم عن محيطهم الحيوي في الجنوب السوري"، مؤكدة أن "أبناء السويداء هم أخوتنا وأهلنا، وأننا لم ولن نقاتلهم، وأننا سنكون معهم يداً بيد بمواجهة جميع المخاطر التي تهدد محافظة السويداء في حال طلبوا منا ذلك"، معلنة "مدّ يدها للأهالي والأخوة في محافظة السويداء، وفي جميع المناطق السورية من أجل مواجهة خطر داعش".
وكان السياسي اللبناني وليد جنبلاط، أبدى استعداده للتوسط للمصالحة بين دروز الجبل في السويداء ومعارضي درعا، وقال في تغريدة على تويتر: "إنني عند الضرورة أضع نفسي ورفاقي بالتصرف من أجل المصالحة مع أهل حوران والجوار، بعيداً عن أي هدف شخصي"، مؤكداً أن "المصالحة مع أهل درعا والجوار هي الحماية والضمانة".

اقرأ أيضاً: السويداء تمنع قوات النظام من إفراغ سلاحها

المساهمون