السودان يهرول نحو إسرائيل: سنكون أفضل من مصر في التطبيع

القدس المحتلة

نضال محمد وتد

نضال محمد وتد
الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
18 اغسطس 2020
+ الخط -

يبدو أن إشهار الإمارات تحالفها مع إسرائيل، الخميس الماضي، قد فتح شهية أتباعها في المنطقة للسباق علناً نحو إسرائيل، وبعدما كانت بعض الدول العربية تطبع مع إسرائيل سراً وتنسج العلاقات وتعقد اللقاءات بعيداً عن الأعين، فتح هذا التحالف الإماراتي مع الاحتلال الباب على مصراعيه لحقبة جديدة من "الوقاحة"، فراحت الدول تهرول وتستجدي التطبيع، متجاهلة المعارضة الشعبية لمثل هذه الاتفاقات التي تقدّم للاحتلال تنازلات على طبق من فضة، وأبرز ما يعبر عن هذه الحالة ما صدر مساء اليوم الثلاثاء عن المتحدث باسم الخارجية السودانية حيدر بدوي، حيث قال في تصريحات صحافية إن بلاده ستكون "أهم بلد تطبع معه إسرائيل وحتى أهم من مصر".

وأضاف بدوي أن لقاء رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في فبراير/شباط الماضي، كان "خطوة جريئة فتحت الباب أمام اتصالات يمكن أن تتم بين الطرفين"، لافتاً إلى أنه "نحن لسنا أول دولة تطبع مع إسرائيل وعلاقتنا مع اليهود قديمة منذ عهد موسى عليه السلام، وسنناقش التطبيع مع إسرائيل في دهاليز السلطة بالخرطوم ولسنا تبعا لغيرنا".

وتابع: "تطبيعنا مع إسرائيل سيكون مختلفا ومن نوع فريد ولا يشبه الدول الأخرى".

وبعد وقت قصير، نفى وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، تصريحات المتحدث باسم الوزارة، لافتاً إلى أنه تلقى "بدهشة"، تصريحات السفير حيدر بدوي صادق، الناطق باسم الوزارة حول سعي السودان لإقامة علاقات مع إسرائيل، مشيراً إلى أن تلك التصريحات "أوجدت وضعاً ملتبسا يحتاج لتوضيح".
وذكر قمر الدين في بيان صحافي أن "وزارة خارجية جمهورية السودان لم تناقش أمر العلاقات مع إسرائيل بأي شكل كان، ولم يتم تكليف السفير حيدر بدوي الإدلاء بأي تصريحات بهذا الشأن".

بدوره، قال فيصل محمد صالح، وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية لـ" العربي الجديد" إن ملف العلاقة مع إسرائيل ومنذ اللقاء بين البرهان ونتنياهو في فبراير الماضي، "تم طيه بالكامل"، مؤكداً أن الحكومة على مستوى مجلس السيادة أو مجلس الوزراء لم تناقش مطلقاً الموضوع نهائياً، ولم تطرأ حتى مستجدات جديدة لمناقشته.

ولم يكن موضوع التطبيع بين إسرائيل والسودان غائباً كأحد عناوين السجال في السودان طوال العقود الماضية، لكنه شهد في العام الحالي (2020)، بعد لقاء البرهان ونتنياهو في عنتيبي، والذي عُدّ نقلة غير مسبوقة، والأكثر "جرأة" أو وقاحة في تاريخ محاولات وتجارب التطبيع مع إسرائيل. 

ولم يتأخر رئيس الوزراء الإسرائيلي في إعلان ترحيبه بتصريحات المتحدث باسم الخارجية السودانية، حيث أصدر بياناً قال فيه: إن الإعلان يعكس "قراراً شجاعاً" لقائد السودان عبد الفتاح البرهان. وأضاف البيان أن إسرائيل والسودان والمنطقة كلها ستربح من اتفاق السلام، ويمكن بناء مستقبل جيد لكل شعوب المنطقة معاً. سنبذل كل ما يتطلب الأمر لتحويل هذه الرؤيا لواقع"، بحسب ما أورد موقع صحيفة "هآرتس" قبل قليل.

المتحدث باسم الخارجية السودانية: تطبيعنا مع إسرائيل سيكون مختلفا ومن نوع فريد ولا يشبه الدول الأخرى

ونقلت "هآرتس" تقديرات من وصفتهم بالخبراء، من دون أن تسميهم، بأن السودان سيطالب الولايات المتحدة، مقابل إبرام السلام مع إسرائيل، برفع العقوبات المفروضة عليه، لا سيما أن موقع السودان الجغرافي له أهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل، كونه ممراً لتهريب الأسلحة من إيران، سواء إلى لبنان أو قطاع غزة.

وفي سياق متصل، وصف بدوي تطبيع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل بأنه خطوة "جريئة" و"شجاعة". وقال "الخطوة جريئة وشجاعة وفي المسار الصحيح لتحقيق السلام في الشرق الأوسط والسلام العالمي، لأن السلام بين إسرائيل والبلدان العربية يساعد العالم على تحقيق السلام الدولي".

الأحزاب السياسية تستنكر

وفي أول ردود الفعل الداخلية، استنكرت أحزاب سياسية سودانية، سريعاً، تصريحات خارجية السودان بشأن التطبيع مع إسرائيل، معتبرة التوجه الحكومي بمثابة خيانة للقضية الفلسطينية وانتكاسة لمبادئ وقيم الشعب السوداني، وتجاوز حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمهامهما المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية.
وقال الواثق البرير، الأمين العام لحزب الأمة القومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن التطبيع مع إسرائيل يجافي خط المبادئ والقيم السودانية الرافض للتطبيع مع دولة مغتصبة ويخالف القرارات الدولية وقرارات جامعة الدول العربية، مشيراً إلى أنه ليس من حق أي جهة اتخاذ قرار مثل هذا من دون تفويض شعبي أو وجود مجلس تشريعي انتقالي.
وأوضح البرير أنه لا مجال للحديث عن علاقات دبلوماسية وتطبيع مع إسرائيل من دون رد الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني، مطالباً الحكومة بعدم اتخاذ أي قرارات متصلة بالمسائل الاستراتجيية في العلاقات الخارجية في الوقت الراهن، والتعامل بشفافية ووضوح في هذا الملف    
من جهته، قال أبو بكر عبد الرازق، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي، إن السودان لا يدخل في حرب مع إسرائيل حتى يتحدث الناطق الرسمي باسم الخارجية عن اتفاق سلام، مبيناً أن حزبه ضد أي تطبيع مع الكيان الصهيوني الذي اغتصب الحق الفلسطيني، ويساند الحزب محور المقاومة العربية والإسلامية.
وأوضح عبد الرازق لـ"العربي الجديد" أن الحكومة الانتقالية لن تجني أي ثمار من التطبيع مع إسرائيل، مثل ما حدث لدول عربية طبعت في السابق، وكان حصادها العدم، وأكد أن الشعب السوداني كله ضد التطبيع، لكنه ذكر أنه غير قادر على التنبؤ بردة فعل الشارع السوداني تجاه الخطوة الحكومية، وتوقع أن تعلن أحزاب داخل تحالف قوى الحرية والتغيير الحاكم معارضتها لأي تقارب مع العدو الإسرائيلي، وألمح إلى أن اندفاع الحكومة نحو التطبيع ربما يكون رغبة منها في تحقيق شروط أميركية ترفع عنها العقوبات، وتشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
 وحاول "العربي الجديد" التواصل هاتفياً مع وزير الخارجية السودانية المكلف عمر قمر الدين، لكنه رفض التعليق على ما جاء على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارته.

ذات صلة

الصورة
مخيم نزوح في مدينة القضارف - شرق السودان - 14 يوليو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

في تحذير جديد، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنّ الجوع والنزوح وتفشي الأمراض، وسط حرب السودان المتواصلة، تشكّل "مزيجاً قاتلاً".
الصورة
مؤتمر أسر المحتجزين الإسرائيليين الأميركيين في واشنطن، 18 سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات أميركيين بين المحتجزين الإسرائيليين في غزة يحملون جنسية مزدوجة، يوم الأربعاء، بضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين.
الصورة
متظاهرون أمام الفندق يحملون لافتات تقول "فلسطين ليست للبيع" (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر ناشطون أمام فندق "هيلتون دبل تري" في مدينة بايكسفيل بولاية ماريلاند الأميركية الذي استضاف مزاداً لبيع مساكن أقيمت على الأراضي الفلسطينية المسروقة
الصورة
الكاتب والكوميدي البريطاني ديفيد باديل في أوكسفورد، 2 إبريل 2016 (ديفيد ليفنسون/ Getty)

منوعات

بعدما حذفت صحيفة جويش كرونيكل سلسلةَ تقارير لصحافي إسرائيلي احتوت معلومات مضللة عن حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، أعلن عددٌ من أهم كتابها الاستقالة.