السودان يعلن اتفاقية تسوية مع أسر ضحايا المدمرة "كول"

الحكومة السودانية تكشف عن توقيع اتفاقية تسوية مع أسر ضحايا المدمرة "كول"

13 فبراير 2020
وقعت الحادثة قبل 20 عاماً (Getty)
+ الخط -
كشفت الحكومة السودانية، اليوم الخميس، أنها وقّعت، خلال هذا الشهر، في العاصمة الأميركية واشنطن، اتفاق تسوية مع أسر ضحايا تفجير المدمرة "كول" التي تعرضت لهجوم في اليمن، قبل 20 عاماً.
وجاءت خطوة الخرطوم، استجابة لشرط وضعته الإدارة الأميركية، ضمن شروط أخرى، على الحكومة السودانية، قُبيل شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي صنّفتها واشنطن ضمنها عام 1993.
ووقعت حادثة المدمرة "كول"، في ميناء عدن جنوبي اليمن، في عام 2000، وقُتل فيها 17 بحاراً أميركياً واثنان من المهاجمين، واتُهم تنظيم "القاعدة" بقيادة أسامة بن لادن، بالتورط في الحادثة، لكن أسر الضحايا رفعت دعوى في المحاكم الأميركية ضد الحكومة السودانية، للحصول على تعويض، بزعم أنّ الحكومة سبق وأن قدّمت دعماً لبن لادن أثناء إقامته في السودان، مطلع التسعينيات، ودربت "إرهابيين" على القيام بمثل تلك الأفعال.
وقالت وزارة العدل السودانية، في بيان، اليوم الخميس، إنّ الاتفاق، الذي لم يذكر فيه مبلغ التسوية هو "جزء من جهود السودان لشطب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وكان النقاش حول التسوية قد جرى خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، إلى واشنطن، قبل أشهر، ووجدت حينها موافقته اعتراضاً من قبل أوساط قانونية سودانية، بحجة أنّ الموافقة تعني إدانة السودان في الحادثة، وهي إدانة نفاها ورفضها النظام السابق، كما أنّ الموافقة ذاتها، بحسب قانونيين، ستقود إلى رفع دعاوى أخرى ضد الحكومة السودانية في المحاكم الأميركية، في أحداث مشابهة نفّذها تنظيم "القاعدة" ضد مصالح أميركية.
غير أنّ حمدوك ردّ على تلك الانتقادات بالقول إنّ الإجراء سيحصّن الدولة السودانية من أي دعاوى أخرى، بعد رفع اسم الدولة من القائمة السوداء الخاصة بالإرهاب، طبقاً للقوانين الأميركية التي تمنح حصانة للدول غير المصنفة إرهابياً.
وأكدت وزارة العدل، في بيانها، اليوم الخميس، على أنّ الاتفاق الموقّع في 7 فبراير/شباط الجاري مع أسر ضحايا المدمرة "كول"، "تم التأكيد فيه صراحة على عدم مسؤولية السودان عن هذه الحادثة أو أي حادثة أو أفعال إرهاب أخرى، وأنّ الحكومة السودانية دخلت في هذه التسوية بغرض استيفاء الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وتضع الحكومة السودانية منذ تشكيلها، في أغسطس/آب الماضي، ضمن أولوياتها الرئيسة مهمة رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، كمدخل للخروج من حالة العزلة الدولية التي فرضت على البلاد في سنوات الرئيس المعزول عمر البشير، وكمدخل كذلك للحصول على دعم دولي لإصلاح الاقتصاد المتردي وضمان انسياب التحويلات المالية من الخارج.



وقال المعز حضرة، المحامي والقيادي في تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير" الحاكم، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "حكومة حمدوك اتخذت القرار الصائب في هذه التسوية، ونجحت في تدارك واحد من أخطاء النظام السابق الذي تعامل مع المحكمة التي نظرت القضية، بكل غرور وكبرياء، رغم أنّ القضية كان يسهل فيها الدفاع عن موقف السودان".
وحمّل حضرة "الرئيس المعزول عمر البشير ووزير خارجيته في ذلك الوقت مسؤولية صدور حكم ضد الحكومة السودانية"، مشيراً إلى أنّهما رفضا التعامل مع المحكمة، حتى صدر حكم قضائي لصالح أسر الضحايا.
وشدد على "ضرورة فتح قضايا جنائية ضد البشير وأعوانه، لتحميلهم مسؤولية مبلغ التسوية الذي قد يصل إلى ملايين الدولارات".
ورأى حضرة أنّ التوقيع على التسوية "سيعجّل باتخاذ الإدارة الأميركية والكونغرس قرار شطب اسم السودان من قائمة الإرهاب، وسيعيد السودان للحظيرة الدولية، وسيفتح الأبواب للتعاون مع الدول والمنظمات".
في المقابل، استبعد السفير السابق في الخارجية السودانية، الطريفي كرمنو، أن تكون لخطوة حكومة حمدوك، أية تأثيرات إيجابية، مشيراً إلى أنّ الولايات المتحدة ستعمل بالعرف الدبلوماسي المعروف "كلما تتنازل بالمجان تخسر أكثر".
ولم يستبعد كرمنو، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أن تمارس واشنطن مزيداً من الضغوط وتضع شروطاً جديدة على السودان، لافتاً إلى أنّ "ذلك بدا واضحاً في الأيام الماضية، حينما حظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، السودانيين، من الدخول إلى أميركا عبر تأشيرة اللوتري، وهو أمر لم يحدث حتى في أيام نظام البشير".
وأضاف "ما كان للحكومة التورط في التسوية المرتبطة بأحداث متهمة فيها الحركة الإسلامية في عهد البشير، وهي الحركة التي فتحت الباب لإيواء الإرهابيين والمتشددين، ولا يتحمل الشعب السوداني مسؤولية كل ذلك"، موضحاً أنّ "الاتفاق الذي أعلنته وزارة العدل لا يتضمن ضمانات كافية لشطب اسم السودان من قائمة الإرهاب الذي سيتيح للحكومة فرصة الحصول على دعم من المؤسسات الدولية والإقليمية".