تصاعدت وتيرة الخلافات بين السودان والحكومة الليبية في طبرق (الموالية للبرلمان الجديد)، عقب تهديدات رئيس الوزراء الليبي، عبدالله الثني، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الخرطوم، واتهامها بدعم أحد الفصائل الإسلامية الليبية المقاتلة.
وأجرى وزير الخارجية السودانية، علي أحمد كرتي، اتصالاً هاتفياً بالثني عبّر خلاله عن رفض الخرطوم الاتهامات، مشيراً الى حرص بلاده على استقرار ليبيا. وعرض كرتي على رئيس الوزراء الليبي استضافة الخرطوم للأفرقاء الليبيين والتوسط بينهم للوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة هناك.
واستدعت الخارجية السودانية، أمس الاثنين، القائم بالأعمال الليبي بالإنابة في البلاد، وأبلغته استنكار الخرطوم ااتهامات رئيس الوزراء الليبي، باعتبارها لا تتسق مع مواقف الخرطوم الثابتة إزاء طرابلس.
وتنطلق الاتهامات الليبية للخرطوم من الدور الفاعل، الذي لعبته الأخيرة إبان الثورة الليبية، التي أطاحت بالعقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، في عام 2011، إذ دعمت السودان الثوار لوجستياً ومادياً وهو ما اعترف به الرئيس السوداني عمر البشير في أكثر من مناسبة. كما أن للسودان إمكانية كبيرة في التأثير على المشهد الليبي ولعب دور محوري، في حال قامت بدعم أي من الطرفين المتنازعين، وهذه القاعدة الأساسية، التي تنطلق منها الاتهامات الليبية.
يُذكر أنه في الحرب العراقية الكويتية عام 1991، أعلنت السلطات السودانية موقفاً واضحاً بشأن تلك الحرب، وانحازت بشكل مباشر إلى العراق مما جلب على البلاد وقتها آثاراً سلبية، وعزلة ظلت تعاني منها حتى الآن. وهذا الأمر دفع هذه السلطات إلى اتخاذ مواقف ضبابية تجاه ما يجري في المنطقة في الفترة الأخيرة، والنأي عن إعلان مواقف واضحة تعبّر عن حقيقة اتجاهاتها، وهذا ما يفسر الغموض، الذي يلف الموقف السوداني بشأن الصراع في ليبيا رغم تأثره بالصراع بشكل مباشر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
كما يفسر هذا الأمر أيضاً حرص الحكومة السودانية على الإسراع في توضيح موقفها تجاه ما يصدر من اتهامات بشأن الصراع الليبي ــ الليبي، ويعكس تخوفاتها، مما يمكن أن تجرّه تلك الاتهامات عليها من تداعيات، لن تقوى على مجابهتها. لذا فإن الخرطوم تجد نفسها أمام خيار دعم الطرفين مما يمكّنها من الوصول الى منطقة متزنة مع الطرف المنتصر دون أن تتضرر.
ويقول المحلل السياسي، ماهر أبو الجوخ، إن تربّع الاسلاميين على كرسي السلطة في السودان يجعلهم ينظرون إلى ما يجري في ليبيا كامتداد لمخطط تصفية الاسلاميين في المنطقة، الذي بدأه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وبالتالي نجاحه في طرابلس يجعل من الخرطوم المحطة التالية، مشيراً الى "ان الخرطوم، في الوقت نفسه، لا تستطيع أن تدعم أي فصيل بشكل مباشر، لما يمكن أن يجلب ذلك من ردود أفعال، هي حاليا في غنى عن التصدي لها".