السودان: تحذيرات من هروب الودائع بعد ارتفاع التضخم

السودان: تحذيرات من هروب الودائع بعد ارتفاع التضخم

16 يوليو 2020
تراجع كبير في قيمة الجنيه السوداني (أشرف شاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -

قفز التضخم السنوي في السودان إلى 136.36 بالمئة في يونيو/ حزيران الماضي من 114.23 بالمئة في مايو/ أيار الماضي، مدفوعا بأسعار الغذاء والوقود، حسب تقرير للجهاز المركزي للإحصاء في السودان صدر أول من أمس. وجاء ذلك وسط تحذيرات للأوساط الاقتصادية من أن يتسبب الارتفاع القياسي للتضخم إلى زيادة معدلات "الدولرة" وهروب الودائع المصرفية خاصة نحو الدولار.
وقال المدير العام السابق لبنك المال المتحد بالخرطوم كمال الزبير، لـ"العربي الجديد"، إن "السبب الأهم وراء ارتفاع نسبة التضخم هو انخفاض سعر العملة المحلية نتيجة لانخفاض الصادرات مقارنة بالطلب على العملات الأجنبية سواء للاستيراد أو لأغراض أخرى".
وحول ما يتصل بالودائع بالعملة المحلية، أكد أن "الأرباح المحققة أقل كثيرا من نسبة التضخم، وهذا أمر مقلق جدا وقد يقود الكثير من المدخرين إلى توظيف مدخراتهم بعيدا عن الإيداع لدى البنوك حتى لا تتآكل قيمتها".
ودفع الزبير بمقترح للحكومة لتلافي أثر التضخم على الاقتصاد والعملة الوطنية، وهو العمل على تشجيع الصادرات ومحاربة تهريب سلع الصادر وزيادة الإنتاج.
ومن جانبه، طالب المدير العام السابق للبنك السعودي السوداني، محمد أبو شورة، الحكومة بضرورة إيقاف التمويل المستمر في عجز الموازنة بزيادة عرض النقود عبر بنك السودان المركزي لتسبب ذلك في الانخفاض الكبير في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية.
وقال أبو شورة لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع التضخم إلى 136% سيدفع بالكثير من المودعين لسحب ودائعهم بالعملة المحلية، ولن يشجع ذلك على إيداع ودائع جديدة، إذ سيتحول المودعون لشراء الذهب والدولار والعقارات لحفظ قيمة العملة التي يملكونها. 
وحذر المحلل الاقتصادي مصطفى محمد عبد الله، من أن يؤدي ارتفاع التضخم إلى تراجع الدخل الحقيقي والانتقال إلى مرحلة تآكل القيمة الحقيقية لودائع العملاء مع مرور الوقت، ما يضطر المتعاملين إلى سحب أرصدتهم والمضاربة بالعملات الأجنبية والسيارات والعقارات والذهب وخلافه.

وقال عبد الله لـ"العربي الجديد": أصبح من البديهي أن ترتفع معدلات التضخم وتنخفض قيمة العملة الوطنية بسبب السياسات التوسعية في نمو الإنفاق العام دون ارتفاع في الإيرادات الحكومية الفعلية، ما يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة ويترتب على ذلك ارتفاع حجم الكتلة النقدية.
ودعا لإعداد حزمة من السياسات الاقتصادية الكلية تعنى باستعادة الاستقرار الاقتصادي عبر الاستفادة من الظروف الحالية لجائحة كورونا بالتركيز على تقديم حزمة سياسات وإجراءات تعمل على تشجيع الإنتاج الزراعي وكسر حلقة الاعتماد على الاستيراد وفتح الأسواق الخارجية للصادرات السودانية وتحجيم الإنفاق العسكري والمدني للحدود الآمنة بهدف تقليل عجز الموازنة.
ويأتي ارتفاع التضخم ليفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين الذين يعانون من تدهور سعر العملة المحلية أمام الدولار في السوق السوداء وتداعيات تفشي فيروس كورونا على مختلف الأنشطة الاقتصادية.
وأكد رئيس شعبة تجار الجملة بسوق أم درمان فتح الله حبيب الله، لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وانعدام السيولة بأيدي المواطنين أديا إلى حدوث ركود في القوة الشرائية رغم وفرة السلع بالأسواق، مشيراً إلى ارتفاع سعر كرتونة لبن البودرة زنة 3 أكياس إلى 4 آلاف جنيه، وزيت الطعام زنة 36 رطلاً إلى 4 آلاف جنيه. 
وذهب رئيس الغرفة التجارية بولاية الخرطوم حسن عيسى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى القول إن ارتفاع التضخم يرجع للغلاء الطاحن في أسعار السلع الاستهلاكية ذات الارتباط الكبير بمعيشة المواطنين، مقللاً من دور الحكومة الانتقالية في السيطرة على الانفلات الراهن في التضخم والأسعار معاً، الأمر الذي سيؤدي للانهيار الاقتصادي وتآكل دخول الأفراد ورأس مال التجار.
وأرجع الجهاز المركزي للإحصاء، في تقريره الشهري ليونيو/ حزيران الماضي، الزيادة في التضخم لارتفاع أسعار كافة مكونات مجموعة الأغذية والمشروبات فضلاً عن ارتفاع مجموعة النقل. 
وشرعت الحكومة السودانية في إنفاذ خطة رفع الدعم عن الخبز أخيراً، عبر إصدار تصديقات من وزارة التجارة والصناعة السودانية لممارسة العمل بنظام الخبز التجاري وسحب حصص الدقيق المدعوم من المخابز التي تعمل بالنظام الجديد.

المساهمون