السلّ لا يرحم فقراء الهند

السلّ لا يرحم فقراء الهند

19 ابريل 2019
مصاب بالسل (Getty)
+ الخط -
مرض السلّ يُعد مشكلة صحية عامة ورئيسيّة في الهند، وهذه معضلة فشلت كلّ مساعي الحكومة في مواجهتها. وينتشر المرض بسرعة على الرغم من الجهود المكثفة والحثيثة، إذ تمثل الهند ربع الإصابات في العالم. وفي كل عام، يصاب نحو 2.8 مليون شخص بالسل، منهم 800 ألف حالة معدية. وتشير الإحصائيات إلى وفاة 400 ألف شخص في الهند سنوياً نتيجة الإصابة بالسل، يعني شخصين كل ثلاث دقائق، وهو يشكل 20 في المائة من نسبة الوفيات في العالم. وهذا يعني أن السل أخطر معضلة صحية تواجهها الهند، والأكثر انتشاراً بين الأمراض المعدية، لا سيما في أوساط الفقراء، إذ هم الأكثر تضرراً.

الأغذية غير الصحية وفقدان النظافة

نقص الغذاء الصحي هو أحد أهم عوامل انتشار مرض السل في الهند، وهذا ناجم عن الفقر المستشري في البلاد، خصوصاً لدى سكان المناطق الريفية والنائية. وعلى الرغم من الازدهار الاقتصادي الذي شهدته الهند خلال السنوات الأخيرة، إلا أن الحكومات المتعاقبة الهندية لم تتمكن من توفير الغذاء الصحي لسكان البلاد. ويعاني 21 في المائة من سكان الهند من سوء التغذية، لا سيما الأطفال. وهناك 60 مليون طفل يعانون من نقص في الوزن بسبب سوء التغذية. ولا شك أن التفاوت في طريقة العيش والمستوى المعيشي له تأثير كبير في الإصابة بمرض السل. كما أن عدد المصابين بالمرض في الأوساط الفقيرة يبلغ ضعفي عددهم بين أصحاب الدخل المتوسط، لأن الفقراء لا يحصلون على أغذية كافية وصحية، ما يؤدي إلى ضعف في المناعة. بالتالي هم أكثر عرضة للإصابة بمرض السل والأمراض المعدية الأخرى.



من هنا، يشكّل سوء التغذية أحد أكبر التحديات التي يواجهها سكان الهند، لا سيما الأطفال. وتعدّ معدلات سوء التغذية بين أطفال الهند أعلى بخمسة أضعاف من مستوياتها في الصين، وبمرتين عن أفريقيا جنوب الصحراء. ويعاني نحو نصف أطفال الهند، أي نحو 60 مليون طفل، من نقص الوزن، بينما يعاني 45 في المائة من التقزم. وترتفع نسبة إصابة الأطفال بأمراض مختلفة منها السل والأنيميا ونقص الفيتامينات، علاوة على ضعف قدرتهم على التعلم، وزيادة نسب التسرب من التعليم مبكراً. كما يصبحون أقل إنتاجية في الحياة لاحقاً.

وهناك تفاوت كبير بين الأقاليم الهندية المختلفة في ما يتعلق بسوء التغذية، وتتحمل المناطق الريفيّة والشرائح الأشد فقراً والمنبوذون اجتماعياً النصيب الأعظم من الأضرار. وتشهد ست ولايات، هي بيهار، وتشاتيسغار، وجهاركاند، ومادهيا براديش، وراجستان وأوترا براديش، أكثر من 50 في المائة من حالات سوء التغذية في الهند، وتلك الأقاليم تعاني بشدة من وجود أمراض معدية كالسل وغيره.

وإلى جانب سوء التغذية، يُعتبر فقدان خدمات الصرف الصحي من أبرز أسباب انتشار عدوى السل. وتُبيّن الدراسات أن 40 في المائة من المصابين بمرض السل هم من أبناء المناطق الفقيرة التي تعاني بشدة بسبب غياب الصرف الصحي والنظافة. العيش في المناطق التي تفتقر إلى نظام الصرف الصحي لا يعرض سكان تلك المناطق إلى خطر الإصابة بمرض السل فحسب، بل أيضا يعرقل عملية المعالجة، ويزيد نسب التفشي والعدوى. لذلك، فإن خطر انتشار السل في المناطق الريفية أكثر بنسبة 69 في المائة من المدن، والسبب أن المناطق الريفية عادة تفتقر إلى نظام الصرف الصحي والنظافة.

قبل عام من الآن تقريباً، وفي نهاية مارس/ آذار من العام الماضي، عندما رفعت القضية على منصات مختلفة داخلياً وفي خارج البلاد، أطلقت الحكومة الهندية، وتحديداً رئيس الوزراء نريندرا مودي، حملة من أجل القضاء على مرض السل. ووعد بأنّ الخطط التي رسمتها السلطات المعنية ستقضي على السل بحلول عام 2025.



وقال رئيس الوزراء الهندي نريندرا مودي، في كلمة له أمام قمة نيودهلي لمكافحة مرض السل في مارس من العام الماضي، إنه تم وضع هدف لإنهاء مرض السل في العالم بحلول عام 2030. لكننا قررنا القضاء عليه بحلول عام 2025 بفضل الخطط الشاملة التي وضعناها. وذكر مودي أن السل من أخطر الأمراض والأكثر تفشياً في الأوساط الهندية، لا سيما لدى الفقراء. بالتالي لا بد من مكافحته.

وضمن الخطط الجديدة التي رسمتها الحكومة الهندية للقضاء على السل، التغيير في النهج وتلقي العلاج، وأن تلعب الحكومات الإقليمية دوراً رئيسياً في مكافحة المرض، علاوة على الاستفادة من التكنولوجيا والوسائل الحديثة في معالجة المرضى ومواجهة انتشار المرض.

المساهمون