السفر خيار الإيرانيين في الصيف

05 سبتمبر 2015
يبتعدون عن ضجيج المدينة (Getty)
+ الخط -

لطالما كان السفر الخيار الأول لدى الإيرانيين خلال الإجازات، وخصوصاً في فصل الصيف. يفضلون الابتعاد عن ضجيج المدن وازدحامها، والتوجه إلى القرى والأرياف، أو زيارة مناطق إيرانية تقع شمالاً على مقربة من بحر قزوين أو جنوباً حيث المناطق التاريخية والأثرية، والمناظر الطبيعية.

وتُبدي وكالات السياحة والسفر، ولاسيما خلال الصيف ورأس السنة الهجرية أو ما يسمى بعيد "النوروز" في فصل الربيع، اهتماماً بالغاً بتنظيم رحلات داخل إيران وخارجها للراغبين، وهم كثر، بحسب الأرقام الرسمية. وأعلن مركز الإحصاء الوطني أن 54 في المائة من العائلات الإيرانية، أي نحو 12 مليون عائلة، سافرت مرة واحدة على الأقل خلال الصيف الماضي داخل إيران، ومن هؤلاء من سافر لأيام أو أسابيع، فيما سافر آخرون إلى مكان قريب من دون أن يضطروا إلى المبيت.

يضيف المركز أن 53 في المائة من هؤلاء يسافرون للقاء عائلاتهم في مناطق أخرى. كما أن 24 في المائة يسافرون بهدف السياحة، و15 في المائة لأغراض دينية، أي لزيارة العتبات والأماكن المقدسة في البلاد. وفي الغالب، يقصد هؤلاء مدينتي مشهد وقم. وعادة ما تحتل مشهد (شمال شرق إيران) ورشت وبندر أنزلي القريبتان من السواحل الشمالية، المراتب الأولى من بين المناطق التي يقصدها السياح الإيرانيون. ويلجأ البعض إلى المبيت في بيوت أقاربهم وتبلغ نسبتهم 66 في المائة، فيما يضطر آخرون إلى استئجار شقق أو فيلات مفروشة، علماً أن نسبتهم لا تزيد عن 11 في المائة، فيما يلجأ الباقون إلى الفنادق.

أما العائلات الأيسر حالاً، فربما تقرر الذهاب في رحلات صيفية إلى خارج البلاد. وأعلنت مؤسسة الموروث الثقافي في وقت سابق أن عدد الإيرانيين الذين يسافرون إلى خارج البلاد خلال فصل الصيف بلغ أربعة ملايين شخص تقريباً، ويقصد هؤلاء تركيا والإمارات وماليزيا وتايلاند والمملكة العربية السعودية بشكل أساسي.

وتجدر الإشارة إلى أن ماليزيا وحدها استقبلت العام الماضي 73 ألف إيراني وخصوصاً خلال فصل الصيف. أما تركيا، فزاد عدد السياح الإيرانيين الذين سافروا إليها خلال العام الماضي بنسبة 44 في المائة بالمقارنة مع العام 2013. ويتوقع أن ترتفع هذه النسبة كثيراً خلال الصيف الجاري.

وعلى الرغم من حب الإيرانيين للتنقل والسفر وقضاء الوقات خارج المدينة التي يعيشون فيها، وهذا ينطبق غالباً على المدن الكبرى كالعاصمة طهران، يشير الإيرانيون إلى تقلص عدد سفراتهم خلال السنوات الأربع الأخيرة. ويعزو الخبراء الأمر إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للعائلات نتيجة العقوبات المفروضة على البلاد، وغلاء الأسعار، وارتفاع نسبة التضخم في مقابل عدم زيادة الرواتب.

في السياق، يقول مهدي ضرغامي، وهو موظف في العقد الرابع من العمر، إنه اعتاد منذ الصغر أن يسافر وعائلته إلى قريته (في الشمال). يضيف: "كنا نقضي الصيف هناك، وواظبت على الأمر حتى بعد الزواج"، وخصوصاً أن قريته لا تبعد أكثر من أربع ساعات. يضيف أن الغلاء وزيادة أسعار البنزين فضلاً عن الانشغالات والمشاكل المعيشية الأخرى جعلته مضطراً لأن يقلل من عدد سفراته في فصل الصيف إلى تلك المنطقة، على الرغم من أنه يملك منزلاً فيها.

بدورها، تقول مريم، وهي جامعية، إنها ترغب بالسفر مع أصدقائها، لكن الظروف لا تساعد كثيراً. لذلك، تفضل تنظيم الرحلات إلى أماكن قريبة من العاصمة طهران ليوم واحد فقط. وتؤكد أنها تواظب على الأمر مع زميلاتها.

وتجدر الإشارة إلى أن المشاكل الأمنية في الدول المجاورة أثرت على وجهة الإيرانيين. في الوقت الحالي، يخشى عدد كبير منهم السفر إلى العراق، فضلاً عن التوتر السياسي بين إيران والمملكة العربية السعودية، وإيقاف طهران رحلات العمرة إلى هناك ما قلّص عدد المسافرين الإيرانيين الذين كانوا يفضلون السفر إلى السعودية خلال العطلة الصيفية بهدف الحج أو العمرة.

وفي ظل كثرة المشاكل، يجدُ الإيرانيون أنفسهم مضطرين إلى البحث عن خيارات أخرى لقضاء الصيف. ومع ازدياد عدد المقاهي والمطاعم، بات معظم الشباب يفضلون قضاء أوقاتهم في هذه الأماكن مع أصدقائهم، ما أثر سلباً على الحياة العائلية. في السياق، تقول إحدى الإيرانيات إنه "كان لثقافة السفر لدى الإيرانيين دور في تحقيق الانسجام بين أفراد العائلة. لكن التطور التكنولوجي واعتياد الشباب عليه وعلى نمط الحياة الحديثة، جعلهم يخسرون متعة السفر".

إقرأ أيضاً: إيران تفتح بابها للسياحة "الحلال"