السعودية تشن الحرب على عمليات التلاعب باستقدام العمالة المنزلية

السعودية تشن الحرب على عمليات التلاعب باستقدام العمالة المنزلية

29 مايو 2016
عاملات يتم تدريبهن على العمل المنزلي قبل استقدامهن للسعودية(Getty)
+ الخط -


بدأت وزارة العمل السعودية خطوات جادة لحل أزمة استقدام العمالة المنزلية في السعودية، ووضع حد لتلاعب مكاتب الاستقدام في الأسعار الذي بلغ ذروته في الأشهر الأربعة الماضية.
وكان أهم هذه التنظيمات اعتماد تطبيق نموذج عقد جديد لخدمات التوسط لاستقدام العمالة المنزلية ومن في حكمها، بالإضافة إلى عقد آخر جديد لتقديم خدمات عمالة منزلية منته بنقل الخدمة، بدلاً من نماذج العقود المعمول بها حالياً.
وأكد المتحدث الرسمي للوزارة خالد أبا الخيل، أن على مكاتب وشركات الاستقدام أن تلتزم بتطبيق نماذج العقود التي أقرتها التنظيمات الجديدة، وقال لـ "العربي الجديد": "ستقوم الوزارة بالتفتيش على مكاتب وشركات الاستقدام في كافة مناطق ومدن السعودية، لتتحقق من تطبيق الأنظمة وإيقاع العقوبات بحق المخالفين، والتي تصل لسحب الترخيص".

من جهته، أكد رئيس لجنة الاستقدام بغرفة الرياض مشاري الظفيري، أن هذه التنظيمات ستخفض نسبة انتظار استقدام العمالة المنزلية إلى 40%، وتوفر 10 آلاف عاملة شهريًا، وتعطي هذه التنظيمات الجديدة مكاتب الاستقدام من 50 إلى 200 تأشيرة عاملة منزلية، وتتيح استقدام أعداد من العمالة وفقًا للتأشيرات الممنوحة لهم ونقل كفالتهم بأسماء المواطنين.

ووفقا لمسؤولين في وزارة العمل، تسعى الوزارة إلى تحسين آليات الاستقدام وتطوير أداء المكاتب والشركات، خاصة في ظل اشتراط الدول المرسلة للعمالة بأن يكون الاستقدام من خلال مكاتب مرخصة رسمياً، كما تهدف إلى رفع مستوى حقوق المستفيدين من خدمات مكاتب الاستقدام من خلال ضبط وتنظيم عملها، والتعرف على الصعوبات التي تواجه مزودي الخدمة في عمليات الاستقدام.

وكانت وزارة العمل منعت مكاتب الاستقدام من تحصيل تكلفة الاستقدام مقدماً، وقال وزير العمل الدكتور مفرج الحقباني إن الوزارة: "لن تسمح بالحصول على رسوم مقدماً لاستقدام العمالة المنزلية، وذلك حماية لمكاتب الاستقدام والمواطنين، خاصة أنها قد تفشل في توفير العمالة المطلوبة"، ولكن قلة من المكاتب تلتزم بذلك، وتستغل عدم مراقبة الوزارة لنشاطها.



ويؤكد خالد أبا الخيل أن الوزارة بدأت في ملاحقة المخالفين لأنظمة الاستقدام ولوائحه، لوقف التلاعب في الأسعار والمدد، كاشفاً عن وجود تنسيق بين وزارة العمل وسفارات السعودية وقنصلياتها لدى الدول المرسلة للعمالة المنزلية، بهدف حصر مكاتب إرسال العمالة الرسمية والمعتمدة والمصرح لها، والموجودة في قوائم السفارات السعودية في الدول.
وقال أبا الخيل: "نعمل في وزارة العمل بشكل مستمر مع سفارات السعودية في الدول الصديقة على وقف تلاعب "السماسرة" ومكاتب الاستقدام السعودية غير المرخصة والمكاتب الأخرى الموجودة في الدول المرسلة"، مؤكداً أن الوزارة ستتخذ الإجراءات اللازمة بحق المتلاعبين المخالفين بسوق الاستقدام.

ودعا أبا الخيل المواطنين إلى عدم التعامل مع المكاتب أو المؤسسات غير المرخصة التي تمارس نشاط التوسط في الاستقدام، مشيراً إلى أن وزارة العمل تعكف على الترخيص لنحو 200 مكتب استقدام جديد سوف تدخل للسوق خلال الأشهر القليلة المقبلة لإيجاد المنافسة العادلة في السوق.
وجاء تحرك وزارة العمل بعد أن تم كشف عمليات تحايل كبيرة من قبل مكاتب الاستقدام، تهدف لرفع تكلفة الاستقدام بشكل مبالغ فيه، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح على حساب المواطنين، وهو ما كشفته السفارة السعودية في فيتنام، والتي أكدت على أنها ضبطت سماسرة سعوديين يجمعون العاملات المنزليات بتكلفة لا تصل إلى 530 دولارا، ويستقدمونها للمواطنين بمبالغ تتجاوز 6500 دولار، بنسبة تفوق 1150% عن المبلغ الطبيعي، وهو ما تسبب في تعقيد أزمة الاستقدام في البلاد.

وتكرر الأمر ذاته في أوغندا، فأكد السفير السعودي في أوغندا، جمال عبدالعزيز رفة، على أن بعض سماسرة الاستقدام، تلاعبوا بالأسعار وتسببوا في رفعها بنسب كبيرة، وفي ضوء المخالفات التي ارتكبها السماسرة قامت وزارة العمل الأوغندية بوقف تصدير العمالة المنزلية للسعودية.
وقال السفير السعودي: "تجار الشنطة الذين تتعامل معهم مكاتب استقدام هم من كان وراء ارتفاع رسوم إصدار الجواز الأوغندي إلى مستوى 1000 دولار، في حين أنه في الحقيقة لا يتجاوز مبلغ 150 دولاراً".

أكثر من اتجاه

تحاول وزارة العمل توقيع اتفاقيات جديدة للاستقدام، ولكنها تواجَه ببطء إجراءات التفاوض، وانتقد عدد من المختصين في الاستقدام لجوء الوزارة للتفاوض مع دول مثل كمبوديا أو غانا والصومال، ويؤكد المتحدث الرسمي لمكاتب الاستقدام في السعودية ماجد الهقاص، أن اتفاقية الاستقدام مع كمبوديا تدل على اختيارات الوزارة العشوائية للدول التي من الممكن أن تسهم في حل أزمة العمالة المنزلية في البلاد، مشدداً على أن الوزارة لم تطلب رأي مكاتب الاستقدام حول أي اتفاقية تنوي إبرامها مع الدول، مع أن هؤلاء هم من لديهم اطلاع كامل على العمالة في كافة الدول، ويؤكد الهقاص على أن فتح الاستقدام للعمالة من كمبوديا سيكون غير مجد للسوق المحلية، لاختلاف الثقافات الكبير بين البلدين، ولعدم وجود سفارة سعودية في كومبوديا، الأمر الذي سيصعب ويؤخر إنهاء إجراءات العمالة الكمبودية.

أيضاً يتهم عدد من المختصين وأصحاب المكاتب، وزارة العمل بأنها فشلت في التعامل مع هذا الملف، ولم تقدم حلولاً ناجحة، ويقول صاحب مكتب المروزقي للاستقدام سعيد المروزقي، أن الوزارة فشلت في حل مشكلة الاستقدام لأكثر من عامين، ويقول لـ"العربي الجديد": "موضوع الاستقدام حيوي ويمس حياة الناس، وما زالت وزارة العمل مكتوفة الأيدي، الأمر الذي جعل الأمور معقدة والأسعار ترتفع بشكل جنوني وبلا مبرر"، ويؤكد المروزقي على أنهم كأصحاب مكاتب مرخصة يتعرضون للابتزاز من قبل المكاتب الخارجية.
ويضيف: "يعلمون أن لا سوق مفتوحة، فالاستقدام من إندونيسيا وفيتنام وبنغلادش وأوغندا والفيليبين كلها موقوف، والمفتوح يكون بأسعار فوق 5 آلاف دولار مع أننا كنا نتعاقد مع عاملات بأقل من 1500 دولار".

من جانب آخر يتهم المحلل والكاتب الاقتصادي سعود العنفري الوزارة بالتقصير في توقيع اتفاقات ناجحة، أو مراقبة ما تصدره من قرارات، كما يتهم مكاتب الاستقدام بالجشع، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا نعرف حتى اليوم سبب تمادي مكاتب الاستقدام في مخالفة الأنظمة حتى وصلت التكلفة لأضعاف ما يتم اعتماده من الوزارة"، ويضيف: "مشكلة الاستقدام ليست وليدة اليوم، بل ظهرت على السطح منذ أربع سنوات على الأقل".


المساهمون