السترات الصفراء: مظاهرات للبيع

السترات الصفراء: مظاهرات للبيع

19 ديسمبر 2018
بعضهم يشتري أكثر من سترة (لوكاس باريوليت/فرانس برس)
+ الخط -
منذ بدء التظاهرات في المدن الفرنسية، ارتفعت أسعار السترات الصفراء في كل منصات البيع في فرنسا، حيث كاد يصل الرقم إلى 15 يورو للقطعة الواحدة في بعض نقاط البيع، وهو رقم عال جداً.
تنتقي لورونس لنفسها سترة صفراء على قياس كتفيها. تنظر إلى مرآة المتجر ضاحكة، وهي تقول لصاحبه مازحة: "لن أقول إني اشتريتها من هنا"، ثم تطلب سترتين، رغم أن سعر الواحدة زاد أضعاف ما كان منذ اندلاع التظاهرات في المدن الفرنسية مع حركة السترات الصفراء الغاضبة، حيث كان سعر السترة الواحدة لا يتعدى ثلاثة يورو.
"15 يورو سعر السترتين"، تقول لورونس في حديث إلى "العربي الجديد"، وهي تشير إلى هذا الغلاء الذي طرأ على القطاع. لكنها تقول إنه لا يهم، "ندفع قليلاً كي نرهبهم"، موضحة أنها مستعدة لشراء عشر سترات من هذا النوع، كي تؤكد حرصها على الانتماء إلى حركة السترات الصفراء التي لا تزال تشغل بال الفرنسيين وساكن الإليزيه وتهدد مستقبله الرئاسي، في وقت أثّرت هذه الحركة على مبيعات كثير من المنتجات، وساهمت في شلل الحجوزات الفندقية في فترة الأعياد الميلادية. وهي فترة ينتظرها التجار بفارغ الصبر لتغطية تكاليف العام كله.
لورونس واحدة من آلاف الفرنسيين الذين يشترون السترات يومياً، إما عبر المتاجر العادية، ومحلات البيع بالجملة، أو عبر متجر "أمازون" الإلكتروني. تقول: "أشتري أكثر من واحدة لأني أعرف أني قد أخسرها بسبب العنف الحاصل. وقد أضيعها في نهاية النهار. اشتري سترة إضافية كي أخيفهم. هذا اللون يخيف الشرطة التي مارست كل أنواع القمع بحقنا كمواطنين وتقف مع السلطة ضد مطالبنا. لا شيء يخيفهم فعلياً مثل هذه السترة. سأدفع حتى لو وصل سعرها إلى الخمسين يورو، فقط كي أراهم أمامي مثل الجرذان"، واصفة الشرطة الفرنسية ورجال الأمن الذين نزلوا إلى احتجاجات باريس بألبسة مدنية وأطلقوا الغاز المسيل للدموع والقنابل المضيئة ضد المتظاهرين، ومارسوا عنفاً غير مسبوق منذ انطلاق الاحتجاجات لأول مرة.
تشرح الفتاة الثلاثينية، والتي تنتمي إلى حركة نسوية تهتم بالنساء المثليات في "بولونوي" (إحدى ضواحي باريس)، أنها نزلت لإيمانها بأن هذه الحركة تشكل كل قضايا الشعب الفرنسي، ولا بد من "عدّة" للنزول إلى الميدان: "السترة أولاً، ثم بعض الطعام وشنطة ظهر صغيرة أخفي فيها هاتفي النقال مع كاميرا صغيرة لتوثيق كل شيء. نحن نتعرض إلى عنف في الشارع ولا بد من شراء كل هذه الأغراض لوجيستياً. ليس مهماً أن تكون متظاهراً فحسب، عليك أن تكون متظاهراً ذكياً في كل الأحوال"، مضيفة: "للأسف، التجار صاروا يرفعون أسعار كل ما يمكن أن نحتاجه في التظاهرات، خاصة السترات، معتبرين أنها بمثابة موسم لهم، خصوصاً أننا أحرقنا لهم موسم بيع الألعاب"، تقول ساخرة.
وبالفعل، فإن السوق الفرنسي، تضرر كثيراً، لا سيما سوق الألعاب الذي ترتفع أعداد زبائنه في فترة الأعياد، لكن هذا القطاع تضرر بسبب التظاهرات وازدياد مخاوف المواطنين من حالة "السترات الصفراء"، وشهدت المتاجر إقفالاً تاماً وانخفض البيع إلى الخمسين في المائة، كما تشير إحصاءات نشرتها وسائل الإعلام الفرنسية. إلا أن الغلاء أصاب بشكل كبير منتجات السترات الصفراء، التي لم يكن لديها زبائن في السابق، على ما يقول فرنسيس جونو (40 عاماً) وهو صاحب أحد متاجر الجملة في الـ"ماريه".
يقول فرنسيس، في حديث إلى "العربي الجديد" إن بعض المتاجر تبيع القطعة الواحدة بخمسة يورو، وبعضها بثمانية يورو، إلا أن سعرها لا يتعدى الثلاثة كحد أقصى في العادة، مشيراً إلى أن "لا أحد يضبط هذه السوق حالياً. وهذا أمر طبيعي. الكل يعيش حالة اضطراب. وانتعش هذا البيع فجأة، وهي ستكون ظاهرة مثل غيرها من الظواهر التي سرعان ما تنتهي ولا تلبث أن تنقطع لاحقاً"، متوقعاً أن يبقى البيع مرتفعاً إلى حين انتهاء هذه الاحتجاجات، "طالما هناك دعوات دوماً إلى التظاهر سيكون هناك طلب".
ويؤكد هيوغو، وهو بائع منتجات للعاملين في مرافق الكهرباء والماء والمنازل، أن زبائنه في العادة هم العمال وأرباب العمل في مشاريع البناء أو الذين يضطرون إلى وضع هذه السترات من مستخدمي الدراجات الهوائية، وأن البيع لديه زاد بنسبة 60 في المائة بعد اندلاع التظاهرات.
وكما في السوق، ارتفعت أيضاً المبيعات بشكل حاد على منصة "أمازون". ووفق دراسة أجراها تلفزيون "بي إم تي في" عبر برنامج "كيبا"، والذي يسمح بمراقبة تطور أسعار المنتجات عبر المتجر العملاق على الإنترنت، "أمازون"؛ فإنه بين الأول و30 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ازدادت التعريفات الجمركية بمعدل 22 % مع السترات Lumiereholic من 7.99 يورو إلى 8.59 يورو، بزيادة قدرها 7 % ، مقابل 5 % من الزيادة السترات Femor. ومع ذلك تظل هذه الزيادات معتدلة، مقارنةً بالآخرين: فقد شهدت العلامة التجارية "وايت" ارتفاع سعرها بنسبة 50% تقريباً، من 3.99 يورو إلى 5.90 يورو في الشهر. ووفقاً لـ "بي إم تي في" يمكن تفسير هذا الارتفاع بالأسعار من خلال نموذج "التسعير الديناميكي" في أمازون والذي يغير أسعار المنتجات حسب الطلب.

المساهمون