الساحل الغربي لليمن: عودة إماراتية لتكرار المشهد الليبي

الساحل الغربي لليمن: عودة إماراتية لتكرار المشهد الليبي

09 ابريل 2020
تعمل الإمارات على توحيد أتباعها ضد الشرعية (أندرو رينيسين/Getty)
+ الخط -

يفرض الساحل الغربي في اليمن نفسه من جديد كساحة صراعٍ بين الحكومة الشرعية من جهة، والإمارات وأتباعها من جهة أخرى، مع مساعٍ إماراتية للعودة والوجود من جديد في هذه المنطقة عبر وكلاء هذا البلد، وتصفية ما تبقى من وجودٍ للشرعية، بعدما تمّ وضع قواتها ووجودها في الساحل الغربي بين ناري أتباع أبوظبي الذين يتمددون، وورقة الشرعية نفسها.

وقالت مصادر في صفوف الشرعية، وأخرى من أتباع أبوظبي، لـ"العربي الجديد"، إن الساحل الغربي اليمني يقترب من صراع جديد على خلفية مساعي الإمارات ووكلائها في الجنوب من "المجلس الانتقالي الجنوبي"، لطرد القوات الحكومية التابعة للشرعية من مناطق وجودها في المنطقة الممتدة من باب المندب إلى الحديدة، وذلك من خلال إرسال تعزيزات لطرد القوات المشتركة التي يديرها القيادي حمدي شكري في الساحل الغربي، بما فيها القوات الموجودة في منطقة رأس العارة التابعة لمحافظة لحج، المطلة على البحر الأحمر وباب المندب.

وأشارت المصادر إلى نشوب توتر شديد بين قوات الطرفين، مع دخول القوات التابعة لمحافِظ لحج اللواء أحمد عبد الله التركي على الخط، وهي قوات توجد على الطول الساحلي التابع للمحافظة، وفي مناطق أخرى. وأضافت المصادر أن الإمارات تهدف إلى جعل الساحل الغربي برمته في يد أتباعها، ما من شأنه أن يقلب الوضع كلّه في البلاد.

وفي السياق، رأى مصدر عسكري في المنطقة العسكرية الرابعة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الوضع هذه المرة أكثر خطورة وتعقيداً من السابق؛ فبعدما فشل السعوديون في تطبيق اتفاق الرياض (الموقّع بين الشرعية و"الانتقالي" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي) وإعادة الحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة عدن، فإن "الانتقالي الجنوبي" يعيد ترتيب وضعه ليتمدد نحو الساحل الغربي، ويدفع نحو توتير الأوضاع هناك بدعم إماراتي، وذلك لأجل تحقيق مجموعة من الأهداف، منها تسليم كامل الساحل الغربي لحلفاء أبوظبي، وتحديداً لنجل شقيق الرئيس السابق العميد طارق محمد عبدالله صالح في الشمال، وربطه بشكل مباشر مع "الانتقالي" في الجنوب. وأوضح المصدر أن ذلك لن يتم إلا من خلال تصفية وطرد قوات الشرعية من الوسط الذي يقطع عملية هذا الربط، وبالتالي يسهل على الإمارات تنفيذ مشروعها في اليمن من خلال الساحل الغربي.

ووفق المصدر، من المتوقع أن يتشارك أتباع أبوظبي في دعم بعضهم البعض ضد الحكومة الشرعية، وتشكيل جبهة واحدة. وبحسب رأيه، لا يستبعد أن يدخل الحوثيون على خطّ مواجهة الشرعية، لا سيما أن الإمارات التي قلصت نفوذها في الفترة الأخيرة، تسعى الآن إلى العودة من الباب الخلفي، من خلال الساحل الغربي، وعبر حلفائها ومخططها الجديد، وتدفع "الانتقالي" إلى تنفيذ هذا المخطط، فيما تضع طارق صالح وقواته بعيداً عن الأضواء، خوفاً من رد فعل الحكومة الشرعية.

ولفت المصدر العسكري إلى أن أحد الأهداف أيضاً هو دعم طارق صالح لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، بعدما وجدت الإمارات أن الأخير ضعيف أمام قوات الشرعية، فدفعت نحو هذا المخطط، لا سيما إذا قررت السعودية تطبيق اتفاق الرياض بالقوة، من خلال السماح لقوات الشرعية بدخول عدن، وطرد قوات "الانتقالي" وإنهاء تمردها، لذلك فإن إشراك قوات صالح قد يساعد المجلس في مواجهة القوات الحكومية، خصوصاً أن عملية الاندماج والربط بين أتباع أبوظبي تقترب من خطواتها الأولى.

كذلك، من شأن مليشيات "الانتقالي" أن تساعد قوات صالح في بسط سيطرتها على أجزاء كبيرة من الساحل الغربي، وبسط السيطرة على ميناء المخا المطل على البحر الأحمر، والذي تسعى الإمارات لاستغلاله وترميمه وتطويره ليكون منفذاً رئيسياً تدعم من خلاله وكلاءها في الشمال والجنوب، وأيضاً مساعدة كتائب "أبو العباس" في تعز في فرض حصار على قوات الشرعية في تلك المنطقة، التي تشكل أحد أهم معاقل الشرعية وحزب "الإصلاح".

وقد تقوم قوات صالح بمحاصرة تعز من الساحل الغربي، وقطع خطوط الإمداد عنها، فيما قد تفرض مليشيات "الانتقالي" حصاراً على تعز عبر محافظة لحج، إذا تمكنت من طرد قوات الحكومة الشرعية منها. وبالتالي، فإن تعز ستكون محاصرة من قبل الإمارات وأتباعها، ومحاصرة من الجهة الأخرى من قبل الحوثيين، ما يعني أن أبوظبي قد تنجح في فرض النموذج الليبي على الساحل الغربي اليمني.​

المساهمون