لم يكن أشد المتفائلين من دعاة السلام، يتوقع أن يُرفع العلم الصربي إلى جانب علم البوسنة والهرسك، في أحد المحافل بكل سهولة، لا سيّما في ظل العداء التاريخي بين البلدين، والذي بلغ أشده بعد المجازر الكبيرة التي اقترفتها القوات الصربية بحق مسلمي البوسنة في عام 1995، و التي أزهقت خلالها أرواح نحو 8 آلاف منهم، ونزح على إثرها عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين من المنطقة.
لكن هذا قد حدث خلال احتفالات فريق مانشستر سيتي الإنجليزي بالتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم للمرة الرابعة في تاريخه والثانية في غضون ثلاثة أعوام، بعدما رفع مهاجم فريق السيتي، البوسني إدين دجيكو، علم بلاده، إلى جانب زملائه بالفريق، الصربيين، ماتا ناستاسيتش، وألكسندر كولاروف، الذين احتفلا بدورهم برفع علم بلادهم.
ورغم فظاعة المجازر التي ارتكبتها القوات الصربية بحق مسلمي البوسنة في عام 1995،إلا أنّ "دجيكو" لم يجد أي حرجاً في رفع علم بلاده إلى جانب العلم الصربي.
وأثبتت كرة القدم مُجدداً أنها "قادرة" على تحقيق نجاحات عديدة في الكثير من الأمور التي أفسدتها السياسة بين الدول، وأنها الأداة التي تُمثل جسر التقارب الوحيد بين الشعبين الجارين، لتُشكل مزيجاً رائعاً يجمع بين أبناء الشعوب الذين تفرقت أحسابهم وتفرعت أنسابهم وأقطارهم، لكنهم اجتمعوا على حُب كرة القدم التي وحدتهم وصهرتهم في بوتقة واحدة.
ونجحت الساحرة المستديرة، في تحقيق الأهداف التي عجزت عنها البنادق وطاولات المفاوضات عبر استثمار إشعاعها ونبلها الإنساني، حيث لم يحتاج هذا التقارب بين الدولتين إلى طاولات مفاوضات، وإنما احتاج فقط لكرة القدم، ليظهر جلياً خلال احتفالات فريق مانشستر سيتي، بالفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.