الرجل الغامض في نادي قمار سوريا

الرجل الغامض في نادي قمار سوريا

31 يناير 2014
+ الخط -
كان تسريب نبأ افتتاح أول ناد للقمار في سوريا، أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر 2010، محصوراً ببعض الصحافيين والمواقع الالكترونية، يجري تداوله بـ"القطّارة" ضمن خطة مرسومة تهدف الى الترويج للنادي، مع محاولة عدم استفزاز مشاعر علماء الدين والمجتمع المحافظ عموماً، ومحاولة نصب "فخّ كبير" بطريقة هادئة وسلسة من دون صراخ، على حد تعبير بعض ظرفاء دمشق.

وهذا ما يفسّر عدم صدور ترخيص رسمي لنادي قمار وإنما لـ"نادي ترفيه" ومنشأة سياحية، وتنظيم حفل افتتاح متواضع من "دون صخب او احتفال رسمي معلن، تلافياً لأي إضرار بمشاعر الآخرين الذين لا يشجعون مثل هذه النشاطات الاقتصادية"، على حد تعبير تسريب متكرر عن النادي.

في حين أنكر فيه رئيس الحكومة وقتها ناجي عطري ترخيص نادٍ للقمار أمام مجلس الشعب، ومطالبة نائب رئيس مجلس الشعب رضوان حبيب بأن يقوم النواب المحتجون بـ"إعطائنا عنوان النادي"، جرى تظهير الخبر على أنه محاولة لتنشيط قطاع السياحة السوري، ومنع ضياع الأموال السورية التي يقامر بها بعض السوريين في "كازينو لبنان" والذي درج المقامرون السوريون على زيارته لقربه من بلدهم.

كما جرى الترويج لرواية أنّ ترخيص النادي ـ الكازينو، بإدارة شركة "أوشن كلوب"، جاء بعد استعادة رجل الأعمال خالد حبوباتي، مالك "نادي الشرق"، وصهر رجل الأعمال موفق الشلاح، لرخصة سابقة كان والده توفيق حبوباتي يملكها، وافتتح بموجبها ثلاثة كازينوهات هي: كازينو بلودان، وكازينو فندق المطار، وكازينو الشرق، سبق للحكومة السورية أن أغلقتها عام 1977 بقرار من رئيس الوزراء آنذاك عبد الرحمن خليفاوي.

القرار الأخضر الناعم

ليس خالد حبوباتي المالك الوحيد للنادي الجديد، والضوء الأخضر الناعم لفتح الكازينو الجديد كان قد أمر به الرئيس بشار الأسد، مكلّفاً صديقاً له بإطلاق هذا المشروع "التنموي". والمفارقة أن هذا الصديق ليس من رجال الاعمال، وإنما من الفنانين التشكيليين الذين وجدوا حظوة كبيرة عند بشار الأسد، وقبلها عند شقيقه باسل وهو ياسر حمود، ابن محافظة طرطوس.

وكان ياسر حمود، المولود عام 1963، قد جمع ثروة كبيرة نتيجة تكليفه بأعمال "فنية" ضخمة منها مدفن باسل الأسد الذي تحوّل لاحقاً الى مدفن للراحل حافظ الأسد ولابنه مجد. كما كُلِّف بتصميم وتنفيذ بانوراما المدخل الشمالي لمدينة دمشق التي تتضمن الأسد الأب في إطار أسطرة الشخصية وعبادتها، وكذلك كُلّف بتصميم وتنفيذ مداخل مدينتي اللاذقية وحلب، وزار الأسد الابن معرضَين له، أحدهما في العام 1996، أي قبل أن يصل إلى الرئاسة، وذلك في "صالة السيد" (دمشق)، والآخر عام 2008 في صالة "آرت هاوس" المملوكة لابن خاله رامي مخلوف.

وكانت الخطة تنصّ على أن يلحق افتتاح هذا الكازينو إنشاء ثلاثة كازينوهات أخرى تتوزع بين منطقة يعفور الراقية في ريف دمشق، والثاني في مدينة تدمر السياحية وسط سوريا، على أن يكون الثالث في حلب.

في كل حال، لم يعمّر كازينو دمشق، فقد جرفته أحداث الثورة، فكان من بين أوائل ضحاياها، وجاء قرار إغلاقه ضمن حزمة وعود قطعها الرئيس بشار الأسد للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي في نيسان/ أبريل 2011 لضمان تأييده ودعمه في مواجهة احتجاج تيار عريض من علماء سوريا، من ضمنهم بعض مريدي البوطي الذين ساندوا الثورة السورية.

ومن هذه الوعود، بالإضافة إلى إغلاق الكازينو، إعادة المدرّسات المنقّبات إلى وزراتَي التربية والتعليم العالي، وإطلاق قناة دينية في مؤسسة "نور الشام"، وتأسيس "معهد الشام العالي للدراسات الشرعية".

المفارقة أن السلطات السورية أغلقت الكازينو بالطريقة المخادعة نفسها التي افتتحته بها، وكان صاحب القرار بفتح الكازينو وإغلاقه هو نفسه، وقد علّل قرار الختم بالشمع الاحمر بـ"ممارسة أعمال تخل بالآداب العامة والمخالفة للأنظمة والقوانين، على أن تستمر عملية الإغلاق إلى حين تسوية أعمال الصالة بما ينسجم مع الأنظمة والقوانين".

دلالات

المساهمون