الرئيس يؤدب الأحزاب التونسية

الرئيس يؤدب الأحزاب التونسية

17 اغسطس 2020
سعيّد يقتص من كل الأحزاب التي أمعنت في الخلافات (أنيس ميلي/فرانس برس)
+ الخط -

درس قاسٍ لقّنه الرئيس التونسي قيس سعيّد لكل الأحزاب التونسية، عندما تركها جانباً ولم يكلف نفسه حتى عناء الالتقاء بها والتحدث إليها في شأن هو الأهم بالنسبة لأي بلد في العالم، تشكيل حكومة تدير مصالح الناس. ليس هذا فقط، فقد خرج رئيس الحكومة الذي كلفه سعيّد، هشام المشيشي، في إطلالة سريعة لعلها أقصر ندوة صحافية لرئيس حكومة، ليقول فقط إن الأحزاب التونسية تتناحر في ما بينها ولذلك لن تتدخل في الحكومة ولن تقترح ولو وزيراً فيها، وكأنه عقاب أستاذ لتلاميذه المشوشين في القسم، أو أب لأبنائه الذين تخاصموا على لعبة.

لم يكن هذا فقط درس سعيّد، وإنما أيضاً مروره عبر أزقة الدستور الخلفية وأروقته المفتوحة على كل تأويل ممكن، ولعل من كتب الدستور من الأحزاب بدأ يستفيق الآن من غفوته وينتبه إلى كل الملاحظات التي سيقت وقتها ولم يعرها انتباهاً. وليس هذا فقط، فالرئيس سعيّد يقتص من كل الأحزاب التي أمعنت في الخلافات ورفضت انتخاب من تبقى من أعضاء المحكمة الدستورية، ليجد نفسه مالك الحقيقة الوحيد، يقرأ الدستور كما يراه ويؤوله في الاتجاه الذي يريد.

اقتص سعيّد لنفسه من الأحزاب ولكنه ينتقم أيضاً لسلفه، الراحل الباجي قائد السبسي، الذي أعجزته الأحزاب عندما أراد أن يغير الحكومة، وعندما بحث عن توافق لحسم المحكمة الدستورية، وعندما تلاعب به البعض مرتكزاً على نفس ثغرات الدستور.
يؤدب سعيّد أحزاب بلاده، وهذا صحيح، ولكنها دروس ستذهب مع الريح، لأن الدرس الحقيقي الذي سيواجهه الجميع، بمن فيهم هو، قرأه السبت المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، عدنان لسود، في تصريح أدلى به لوكالة الأنباء التونسية، عندما أكد أن الاقتصاد التونسي سجّل أكبر تراجع له منذ سنة 1997، لينخفض بنسبة غير مسبوقة بلغت 21.6 في المائة، وارتفاع نسبة البطالة أيضاً إلى أرقام ما فوق الـ15 في المائة التي نجرّها وراءنا منذ سنوات.
والدرس الحقيقي الثاني أن فيروس كورونا يعود بقوة في تونس وبأرقام تفوق فترة الذروة في مارس/آذار الماضي، ورئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ أقال وزير الصحة الذي نجح في مواجهة الفيروس بنجاح، لأنه فقط ينتمي لـ"النهضة".
وبينما البلاد تغرق، يتداول التونسيون أن فنان راب مقيم في الولايات المتحدة اسمه "كادوريم" تقدّم بطلب رسمي للسلطات الروسية لحجز جرعات من لقاح كورونا لتونس يتكفل بثمنها شخصياً، فيما الرئيس وأحزابه غارقون في لعبة "من يربح الدستور".

المساهمون