الرئيس بخير

الرئيس بخير

18 ابريل 2018
+ الخط -
بشرنا الإعلام بأن الرئيس بخير، وها هو يتجول في مقر رئاسته مزهواً بنصره، متحدياً قوى الاستكبار المتغطرس، الرئيس بخير، فما همنا إن مات أكثر من نصف مليون من الشعب، هؤلاء قرابين قدموا على مذبح الوطن.

هؤلاء قطعاً لا يستحقون أن نكتب لهم: "وعليك عيني يا دمشق فمنك ينهمر الصباح"، هذه تكتب فقط حين تعتدي الغاشمة أميركا على مقرات ومراكز النظام، لكن هذا الصباح لا ينهمر حتماً على مدينة الرقة التي دمرتها الأيدي الأميركية، وأهلها الفقراء طبعاً لا يستحقون أن تلتفت بتضامنك نحوهم، فهؤلاء مواطنون درجة خامسة على سلم تضامنكم المزعوم.


وسلامك يا "بردى" ينقطع بثه حين يكون العدوان روسياً، حين تحرق طائراته أحياء المدن وناسها، سلامك يا بردى يصل فقط حين يهدد نظامك القاتل، فيصبح الدمع حينئذ لا يكفكف! ولا يعبر العدو منك حين تكونين دمشق، بل يخرج العدو منك، من جلدك، من لحمك، فيضرب الشعب بالكيماوي، ويلقي براميل حقده وصواريخ عاره... يحق له طبعاً، فهؤلاء مواطنون درجة سابعة، هؤلاء فقراء الغوطة الذين لم تستوعبهم أحياء دمشق بقلبها الكبير، هؤلاء سيشوهون صورة "سورية المفيدة" التي يريد النظام أن يرسمها! ويا نار كوني برداً وسلاماً على سورية، حين تقصفها طائرات العدوان الثلاثي، وكوني جحيماً يعصف بأركان من يرفع رأسه طالبا الحرية، أو العيش بكرامة...

كوني جحيماً يحرق من يرفس النعمة والجنة التي كان نظامك الجميل قد وفرها لشعبه، كوني برداً وسلاماً فقط على مطارات النظام ومراكزه الحيوية...

فيااا شااام، يا دمشق، كوني بخير، اصمدي وتصدي للغزاة، بكل عنترياتك وطبولك وأبواقك، وكوني الصمت والتواطؤ مع شعب يقتلع من أرضه، في حملات التهجير الجديد، كوني الشماتة بالمدنيين الذين يموتون بحصار جيشك وقصفه، كوني النصر على جثث الأبرياء وأحياء المدن الخارجة من سطوة الموت الأسود! وليزهر الياسمين في حواري الشام، ليزهر في أرجاء دمشق وشوارعها، ولتلعن أرواح آلاف المعتقلين الذين ماتوا في سجون طاغيتك، ولتبنَ القصور على جثث المقابر الجماعيّة من أبنائك وأهلك. وليفوح عطر الياسمين، ليفوح من دبابات وصواريخ نظامك، ليفوح ونهلل له منتصرين، فهو الأنقى والأجمل من رائحة العفنة والعار التي حملها معهم هؤلاء اللاجئون الذين تركوا نظامهم في حاجتهم له!

لنهلل للنصر على عدوان ثلاث دول كبرى، ولننكس رؤوسنا أمام عدوان ثلاث أخرى، لنخرج إلى الشوارع ونحتفل ونصرخ ونؤيد، فهذه الشوارع لم تخلق للرفض، ولنرقص على جثث الشعب الذي تجرأ ورفع رأسه مصدقاً أن الشعب سيستجيب له القدر حين يريد الحياة، الشعب الذي كان من الغباء أن صدقَ أن ليل الظلمِ مهما طال سيزول ويزهر فجر الحرية.