Skip to main content
الذكرى الخامسة للثورة السورية
تامر عثمان
ثورتنا ما زالت مستمرة (العربي الجديد)
في الذكرى الخامسة للثورة السورية التي انطلقت في الخامس عشر من شهر مارس/ آذار عام 2011 خرج السوريون من مختلف المحافظات والمدن والقرى الخاضعة لسيطرة المعارضة في مظاهرات حاشدة أكدت على مطلب الثورة الأساسي وهو إسقاط النظام، وطالبت الثوار بالتوحد لتحرير البلاد بشكل كامل من نظام بشار الأسد والمليشيات الأجنبية التابعة له.


شهدت مدينة حلب وريفها مظاهرات حاشدة رغم هطول الأمطار الغزيرة، حيث انطلقت مظاهرة حاشدة بعد ظهر الثلاثاء من "حلب القديمة" جابت شوارع المدينة القديمة ولاقت مشاركة واسعة من المدنيين الذين أنهكتهم الحرب، رفع فيها المتظاهرون أعلام الثورة السورية وأكّدوا على مطلب الثورة الذي هتف به المتظاهرون قبل أربعة أعوام وهو إسقاط النظام وأكّدوا ألا تراجع مهما كلّف الأمر قبل تحقيق هذا المطلب، كما شهدت مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي ومدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي مظاهرات حاشدة أيضاً في الذكرى الخامسة للثورة السورية.

مجاهد أبو الجود ناشط إعلامي في الثورة السورية من مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي يقول لـ"جيل العربي الجديد": "نحن هنا في الذكرى الخامسة للثورة السورية لنقول للجميع إننا مصرون على إكمال المشوار، مشوار الحرية الذي كلفنا مئات الآلاف من الشهداء والملايين من المهجرين والنازحين، بالطبع الثمن كان باهظاً جداً وما زلنا ندفع فاتورة ثورة الكرامة حتى اللحظة، ولكن لا بدّ لمن يدفع ثمناً كهذا أن يحصل على ما أراد، أؤمن بحتمية انتصار الثورة السورية، فالمطالب المحقة كالحرية والعدالة والمساواة، والتي كانت شعاراتنا منذ مطلع ربيع 2011 ما زالت هي ذاتها حتى الآن، مظاهرتنا اليوم بمدينة إعزاز هي تأكيد لمطالب الثورة السورية، ودعم للثوار على الجبهات ودعمهم للمضي قدماً حتى النصر إن شاء الله، وتأكيد لمطلبنا الأساسي وهو إسقاط النظام الذي نعتبره نحن كثوار هو الحل الأول والأخير لإنهاء معاناة السوريين".

ما يميّز المظاهرات التي انطلقت في الذكرى الخامسة للثورة السورية مشاركة عناصر من الجيش السوري الحر وانخراطهم في صفوف المدنيين الذين كانوا النواة الأولى لتشكيل الجيش السوري الحر بعد تعمّد قوات النظام استهداف المظاهرات السلمية التي نادت بالحرية والكرامة والمساوة بالرصاص الحي، حيث كان يسقط عشرات الشهداء يومياً من المتظاهرين العزّل برصاص قوات الأمن والشبيحة في كل مدينة وقرية في سورية.

أبو عبد الله أحد مقاتلي الجيش السوري الحر يقول لـ"جيل العربي الجديد": "ثورتنا ما زالت مستمرة، رغم التدخل الإيراني ما زالت مستمرة، رغم تدخل مليشيات حزب الله ما زالت مستمرة، رغم تدخل المليشيات العراقية الطائفية ما زالت مستمرة، رغم تدخل روسيا وخروجها مرغمة ما زالت مستمرة، نحن نحارب من أجل قضية سامية، من أجل شعب مظلوم تخلّت عنه جميع الدول التي تنادي بحقوق الإنسان، نحن بأسلحتنا التي لا تشكل شيئاً انتصرنا على إحدى أقوى الدول العسكرية في العالم "روسيا"، قرروا الانسحاب لأنهم علموا جيداً أنّ جهودهم في دعم الأسد وشركائه لن تأتي بجديد، قررنا منذ بداية المشوار ألا نرمي السلاح حتى يسقط هذا النظام المجرم، نشارك اليوم بالمظاهرات لأنها كانت نواتنا الأولى، منها انطلقنا ولأجل هؤلاء حملنا السلاح، فقدنا الكثيرين من رفاق الدرب وما زلنا نفقد أعزّ الناس إلى قلوبنا، ندرك أنّ الثمن غال، يمكن أن أكون أنا في الجولة القادمة، لكن عهدنا أمام الله والشعب أننا لن نلقي السلاح حتى نستأصل الأسد وحلفاءه من أرضنا ويعيش شعبنا بحرية وكرامة".

ومع دخول الثورة السورية عامها الخامس شهدت البلاد تقلبات كبيرة في الفترة الأخيرة على الصعيد العسكري، تمثلت بالتدخل الروسي الجوّي لمساندة قوات النظام أسفر عن إحراز قوات النظام تقدماً على حساب الثوار، ففي شمال مدينة حلب استطاعت قوات النظام المدعومة بمليشيات طائفية وتغطية مكثفة من سلاح الجو الروسي الوصول إلى قريتي نبل والزهراء المواليتين بعد حصار دام أكثر من عامين، وتهديد حلب المدينة بحصار كامل، كما تمكّنت قوات النظام المتمركزة في مدينة السفيرة في ريف حلب الشرقي من السيطرة على عشرات القرى الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة وفك الحصار عن مطار كويريس العسكري، أما في ريف حلب الجنوبي فتمكنت قوات النظام من السيطرة على بلدة الحاضر الاستراتيجية وعدة قرى محيطة بها والوصول إلى طريق "حلب دمشق الدولي"، فيما تكبّدت قوات النظام و المليشيات الموالية لها خسائر فادحة في ريفي إدلب وحماة إبّان الأيام الأولى للحملة العسكرية المشتركة مع سلاح الجو الروسي والمليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية، ما أجبرهم على وقف العمليات العسكرية هناك ونقل المعركة إلى ريف حلب حيث تعتبر خطوط دفاع الثوار هناك أكثر هشاشة بسبب دخولهم بمواجهات أخرى مع كل من تنظيم الدولة وقوات سورية الديمقراطية.

على الصعيد المدني يستقبل السوريون العام الخامس للثورة السورية وكلهم أمل بأن تضع الحرب أوزارها ويعيشوا بأمان دون نظام الأسد والطائرات والصواريخ التي دمرت منازلهم وقتلت فلذات أكبادهم وهجرت الملايين من أبناء الشعب السوري، فالبلاد تعيش في حالة مزرية من الناحية الأمنية والاجتماعية والإنسانية، الكهرباء مقطوعة منذ فترة طويلة يرافقها انقطاع المياه، فضلاً عن الحالة الاقتصادية السيئة التي ترمي بظلالها على المواطن السوري.

يجلس الحاج محمد أمام عتبة بيته وبابتسامة خجولة يشاهد كيف يهتف المتظاهرون بحماس، يقول الحاج محمد لـ "جيل العربي الجديد": "عندما أنظر إلى هؤلاء الشباب أدرك أن اليأس الذي يحيط بنا لن يدوم طويلاً، أتعبتنا هذه الحرب، النظام قتل كل شيء فينا، دمر المدينة ودمر كل شيء من شأنه أن يعيد عجلة الحياة في المستقبل القريب، لدي شابان اضطرا للذهاب إلى تركيا والعمل هناك بسبب ضعف الحالة الاقتصادية هنا في مدينة حلب، أنا سعيد لأني لم أر الطيران الحربي منذ فترة لا بأس بها، لا أحد يتمنى أن يفقد شخصاً عزيزاً على قلبه ولا أحد يتمنى أن يهدم بيته، أتمنى أن ينتهي هذا الأمر سريعاً وأن نعيش بأمان بدون الأسد وطائراته".

هي الأماني يطلقها المدنيون والناشطون والعسكريون في الذكرى الخامسة للثورة السورية، لا يتنازلون عن حقوقهم المشروعة ولكن في نفس الوقت يريدون أن يعمّ الأمان في البلاد وأن يعود المهجّرون والنازحون، يأملون بغدٍ أفضل بدون نظام الأسد وطائراته.

(سورية)