الديكتاتور بين الحقيقة والخيال السينمائي

الديكتاتور بين الحقيقة والخيال السينمائي

06 يناير 2015
+ الخط -

عندما شاهدت الفيلم المصري "الديكتاتور" للمرة الأولى، كان الرئيس السابق محمد مُرسي على رأس السلطة في مصر. كنت أقول إن الأمور في مصر انتهت، ولم تكن نهايتها كما كانت في الفيلم، فنهاية الفيلم كانت غريبةً، وغير منطقية بالنسبة إلى متابعٍ للسينما المصرية. وفي الوقت نفسه، كنت أقول إن الواقع يختلف كثيراً عن عالم الأفلام السينمائية، لذلك، نجحت الثورة، وعاش الجميع بسلام.
عام واحدٌ بعدها، كان ثمة إصرارٌ على تغيير قناعتي، فالنهاية السينمائية التي كانت في الفيلم أصبحت حقيقةً واقعة، فقد تعاون بعضهم من أجل إعادة الديكتاتور "نفسه" إلى سدة الحكم، وفشلت النظرية السينمائية التي تبيحُ للجمهور مشاهدة نهايةٍ سعيدة، لتصبح الثورة المصرية "25 يناير" ليس أكثرَ من مجردِ فاصلٍ إعلاني بين جزءي فيلم الديكتاتور، ولتكون النهاية الحقيقية النهاية السينمائية.
كان من حقِ الممثل القدير، حسن حسني، في نهاية الفيلم، أن يسمي عودته إلى الحكم ثورةً، كما كان من حقه أن يبحث عن آسره، ويتهمه بمحاولة الانقلاب ويحاكمه على ذلك، طالما أن لديه عسكراً ينفذون أوامره، ويحافظون على استقرار "بامبوزيا".
كل هذا طبيعيٌ في ظل صراعات على السلطة في البلاد العربية. ولكن، ما أثار استغرابي استمرار المسيرات الرافضة لحكم عبدالفتاح السيسي والعسكر، والمؤيدة لمُرسي والإخوان المسلمين، في مُدن وقرى مصرية كثيرة، على الرغم من مرور عام ونصف على الانقلاب العسكري، وعلى الرغم من استمرار سقوط المتظاهرين برصاص الأمن المصري، يوماً بعد آخر.
وما يزيد استغرابي، انخفاض حجم التغطية الإعلامية لهذه التحركات، بشكلٍ مقصود أو غير مقصود، محاولين إقناعنا وإقناع المتظاهرين بأن إجماعاً خارجياً يوافق على وضع نهايةٍ غير سعيدةٍ لهذا الواقع الذي يتحول، شيئاً فشيئاً، إلى سينما درامية.
ولكن، ما جعلني أشعر بسعادةٍ بالغة استمرار التظاهرات، على الرغم من كل الشهداء الذين قدمهم الشعب المصري، وعلى الرغم من رصاص العسكر، وعلى الرغم من المؤامرات الخارجية، وعلى الرغم من المدة الطويلة، والإصرار من نساء وأطفالٍ وشبان على تغيير النهاية، قبل تغيير القضية.

0C735959-D6E9-48C8-8328-E576722ED3DB
0C735959-D6E9-48C8-8328-E576722ED3DB
مالك أبو عريش (فلسطين)
مالك أبو عريش (فلسطين)