ويذهب اليسار الدنماركي في مطالبته تلك إلى القول إن "أكثر الأنظمة بشاعة يمكن رؤيتها تعيد مرة إثر مرة انتهاك حقوق الإنسان، وحين نزعت كندا عن فمها الورقة لتقولها صراحة فيجب أن نقف معها، وعلينا أن نكون واضحين وبقوة تجاه السعودية"، بحسب ما يصرح مقرر الشؤون الخارجية، ووزير الخارجية الأسبق، هولغا ك نيلسن عن حزب الشعب الاشتراكي.
من جانبه، يؤكد القيادي البارز في حزب اللائحة الموحدة، سورن سوناغورد، أنه "من غير المفهوم تردد الحكومة في الوقوف إلى جانب كندا، فهناك طريقتان للوقوف بوجه السعودية، فإما أن تقول الحقيقة فيما يتعلق بتقويض جميع حقوق مواطنيها، كما تتصرف كندا الآن، أو تغلق عينيك كما تفعل الحكومة الدنماركية وغيرها حول العالم الغربي، ثمة ظاهرة خنوع أمام ممارسات هذا النظام".
ويمضي سوناغوورد، بحسب التلفزيون الدنماركي قائلًا: "لقد رأينا ذلك في الدفع بزيارة ولي العهد (فريدريك الثاني) وزوجته قبل عامين إلى السعودية، فقط لأجل تعزيز الأعمال التجارية الدنماركية".
ويرفض حزب "اللائحة الموحدة"، سياسة "الصمت مقابل المصالح التجارية"، وهو حزب يعاني مع حكومات اليمين ويسار الوسط في تغليبه "القضايا الحقوقية الإنسانية بمبادئها العالمية على مصالح اقتصادية ضيقة"، كما يعقّب القيادي في الحزب، هانس يورغن، لـ"العربي الجديد"، على مطالب حزبه بدعم الموقف الكندي.
وأضاف: "من غير المفهوم كيف يصمت اليوم على كل تلك الانتهاكات بحجة عدم التدخل في الشؤون الداخلية، فهناك انتهاك لمواثيق دولية نصت عليها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة في السياق".
ويثير تصرف السعودية مع كندا الكثير من التهكم في وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتفق كثيرون مع موقف اليسار النقدي للرياض في المسائل الحقوقية، ويبدون تعاطفًا مع أوتاوا، مشككين بموقف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
تلك المواقف المنتقدة للحكومة الدنماركية دفعت بوزير الخارجية الليبرالي، أندرس سموئلسن، للرد قائلًا: "أشعر بقلق من التطورات الأخيرة في السعودية، ولهذا نتابع ما يجري عن كثب، نحن نقوم الآن بمشاورات حثيثة مع شركائنا الأوروبيين، حول الطريقة المثلى للتعاطي مع تلك القضية".
وفيما يطالب اليسار الدنماركي حكومة البلاد بموقف علني وصريح من "خرق حقوق الإنسان في السعودية"؛ يبدو موقف اليمين المتطرف، في حزب الشعب الدنماركي، رافضًا لما يسميه "التدخل في القضية بين كندا والسعودية"؛ فقد ذهب مقرر ورئيس لجنة الشؤون الخارجية فيه، سورن اسبرسن، والذي يشغل منصبًا رفيعا في لجنة العلاقات الصهيوينة-الدنماركية (منظمة قائمة)، إلى القول: "هذه مسألة دبلوماسية بينهم، عليهم حلها بنفسهم".
وخلال فترة أواخر التسعينيات، وبداية الألفية، كان هذا الحزب ومعظم قيادييه يستخدمون كل ما لا يخطر على بال لانتقاد "الظلامية السعودية المتشددة"، قبل أن يغير مواقفه خلال السنوات الماضية ويتقرب أكثر فأكثر، وخصوصًا بعد مرحلة الربيع العربي، من الأنظمة التي كانت في أدبياته "دليلًا على أن العرب لا يملكون الديمقراطية... وإسرائيل بين الديكتاتوريات العربية واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط".
وبدأت بعض الصحف الدنماركية تتحدث عن "دور وسائل وتقنيات المراقبة الدنماركية في قمع الحريات في السعودية"، وذلك في إشارة إلى ما جرى تصديره من تلك التقنيات إلى دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية. وتلك أيضًا من الأمور التي يرفع فيها يسار الدنمارك ومنظمات حقوقية أصواتهم لرفضها ووقفها والتحقيق في آثارها، بحسب ما تذهب إليه صحيفة "انفارماسيون" في تناول الشأن السعودي.