الداعشية والتضليل الغربي
في مقالات عدة، ربط بعضهم بين الداعشية والخوارج، من حيث المنهج، فتهمة الخوارج هي المستهلكة إعلامياً ودينياً لدى علماء كثيرين قبل السياسيين، في وصفهم الحركات الإسلامية التي تتبنى مشروع الصدام المسلح ضد الدولة، أو تحلم بمشروع الخلافة الراشدة على مساحات قسمت دولاً قُطرية، ترى في حلم الخلافة تهديداً وجودياً لها. ويتعدّى الوصف إلى التشبيه بالهجمة المغولية، من حيث وحشية المنظمة أو الدولة، وعنفها كما يصوره الإعلام. وهنا، نسأل: هل فاقت داعش، بكل هذه الوحشية في التقتيل والتنكيل، في ممارساتها حركات ودول أخرى، يعلم التاريخ صنائعها في البشرية؟
حتى الخوارج، لم يصلوا في قتالهم ضد الدولة، وعنفهم ضد المدن والأمصار التي رفضت إمارتهم، ما وصل إليه الرومان مثلاً، أو القبائل البربرية الجرمانية، أو المستعمرون الإسبان أو البرتغال أو الروس أو الأميركيون أو اليابانيون، بل إن تاريخنا الإسلامي مليء بفواجع الأحداث، من حصار مدن وتقتيل جماعي وتهجيرٍ، كان نتيجة تطاحن الدول وتعاقبها. ويكفي لك أن تقرأ بعض كتب التاريخ، لتعرف كيف حوصرت مدنٌ، حتى أكل أهلها الجيف أو رحلت أقوام، لخلاف مذهبيٍ، أو سحلت وقطعت رؤوس ساسة أو أمراء. وقلت الخوارج لأن الرائج في التشبيه أن الداعشية طائفة على نهجهم، ولو كان الوصف، حسب العقيدة، لتوافق الربط، نوعاً ما، من حيث استحلال دم المسلمين وتكفيرهم والخروج على الحاكم. لكن، من حيث العنف والممارسة على الأرض، حيث التقتيل والتهجير، فالداعشية ليست فريدة، بل هي حالة تاريخية شهدها عالمنا وسيشهدها عند قيام كل دولة على أساس الدين أو العرق أو حتى العصبية الضيقة.
وفي مقاله "السلفية المظلومة''، في "العربي الجديد"، وإنصافا للسلفية، كتب الإعلامي علي الظفيري، ما معناه أن العنف الداعشي لا يمكن ربطه فقط بأن الحركة نتاج فكر سلفي جهادي، بل إن الإرهاب والعنف الممارس من الدولة مارسته حركات ودول إرهابية كثيرة في عالمنا الحالي.
ولنلاحظ، مثلاً، أصداء عملية إعدام الصحفي الأميركي، جيمس فولي، مقارنة بصدى مذبحة الشجاعية التي ارتكبها في قطاع غزة الطيران الصهيوني لدى المواطن الغربي، وحتى العربي وما فعلته إسرائيل أشنع مما اقترفته داعش، غير أن ما يخدم الغرب ليس إجرام إسرائيل، بل تقتيل داعش.