الخيار السوري

08 يونيو 2014

مطالبة في لندن للأسد بوقف القتل (أكتوبر 2011/Getty)

+ الخط -
ركزت القوى الوطنية والديمقراطية السورية منذ بداية الثورة على قضيتين رئيستين هما:

- إن إطالة الأزمة لن تخدم أحدا غير الأصوليين والمتطرفين الذين سيلاقون خطط النظام، لتحويل ثورة الحرية إلى اقتتال مذهبي، بين قوى معادية جميعها للوطنية والديمقراطية، وسيتمكنون من إضعاف التوجهات والقوى السلمية والمدنية في الثورة، وانتزاع زمام القيادة، وأخذ القضية السورية إلى عكس ما أراده الحراك الشعبي السلمي لها.

- إن الطريقة الوحيدة لقطع الطريق على هذا التطور، الخطير بالنسبة إلى سورية والعالم، تكمن في مساعدة الشعب السوري على خوض معركة ناجحة، لإسقاط النظام المستبد، بما أن إسقاطه يقوض فرص الأصولية، ويحول دون توطيد وجودها ودورها في بلادنا التي تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً، وتتطاحن فيها قوى ومصالح عربية وإقليمية ودولية، يهدد صراعها المفتوح، ليس فقط وجود سورية ومصير ثورتها في سبيل الحرية، بل كذلك النظام الدولي برمته.

بعد أكثر من ثلاثة أعوام، يصل قطاع واسع من المجتمع الدولي إلى الاقتناع بما كانت القوى الوطنية والديمقراطية تدعو إليه: الحيلولة دون إطالة الصراع، كي لا تواجه الثورة، ومعظم دول العالم، مصاعب متفاقمة يتطلب التغلب عليها دفع أثمان متزايدة من دماء السوريين، ومن أمن هذه الدول وسلامها. وتزويد الثورة بالسلاح كي تحمي شعبها وتسقط النظام، وإلا قاد الضعف إلى تهميش الثورة، وهزيمتها في حرب الجبهتين التي تخوضها، ووجد الخارج نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إرسال جنوده للقتال ضد الإرهاب في بلادنا، أو مقاتلته في بلدانه.

واليوم، بات واضحاً أنه لم يعد في وسعنا إضاعة المزيد من الوقت، أو إجراء مزيد من الاختبارات والتجارب. لقد صارت هزيمة النظام والإرهاب، في آن معاً، الخيار الوحيد الذي تطرحه المعضلة السورية على السياسات الدولية، فإما أن ينجح السوريون في مقاتلة نظام الأسد وشركائه من الإرهابيين، أو أن يعجزوا عن الصمود في وجه جيشه، واحتواء الظاهرة الإرهابية المتحالفة معه، التي ستشهد، عندئذ، صعوداً عاصفاً سيبتز الأسد العالم بواسطته، ويضعه تجاه واقعةٍ لا مهرب من مواجهتها: التصدي المباشر للإرهاب، عندنا أو عنده، كما سبق القول.

ليس التصدي لتحالف الإرهاب السياسي والأصولي بأيدي السوريين أفضل الخيارات المتاحة وحسب، بل هو، أيضاً، الخيار الوحيد الذي يعد بالنجاح بعد ثلاثة أعوام من التعثر الداخلي والفشل الدولي. كانت الوطنية السورية تقول قبل اليوم: بقدر ما يطول الصراع، ستكون فرص الإرهاب والأصولية أكبر. وتضيف اليوم: بقدر ما يتمسك العالم بسياساته السورية العقيمة، أو الخاطئة، القائمة على حجب العون عن القوى الثورية والوطنية، خشية سقوط بعضه في أيدي الإرهابيين، بقدر ما يعرض شعب سورية وأمنه الخاص للخطر. لم يعد مصير الشعب السوري وحده الذي يتقرر في الصراع ضد النظام والإرهاب.

إن مصير المجتمع الدولي يتقرر هنا، أيضا، لأن الصراع الدائر في سورية لم يعد خارجياً، أو برانياً، بالنسبة له، فإن واصل السياسات التي اعتمدها بعد الثورة، وجد نفسه قريباً أمام مخاطر تحدق ببلدانه، أو تقتحمها، ودفع أثماناً باهظة لإحجامه عن تمكين الشعب السوري من حسم معاركه، ولعجزه، أكثر فأكثر، عن انتهاج سياسات تضمن أمنه، وتساعد السوريين على إحراز انتصار هو مصلحته الاستراتيجية الأولى!  
  
E4AA2ECF-ADA6-4461-AF81-5FD68ED274E9
ميشيل كيلو

كاتب سوري، مواليد 1940، ترأس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية، تعرض للاعتقال مرات، ترجم كتباً في الفكر السياسي، عضو بارز في الائتلاف الوطني السوري المعارض.