Skip to main content
الخردة...رحلة في بزنس السيارات التالفة
العربي الجديد ــ بيروت
"بويك" في خريف العُمر وقد التهمتها ورود الربيع(العربي الجديد)
عندما "تشيخ" السيارة مصيرها واحد من اثنين: إما التجديد الدائم والمُكلف، أو ترحيلها إلى التلف. في حالة التجديد تبقى على قيد حياة صاحبها، لكن عندما يقرر تلفها قد تُكتب لها حياة جديدة إذا وقعت في يد من يُحسن استثمارها في عالم الخردة أو النفايات الحديدية العالي الربحية.
أيضاً في "برزخ" الخردة تلقى السيارة مصيراً من اثنين: إما إعادة تدويرها لاستخدام خاماتها في صناعات بديلة، أو التفكيك إلى قطع لبيع "أعضائها" إلى سيارات يبتغي مالكوها إبقاءها على قيد الحياة بعدما أصبحت قطعها الجديدة مفقودة بمرور الزمن.

بزنس "ما بعد موت السيارات" هو ما سندخل إليه في السطور التالية.

إذا كان تصنيع السيارات الحديثة يتم باستخدام طائفة واسعة من المواد الخام تشتريها الشركات المصنّعة من مصادر ودول عديدة، فإن تفكيك هذه السيارات لإعادة تدوير هذه المواد هو بمثابة عملية استثمار عكسية الخاسر الأكبر فيها صاحب السيارة الذي اشتراها بمبلغ كبير، وربما على أقساط دام سدادها سنوات، من الوكيل الرابح من "سمسمرة" البيع لصالح المصنّع الذي هو أكبر الرابحين.

أبرز المواد التي تحتويها السيارات عند تصنيعها، وبالتالي يُعاد تدويرها والاستفادة منها عند تلفها، الصلب والألمنيوم والنحاس والزجاج والمطاط والألياف، وفقاً لخدمة استفسارات تتيحها شركة "تويوتا" اليابانية على موقعها الرسمي.
في مرحلة التصنيع والتجميع، تتولى شركات إنتاج المواد الخام تحويلها إلى مواد يُمكن استخدامها في تصنيع قطع السيارات، وتسليمها إلى شركات إنتاج إجزاء السيارات أو مباشرة إلى شركات صناعة السيارات، مثل "مرسيدس" و"بي.إم.دبليو" و"هوندا" و"بيجو" وغيرها.

بعدئذ، يتم تحويل هذه المواد إلى قطع تدخل في خط الإنتاج لتركيبها في السيارات الجديدة.
أما في مرحلة التفكيك، فالعملية تصبح عكسية باعتبار أن خط التجميع يتحوّل إلى خط للتقطيع، والقطع التي أصبحت أجزاء سيارات في بداية الأمر، يُعاد تدويرها لتصبح مواد خام يمكن إعادة تصنيعها من جديد، ليحقق تجّار خردة السيارات، كما سائر تجار الخردة، أرباحاً خيالية.

وبحسب موقع "إنفستوبيديا"، فإن الصلب والبلاستيكيات والألمنيوم والمطاط هي أكثر المواد استخداماً في عالم صناعة السيارات. وبإلقاء نظرة أكثر تفصيلاً، يمكن استنتاج مدى اتساع هذا البزنس في عالم التصنيع والتجارة، كما في عالم التفكيك وإعادة التدوير والتسويق مجدداً.

الصلب

يُنتج الصلب من خام الحديد المستخرج، والأرجح أنه هو المكوّن الأكثر استخداماً في تصنيع المركبات، باعتباره يشكل تقريباً 80% من الوزن الإجمالي للسيارة، فمنه يتألف هيكل السيارة وجسمها، بما في ذلك السقف وألواح الأبواب والحُزَم بين الأبواب. وغالباً ما يُستخدم الصلب في تصنيع كاتم الصوت وأنابيب العادم.
وقد مكّن التقدم التكنولوجي على مرّ السنين مصنّعي السيارات من استخدام أنواع مختلفة من الصلب تتمتّع بمستويات متفاوتة من الصلابة.

البلاستيك

يشكل النفط والغاز مصدر المواد الخام للعديد من المكوّنات البلاستيكية في السيارات. والشركات الكيميائية هي التي تتولى تحويل المنتجات النفطية إلى البلاستيك الذي ينافس الصلب على الأهمية في التصنيع.

بالإجمال، يشكل البلاستيك حوالى 50% مما يدخل في تصنيع سيارة جديدة. ومن القطع التي لا حصر لها المصنوعة من البلاستيك: مقابض الأبواب، فتحات التهوئة، لوحة القيادة والوسادات الهوائية.

الألمنيوم

لأنه في المقام الأول يتّسم بالمرونة وخفّة الوزن، يُستخدم الألمنيوم بشكل متزايد في صناعة السيارات.
وبمرور الوقت، زاد حضور الألمنيوم من 2% فقط من وزن السيارة العادية عام 1970، إلى نحو 15% من وزنها في أيامنا هذه. إذ أصبحت العجلات تُصنّع عادة من الألمنيوم، كما حلّت مكان الصلب والحديد في بناء العديد من قطع غيار السيارات المهمة، مثل كتَل المحرّكات.

المطاط

يُعد المطاط من المواد الضرورية لصناعة السيارات. فالإطارات تشكل واحدة من أهم أجزاء السيارة. وإضافة إلى الإطارات، يُستخدم المطاط أيضاً في تصنيع الكثير من الأحزمة والخراطيم والعوازل المهمة لتشغيل محرك السيارة.
وعلى نسق البلاستيك، يتّسم المطاط بالمتانة والعمر المديد وسهولة ثنيه إلى أشكال مختلفة.
وعموماً، فإن الطلب القادم على المطاط من شركات صناعة السيارات يمثل حوالى 80% من إجمالي إنتاج المطاط في العالم.

إذاً، مجال تجاري واسع بالاتجاهين، تصنيعاً وإعادة تدوير، ينشط فيه اللاعبون بالأسواق شراء وبيعاً ووساطة. ولم يُعد يقتصر اقتناص هذه السيارات على صفقات تتم مباشرة على الأرض، شأنها شأن بقية مجالات التجارة، بل غزَت عملياته العالم الافتراضي أيضاً، حتى أصبحت شبكة الإنترنت اليوم تعجّ بالمواقع الإلكترونية التي تعرض شراء المركبات ممّن يريدون الاستغناء عنها، بهدف إعادة تدويرها.
من هذه المواقع، مثلاً، "recyc-auto.com" الكندي، المسخّر لبرنامج إعادة تدوير السيارات في كيبيك، ويغري أصحاب السيارات بأن يعرض عليهم نقلها مجاناً، ودفع ثمنها إما نقداً أو بواسطة شيكات، مع تخليص معاملاتها لإبراء ذمة البائع من المسؤولية لدى "شركة كيبيك (الحكومية) لتأمين السيارات".