الحياة الجنسية لكبار السن.. بعكس الصور النمطية

الحياة الجنسية لكبار السن.. بعكس الصور النمطية

22 مارس 2017
(تصوير: كريستوفر فورلونغ)
+ الخط -

يشمل النشاط الجنسي كلاً من الجنس والهوية الجندرية (الرؤية الخاصة بالشخص إلى جنسه) والدور الجنسوي (حسب نوع الجنس) والتوجه الجنسي والمتعة والحميمية والتكاثر وما نفكر ونشعر به ونعتقده حيال كل ذلك.

كان النشاط الجنسي بؤرة اهتمام الأبحاث على مدار ما يزيد عن مئة عام، ومميزًا بصفته جزءًا مهمًا من التجربة الإنسانية. منذ أول دراسة أجريت عن النشاط الجنسي البشري في عام 1940، أثبتت الأبحاث مرارًا أن الاهتمام والنشاط الجنسيين يستمران بشكل جيد في أثناء مرحلة الشيخوخة. ومع ذلك، تناولت قلة قليلة من الأبحاث النشاط الجنسي في هذه المرحلة.

ركزت معظم الأبحاث المتقدمة التي تناولت النشاط الجنسي ومرحلة الشيخوخة على بيولوجيا كبار السن وسلوكياتهم الجنسية، متجاهلة عمومًا المفهوم الأوسع للنشاط الجنسي. عندما عقد الباحثون نقاشات حول النشاط الجنسي على نطاق أوسع، اعتبره العديد منهم نشاطًا خاصًا بالشباب، وكان هذا الأمر عائقًا كبيرًا بالنسبة لدراسة النشاط الجنسي في مرحلة الشيخوخة.


النشاط الجنسي مُهمل في مرحلة الشيخوخة
إزاء نهاية القرن العشرين، توسعت الأبحاث لتشمل المواقف تجاه التعبير الجنسي في مرحلة الشيخوخة، والجوانب البيولوجية للنشاط الجنسي والشيخوخة. على الدوام، أظهرت الأبحاث أن التعبير الجنسي أمر ممكن لكبار السن، وأن فرصة التمتع بنشاط جنسي ممتد في أثناء الشيخوخة كبيرة للغاية للمتمتعين بحيوات جنسية نشطة في شبابهم.

في أواخر عام 1980، كان هناك تركيز كبير على الجوانب البيولوجية المتعلقة بالشيخوخة؛ إذ توسَّع ليشمل الأسباب المؤدية لانخفاض معدل النشاط الجنسي. وتوصلت الأبحاث إلى أن هذه الأسباب متنوعة للغاية وأن العديد من كبار السن يبقون نشيطين جنسيًا في أثناء تقدمهم بالعمر.

وعلى الرغم من الأدلة المؤكدة لاستمرار الرغبة لدى كبار السن وقدرتهم على ممارسة التعبير الجنسي في أثناء شيخوختهم، يساهم كل من المجتمع بشكل عام والعديد من المختصين الصحيين في تخليد الخرافة القائلة إن كبار السن لاجنسيون. يرجع حدوث هذا لعدم درايتهم الكافية بهذا الموضوع أو بسبب تجنبه باعتباره مُحرجًا لبعض الناس.


ما الذي يجعل من الحياة الجنسية لكبار السن أمرًا مهمًا؟
إن مواقف التمييز العُمري ضد كبار السن مؤثرة على حياتهم الشخصية كما أنها مؤثرة على احتياجاتهم الصحية. وتؤدي إلى إخفاق العاملين في القطاع الطبي في عمل الاختبار الخاص بالعدوى المنتقلة جنسيًا في الفئات العمرية المُسنة، أو رفض المرضى تناول الأدوية الموصوفة طبيًا لهم بسبب آثارها السلبية على قوة الانتصاب. إننا بحاجة إلى ممارسين صحيين لديهم وعي كاف بالنشاط الجنسي في مرحلة الشيخوخة ويقدرون على دمج هذا النشاط داخل منظومة الرعاية الصحية المنتظمة لكبار السن.

سيؤدي التجاهل لأهمية الحياة الجنسية للعديد من كبار السن إلى الفشل في التعرف إلى الدور الذي يلعبه في العديد من علاقات البشر ورفاهيتهم وجودة حياتهم. وقد يؤدي الفشل في معالجة المشاكل الجنسية لدى المرضى من كبار السن إلى تفاقم الخلافات الزوجية ويسفر عن انسحاب أحد الزوجين أو كليهما من أنماط العلاقات الحميمية الأخرى. وينتج عن فشل مناقشة الاحتياجات الصحية الجنسية مع المرضى تشخصيات طبية خاطئة، مثل التشخيص الخاطئ للخرف (تدهور مستمر في وظائف الدماغ ينتج عنه اضطراب في القدرات الإدراكية) وتداخله مع مرض الإيدز. وأوضحت إحصائيات أسترالية أن 10.9% من حالات الإصابة بمرض الإيدز يحدث في الفئة العمرية البالغة 50 عامًا فما فوق.


العملية الجنسية ليست الجماع وحده
في أبحاث حديثة تناولت النشاط الجنسي عند كبار السن، سُئل أفراد الفئة العمرية بين 51-89 عامًا مجموعة أسئلة مفتوحة عن النشاط الجنسي والعلاقات الحميمية والرغبة والتغيرات المتعلقة بتجاربهم في مرحلة منتصف العمر والشيخوخة.

تضمنت أهم الأفكار الرئيسية المنبثقة من الأبحاث جوانب مثل توافق الشريك والحميمية والمتعة، والعوامل المؤثرة في الشعور بالرغبة أو الطريقة التي يعبر بها الأشخاص عن أنفسهم جنسيًا. على الرغم من أهمية التعبير الجنسي والمحفزات الجنسية لدى الناس، فلم يكونا بؤرة اهتمام الكثيرين ممن هم فوق سن الـ 45.

بل كانت السلوكيات المتسمة بالمودة والحب والثقة والاحترام والانسجام واللمس والحضن والتقبيل عوامل أكثر أهمية من عملية الجماع لدى الكثيرين. بإيجاز، كانت النتيجة مرتبطة بنوعية التجربة والرغبة في التواصل مع شريك ولم تكن عن تواتر الأنشطة الجنسية.

انطلاقًا مما سبق، يمكننا التصدي للصورة النمطية الموجودة بأن "كبار السن لاجنسيون" والتصدي للفكرة التي تختصر النشاط الجنسي في "الجماع". كما يصبح من الواضح للباحثين والممارسين الصحيين حاجتهم إلى التركيز على أكبر قدر متنوع من الطرق المُحسنة للعملية الجنسية والعلاقات الحميمية والتعبير عنها لدى كبار السن، ابتداءً من منتصف العمر فصاعدًا.

المساهمون