الحوثيون يستهدفون طلبة الإعلام

الحوثيون يستهدفون طلبة الإعلام

26 نوفمبر 2015
جامعة صنعاء ضحية الحرب (محمد حمود/ الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن الحرب في اليمن لم تعطل الحياة على مستوى القطاعات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بل امتدت لتلقي بظلالها على قطاع التعليم في البلاد بشكل عام.

القطاع التعليمي الجامعي قد يكون هو المتضرر بشكل أكبر، ففي الوقت الذي خرج فيه هذا القطاع عن الخدمة وتعطل تماماً في تعز، عاد إلى واجهات النشاط والاستئناف في صنعاء إلا من كلية الإعلام.

فجامعة صنعاء الحكومية، التي تعتبر الجامعة الأم في اليمن، استأنفت نشاطها منذ مطلع الشهر الجاري، وأبقت كلية الإعلام الوحيدة في حالة شلل تام. ذهبنا إلى كلية الإعلام والتقينا القائمين عليها للبحث عن الأسباب ومعرفة بعض التفاصيل. عميد الكلية، الدكتور علي البريهي، وضعنا في واجهة الصورة وبدأ حديثه عن عراقيل عدم استكمال امتحانات السنة الماضية، وقال:"أنتم لا تعلمون ما هي المعاناة والعراقيل التي تعرضنا لها لكي نستطيع أن نكمل لكم امتحانات السنة الماضية، لأن الكلية لم تدفع قيمة الوقود الذي استخدم لتوليد الكهرباء للإنارة فترة عملية الامتحانات، ناهيك عن السُلف المالية التي لم تسدد بعد"، مردفاً "الكلية رفعت أكثر من مرة مذكرات لرئاسة الجامعة، بخصوص النفقات التشغيلية لافتتاح سنة دراسية جديدة لكن لم يتم أي تجاوب" .

"يبدو الكل غير آبه لما يحدث لنا، مستقبلنا يتناثر أمام أعيننا. عندما أنظر إلى زملائي في بقية الأقسام الأخرى وهم يخرجون كل صباح متجهين إلى الجامعة،  أتساءل: لماذا حكم علينا بالبقاء من دون تعليم؟". هكذا بدأ الطالب الجامعي، خطاب الخطري، حديثه عندما سألناه بخصوص القرار الذي صدر بإعلان توقف الدراسة هذا العام في كلية الإعلام لسبب مالي، بقوله ساخراً: "بدل أن ننتظر رسوم ومصاريف دراستنا من الدولة، كبقية دول العالم، أصبحت الدولة هي من تنتظر من الطالب دفع رسوم دراسته". ويتساءل الخطري: أين دور عمادة الكلية؟ لماذا لم تُبدِ أي شيء تجاه ما يحدث؟ فاقداً آماله في الدولة وفي كل شيء.

أما الطالب، إبراهيم الشرعبي، الذي لقيناه شارد الذهن في إحدى زوايا كلية الإعلام  يفكر بمستقبله وآمال والديه، والذي توقف بإعلان توقف الدراسة، فيقول: "هذه تعتبر إهانة للإعلام اليمني بحد ذاته، عندما تغلق الكلية، التي تخرج منها الكوادر التي تعبر عن صورة البلد"، لافتاً إلى أنه "يفترض من الدولة أن تهتم بهذه الكلية لأنها السلطة الرابعة، التي تعتبر من أهم السلطات في البلدان المتقدمة" . يقول إبراهيم: "الصحافيون والإعلامون اليوم أكثر عرضة للخطر من قبل الجماعة المسلحة، التابعة للحركة الحوثية، التي التهمت البلد فلم تصل إلى الصحافيين فحسب، بل حتى الطلاب في كلية الإعلام اليوم يواجهون التحديات والمخاطر لكن من نوع آخر" .

وفي ما يتعلق بخصوص الأقسام الأخرى التي استؤنفت فيها الدراسة، ولماذا كلية الإعلام تحديداً، يقول البريهي: إن هذه الأقسام سبق لها أن عقدت اجتماعاً بهذا الخصوص ولم يكن أمامها إلا إلزام الطلاب الموازي والنفقة الخاصة بدفع الرسوم كاملة ومن دون أي تقصير، وكون كلية الإعلام نسبتها من النظام الموازي والنفقة الخاصة ضئيلة جداً مقارنة ببقية الأقسام، لم نستطع المجازفة بإعلان سنة جديدة. 

قد لا يكون هذا مبررا مقنعاً لدى الطلاب، ولدى الوسط الجامعي، بشكل عام، حيث يفترض أن توجد لدى رئاسة الجامعة حلول أخرى لكلية الإعلام، كما أوجدت لبقية الأقسام. وضعنا عميد كلية الإعلام أمام هذه الصورة، فقال لنا: "رئاسة الجامعة في الآونة الأخيرة أعلنت أن المالية خصمت من مستحقات تشغيلها 50% لتسخيرها للمجهود الحربي. حاولنا لاستكمال السنة الماضية طرح خيارات لتلافي هذا المأزق، واستطعنا بعد شق الأنفس إكمال السنة الماضية".

حاولنا الاستفسار من عميد الكلية حول بقاء هذا الواقع، وبقاء الكلية معطلة عن التدريس، وعمّا إذا كانت هناك جهود قد تجلب الحل، فقال البريهي: "أسبوعان فقط ويتم الرد من رئاسة الجامعة بخصوص دفع النفقة التشغيلية لكلية الإعلام، وسيتم إعلان سنة دراسية جديدة، وهذا سيتم بعد أن تقوم المالية  بدفع مستحقات تشغيل الجامعة المخصصة. وعمّا إذا فشلت هذه الجهود، قال البريهي: ابحثوا عن دورات وطوروا أنفسكم.

قد لا تكون جامعة صنعاء هي من تتحمل المسؤولية المتسببة لإنتاج هذا الواقع المشلول والمعطل بقدر ما هي جماعة الحوثي المسلحة التي، بإحكامها السيطرة على صنعاء مطلع سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، أنتجت هذا الواقع، فالجماعة لا يعنيها التعليم اليوم ولا مشكلاته ولا نفقاته، بقدر ما تعنيها نفقات الحرب، فكلما استمرت في البحث عن هذه النفقات، تستمر نفقات التعليم معرضة للهجوم والنهب.

أن تستمر جماعة الحوثي بنهب نفقات التعليم تحت ذريعة مجهود حربي، يعني أن تكون قد قتلت آمال وطموحات جيل بأكمله.

وتظل كلية الإعلام في جامعة صنعاء ضحية الحرب والمجهود الحربي معاً، وسيكتب التاريخ أن الحوثي الذي سيطر على صنعاء عطل عجلة التعليم، وأعادها إلى الخلف ألف خطوة، وأجبر الجميع على الاستسلام والتوقف عن الدراسة، التوقف الذي طاول جامعات وكليات بأكملها ليس على مستوى صنعاء فحسب، بل على مستوى تعز ومحافظات أخرى كثيرة.

(اليمن)

اقرأ أيضاً: حرب اليمن في صور

المساهمون