الحمض يشوّه نساء باكستان

الحمض يشوّه نساء باكستان

08 مارس 2015
تعاني كلّما نظرت لوجهها في المرآة (باي اسمويو/فرانس برس)
+ الخط -

كَثُرت الاعتداءات بالحمض على النساء في باكستان. لم يعد الأمر مجرّد حوادث فردية. والإحصائيات الصادرة عن عدد من المؤسسات الحقوقية خير دليل، إذ تشير إلى تعرض مئات النساء سنوياً لاعتداءات بالحمض على وجوههن وأجسادهن، في ظل عدم تطبيق القانون.
عادةً ما يلجأُ الأزواج إلى رشق النساء بالحمض حفاظاً على شرف العائلة. فيعمدون إلى تشويه وجوههن التي تسببت في إلحاق العار بالأسرة، كما يعتقدون. في بعض الأحيان، يكون هذا عقاباً للمرأة لمجرد رفضها الزواج من الرجل الذي يتقدم لخطبتها، والعكس صحيح، على غرار ما حدث مع ناصر بهتي، أحد سكان مظفر آباد، الذي رفض الزواج من جارته التي تحبه، فرشقته بالحمض.

القصص المؤلمة كثيرة. منها قصة نورين جبار التي رشقها زوجها بالحمض بعد انفصالهما عن بعضهما بعضاً. تقول: "في أحد الأيام، حين كنت أوصل بناتي الثلاث إلى المدرسة، هاجمني زوجي السابق وأحرق وجهي بالحمض". لم يكن هذا الجزء الأصعب. فما زاد من مأساتها إصابة إحدى بناتها. توضح أن زوجها اختار الانفصال عنها بسبب بعض المشاكل، لكنه أخبرها أنها لن تكون زوجة أي شخص آخر. وبعد ثلاثة أشهر من الطلاق، رشقها بالحمض ليدمر حياتها وحياة ابنتها.

وتعليقاً على كيفية تعامل الأجهزة الأمنية مع ملف نورين، يقول شقيق الضحية شكيل جبارأخو، إن "الأجهزة الأمنية أكدت أنها ستسعى إلى القبض على الجاني، غير أنه ما زال حراً ويهدد الضحية بين فترة وأخرى". لم تقتصر الاعتداءات بالحمض على النساء والفتيات فحسب. في بعض الأحيان، تتعرض القاصرات لاعتداءات مؤلمة، على غرار ما حصل مع أفشان بي بي (ثمانية أعوام)، التي رشق جميع أفراد أسرتها بالحمض. بدأت معاناة هذه الأسرة بعدما تقدم شخص يدعى أرشد لخطبة شقيقة أفشان الأكبر ذكية. لكنّ والديها لم يقبلاه، فبدأ يهدد الأسرة.
انتقلت العائلة إلى منزل آخر في مدينة ملتان، لكنه ظل يلاحقهم. في أحد الأيام، رشقهم بمساعدة آخرين بالحمض وهم يتناولون العشاء في بيتهم. نجا الجميع باستثناء أفشان ووالدتها. فر الجناة ونقلت الأم وابنتها إلى المستشفى. وبعد علاج دام ثلاثة أشهر، توفيت الوالدة بسبب الجروح التي أصابتها. أما أفشان، فتعيش حالياً في مركز للناجين من الحمض في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، وتحاول أن تعود إلى الحياة مجدداً، لكنها تعاني كلما نظرت إلى وجهها المشوه في المرآة . في الوقت نفسه، تؤكد أن الجناة دمروا وجهها، لكنهم لن يدمروا عزيمتها، وقد عادت إلى الدراسة.

تجدر الإشارة إلى أن آخر إحصائية لمؤسسة المرأة، ومؤسسة الناجين من الحمض، أشارت إلى أن 160 امرأة تعرضن لحوادث اعتداء بالحمض خلال العام الماضي. أضافت أن 56 في المائة من الأحداث تقع في إقليم البنجاب، خصوصاً في المناطق النائية منه، ونادراً ما يحاكم الجناة. ويبدو أن هناك زيادة ملحوظة في حوادث الاعتداء بالحمض. بحسب الإحصائية عينها، فقد سجل عام 2013 نحو 142 اعتداء، بالمقارنة مع 110 عام 2012.
في كل مرة يثار فيها الملف، تعد الحكومة الباكستانية باتخاذ الإجراءات اللازمة، لكنها تبقى مجرد حبر على ورق. ينص القانون الباكستاني على السجن أربعة عشر عاماً لكل من يدان في قضية مماثلة. غير أنه في الغالب، لا يتم معاقبة الجناة، ويفرج عنهم بكفالة.

أما المؤسسات الحقوقية التي تعنى بضحايا الاعتداءات، فتكتفي بجمع المعلومات وإثارة القضية من حين لآخر، أو إقامة مراكز لرعاية وعلاج الضحايا، كما فعلت مؤسسة الناجين من الحمض. وأخيراً، أنشأت سيدة الأعمال الباكستانية، مسرت مصباح، مؤسسة خيرية تحمل اسم "إعادة الابتسامة"، بهدف علاج وتجميل النساء اللواتي تعرضن للاعتداء بالحمض. توضح أن المؤسسة منذ نشأتها، نهاية العام الماضي وحتى الآن، ساعدت أكثر من 650 ضحية. في الوقت نفسه، تهدف إلى تشجيع الضحية على تجاوز محنتها من خلال إجراء عمليات جراحية وأخرى تجميلية. 

المساهمون