الحمار في المغرب.. كنز يحتفى به سنويا

الحمار في المغرب.. كنز يحتفى به سنويا

23 مارس 2015
مهرجان "فيستي باز" يحتفي بالحمار كل سنة (Getty)
+ الخط -

الحمار بالمغرب لا يصلح فقط لتسهيل حياة سكان البادية لقضاء حوائجهم، أو خلال تنقلاتهم، وحمل أثقالهم من مكان إلى آخر، بل هو حيوان يفضّل البعض وجوده بجانبهم، حتى دون أن يقوم بالضرورة بالمهام التي عُرف بقيامه بها منذ قرون خلت.

صويلح بنقراش، من سكان قرية الرماني في ضواحي الرباط، قال لـ"العربي الجديد"، إن الحمار لديه ليس حيواناً مخصصاً للمشاق والأمور الصعبة، بل إنه يعتبره "حيواناً مثل باقي الحيوانات التي يتعيّن احترامها والعطف عليها، وعدم تسخيرها في أداء الأشغال التي لا تطيقها".
واسترسل بنقراش بأنه "لا يستطيع أبداً تخيّل حياته بدون حمار، فهو أول من يشاهده صباح كل يوم، بعد زوجته وأولاده، حيث يبيت أمام مسكنه"، مضيفاً أنه يعتبر حماره فأل خير عليه، فهو لا ينتقل إلى أي مكان بالقرية إلا برفقته، حتى لو لم يكن يحمل معه شيئاً ثقيلاً".

وليس صويلح وحده من يُقدّر الحمار في منطقته، فهذه الحاجة رحمة هضيري، سيدة في نهاية عقدها الخامس، تُقْسِم، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأنه لم يسبق لها طيلة حياتها أن مدت يدها لضرب أو تعنيف الحمار الذي تمتلكه، ولا الحمير التي كانت بحوزتها من قبل.

وبالمقابل، لا يخفي با المكي، وهو فلاح يقطن في قرية سيدي يحيى زعير، أنه يتعامل مع حماره بكثير من الحزم والصرامة، ليس لأنه قاس على هذا الحيوان الذي يعد حضوره ضرورياً بالنسبة لسكان المناطق النائية، ولكن لأن الحمار لا يخضع لصحابه سوى بأمره ونهره.

وقال المكي، لـ"العربي الجديد"، إن الحمار حيوان خلقه الله ليكون في خدمة الإنسان، حيث سخّره بأن يطيعه في كل أموره، وهو ليس دجاجة تبيض أو كلباً يحرس البيت، أو بقرة تعطي الحليب، وبالتالي فمهمته الرئيسية أنه يحمل الأثقال، كما يلعب دور السيارة في نقل الإنسان والبضائع.


كائن جميل... ومهمّش 
الشاعر محمد بلمو، مدير مهرجان "فيستي باز" الشهير بتكريم الحمير بالمغرب، قال إن الحمار يعتبر من أكثر الكائنات الأرضية تعرضاً للظلم والإهانة والتعذيب والتجريح، وكل صنوف التحقير والاستخفاف، ومع ذلك فهو لا يزال وفيّاً لنهجه المسالم.

وتابع بلمو، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأن الحمار هو "البروليتاري" الأول الذي لا يتعب من الصبر والعمل، لكنه أيضاً ملهم للكتّاب والمبدعين والمفكرين عبر تاريخ البشرية، وهذا ما يؤشر إلى قوته وصلابة الموقف المساند له.


ولفت المتحدث بأن مهرجان "فيستي باز" يحتفي بالحمار كل سنة، ويذكّر بفضائله المتواصلة على الناس، خصوصاً في المغرب وفي المناطق الجبلية بالأساس التي يمكن أن تتجمّد الحركة بها إذا غاب هذا الكائن أو توقف عن القيام بدوره الأساسي والحيوي.

ووصف بلمو الحمار بأنه "كنز من الكنوز التي حباها الله للمغرب الذي كان قبل عقد يتصدّر دول العالم في عدد الحمير، قبل أن يتراجع إلى الصف الثاني بسبب تهميش هذا الكائن، وانتهاز الفرصة من طرف شركات إسبانية لتصدير أعداد كبيرة منه، من أجل تشغيله في السياحة الجبلية هناك".

واسترسل المتحدث بأن متخصصين في الحمية والتغذية أكدوا أن "حليب الحمير ومشتقاته صحية جداً، وأفضل من سائر منتجات الحليب الحيوانية الأخرى، لذلك يعرف إقبالاً كثيفاً في أوروبا الغربية بأثمان مرتفعة، حيث لا ينافس كرواتيا أحد في الإنتاج".

ودعا بلمو وزارة الفلاحة المغربية إلى الاهتمام بهذا المجال، وتشجيع تعاونيات لتربية الحمير، وإنتاج الحليب ومشتقاته وتصديره إلى أوروبا"، مضيفاً أن المسؤولين لم يتخلصوا بعد من تلك النظرة الاحتقارية الدونية لكل ما يتعلق بهذا الكائن الجميل".

وأشار بلمو إلى استمرار رفض السلطات المغربية دعم مهرجان الحمار بالمغرب، ما "اضطرنا إلى تأجيل الدورة 12، والمفارقة أن ذلك صادف حصول المهرجان على الجائزة العالمية الخاصة بالخيول، السنة الماضية، من طرف لجنة تحكيم دولية بالعاصمة السويسرية". 

دلالات

المساهمون