الحكومة الفرنسية الجديدة: "حكومة إعلان حرب على النساء والقضاء؟"

الحكومة الفرنسية الجديدة: "حكومة إعلان حرب على النساء والقضاء؟"

08 يوليو 2020
"ميديا بارت": كاستيكس يطيع الأوامر وينفذها بسرعة (فرانس برس)
+ الخط -

لم يكد رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس يعلن تشكيلته الحكومية الجديدة مطلع هذا الأسبوع، حتى علت صافرات الاستهجان والدهشة، إذ بدا وكأنه يبحث عن المتاعب مع الفرنسيين في أول يوم عمل له داخل الحكومة مع تسميته شخصيات تثير جدلاً كبيراً في فرنسا، خصوصاً لاسيما وزيري العدل والداخلية.

وتمثلت الصدمة الأولى التي تلقاها الفرنسيون في تعيين إريك دوبون موريتي وزيراً للعدل، وهو أشهر محام في فرنسا ونجم شاشات التلفزيون كل مساء كمحلل للقنوات الإخبارية، مدافع شرس عن المتهمين بقضايا التحرش الجنسي، وعدو صريح لحملة "مي تو" العالمية.

أما الصدمة الثانية، فكانت تعيين جيرالد درمانان وزيراً للداخلية، إذ لا يزال التحقيق بارتكابه جريمة تحرش واغتصاب عام 2009 قائماً بحقه، حيث أعيد فتح هذا الملف مطلع شهر يونيو/حزيران الماضي.

إنها "حكومة إعلان حرب على المرأة والقضاء" بحسب ما وصفتها وسائل إعلام فرنسية ونقابات عديدة، فموريتي، المعروف بكلامه البذيء حتى داخل قاعات المحاكم، لديه مواقف يدافع بها بشراسة عن جرائم التحرش الجنسي، ولعل أشهرها تلك التي نشرها في كتاب "الحق في أن تكون حراً" عام 2018، حيث قال تعليقاً على حملة "مي توو": "النجمة التي توافق على النوم من أجل الحصول على دور في فيلم، لا يسمى ذلك اغتصاباً، بل ربما نسمي ذلك عرض الأريكة".

ويضيف، في مقطع آخر، "ابني البالغ من العمر 25 عاماً إذا حاول وضع يده على ركبة صديقة يرافقها؟ هل نعتبر ذلك جريمة تحرش أيضاً؟".

تصريحات الرجل وتاريخه كانت كافية لاحتجاج مجموعة من ناشطات حركة "فيمن" أمام الإليزيه حيث شهد القصر أول اجتماع وزاري، إذ دخلت الشرطة لفض الاحتجاج، لكن ذلك لم يمنع هيئات قضائية من إصدار بيانات تندد بتعيين بموريتي.

اتحاد هيئة القضاء، الذي يُعد هدفاً مستمراً لانتقادات الوزير الجديد، أصدر بياناً قال فيه "إن تعيين  إريك دوبون موريتي وزيراً للعدل بمثابة إعلان حرب على هيئة القضاء (..) هل حقاً هو الشخص المناسب الذي سيتولى إدارة الملفات القضائية والعدل؟".

واليوم الأربعاء، لم تكن مهمة الوزير الجديد، سهلة أمام جلسة استجواب في الجمعية الوطنية (البرلمان) خصصت للوزراء الجدد.

وتحدث موريتي في الجلسة بضع دقائق، لكنه واجه مقاطعة نواب له أكثر من 10 مرات، إذ لم يكن يلبث أن ينهي جملة من كلمته حتى يعلو صوت الاحتجاج داخل القاعة، لدرجة أنه سأل رئيس الجمعية الوطنية "هل ستحتسبون الوقت الذي تمت مقاطعتي فيه من الوقت المخصص لي لتعطوني مدة أطول للحديث؟" ليجيبه الرئيس ساخراً "بالطبع لا، فنحن نعاني بشكل خاص من الصمت".

حدث آخر كان أيضاً مصدر إزعاج وأثار ردود فعل كثيرة، عندما خصّ كاستيكس مركزاً للشرطة في منطقة سين سان دوني، حتى قبل أن يعلن تشكيلته الحكومة. واعتبرت هذه الزيارة إشارة واضحة على دعم كاستيكس للشرطة في وجه الاحتجاجات الضخمة التي شهدتها باريس ومدن فرنسية كبرى ضد عنف الشرطة والعنصرية، كما أن المنطقة التي زارها رئيس الوزراء الجديد تكتسب رمزية خاصة لكونها من بين أكثر المناطق التي تشهد توتراً بين الشرطة والسكان.

أمام كل هذه المعطيات، لا يبدو أن مهمة الحكومة الجديدة ستكون سهلة، فبرغم كل الإنجازات المسجلة في رصيد رئيس الوزراء إلا أن التحليلات تشير بشكل واضح إلى أن ماكرون، باختياره كاستيكس خلفاً لإدوارد فيليب، تخلّص من عبء ثقيل ومن معارضة لرغباته، فرئيس الحكومة الجديد يطيع الأوامر وينفذها بسرعة، بحسب وصف موقع "ميديا بارت" الفرنسي، وهو بذلك سيحتكر السلطة لنفسه.

تخلص ماكرون، باختياره كاستيكس خلفاً لإدوارد فيليب، من عبء ثقيل ومن معارضة لرغباته

 

ومع تسمية الحكومة الجديدة، يعلن ماكرون بشكل واضح تحوله إلى اليمين، بعدما كان يرفع شعار "لا يمين ولا يسار"، بالأسماء اليمينية حاضرة بقوة في التشكيلية الجديدة، كما أن همساً كبيراً يدور حول دور الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي بتسمية الحقائب الهامة، بالنظر إلى صقور اليمين المقربين من ساكوزري، أمثال كاستيكس شخصياً، وجيرالد درمانان المقرب جداً من ساركوزي.

المساهمون