ويمكن القول إن الولايات المتحدة، التي لعبت دور القابلة المأذونة في ولادة الحكومة الجديدة، غير راضية تماماً عن التشكيلة الحكومية أيضاً، لكنها تطمح إلى انتزاع صفة الشرعية لها، قبل تنفيذ خطتها العسكرية لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وصادق البرلمان العراقي على الحكومة الجديدة في البلاد وسط مفاجآت كبيرة، حصلت في اللحظات الاخيرة التي سبقت التصويت، وكان أبرزها استبعاد كل من هادي العامري لوزارة الداخلية، وحسن الشمري من وزارة العدل، ومحمد شياع من وزارة حقوق الانسان، فضلاً عن تأجيل تسمية وزير لحقيبة الدفاع.
وصوّت البرلمان، بشبه اجماع، على نواب رئيس الوزراء وهم كل من صالح المطلك وهوشيار زيباري وبهاء الأعرجي، فيما تمّ التصويت على الوزارات الأخرى بشكل منفرد، وبطريقة التصويت العلني، وباتت بالتالي الحكومة العراقية مؤلفة من: إبراهيم الجعفري للخارجية، وروز نوري شاويس للمالية، وعادل عبد المهدي للنفط، وقاسم الفهداوي للكهرباء، وعبد الكريم يونس للبلديات، وعبد الحسين عبطان للشباب، وعديلة حمود للصحة، ومحمد السوداني للعمل والشؤون الاجتماعية، ونصير العيساوي للصناعة، وحسين الشهرستاني للتعليم العالي، ومحمد إقبال عمر للتربية، وطارق ججو للتكنولوجيا، وأحمد الجبوري لشؤون المحافظات، وفريد راوندوزي للثقافة، وبيان جبر للنقل، وحيدر زامل للعدل.
وحول وزارتي الدفاع والداخلية، أعلن رئيس الحكومة، حيدر العبادي، عن عدم التمكن من التوصل إلى اتفاقات حول تسمية مرشحي الوزارتين. وأوضح، في كلمة له أمام البرلمان: "أتعهد لكم بتسمية الوزارتين خلال اسبوع، ولم أكن ارغب في تأجيل تسمية الوزارتين، إلا أن قصاصات ورقية وصلتني من قادة الكتل قبل دخولي القاعة، فرضت عليّ ذلك، وهناك شخصيات فرضت عليّ أيضاً وأنا غير مقتنع تماماً بها".
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء، صالح المطلك، في أول تصريح له بعد تسلّمه المنصب، لـ"العربي الجديد"، عقب خروجه من قاعة البرلمان: "إن الكثير من الحقائب الوزارية تغيرت قبل دخولنا القاعة للتصويت عليها، لكننا نأمل أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على مواجهة التحديات".
وتم الاتفاق على تسمية كل من نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي نواباً لرئيس الجمهورية. ويلاحظ أن التشكيلة الحكومية الجديدة أبقت سبعة وزراء من الحكومة السابقة، اثنان منهم فقط استمرا في إدارة وزارتيهما، بينما تم تبديل حقائب الخمسة الآخرين.
وكشف مصدر قيادي في "التحالف الوطني العراقي"، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن أن "تشكيل الحكومة جاء بضغوط كبيرة خارجية وداخلية، ومؤامرة لإجهاضها من قبل رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي".
وأوضح أن "الولايات المتحدة تعهدت، عبر ضمانات، للسنّة والأكراد بتنفيذ جميع مطالبهم بعد التصويت على الحكومة، وبسقف زمني لا يتجاوز ستة أشهر".
وأضاف أن "الأميركيين وافقوا على بعض الشخصيات الشيعية على إكراه، في اللحظات الأخيرة، لمنع انتهاء المهلة الدستورية وعودة العراق إلى المربع الأول، وبقاء المالكي في منصبه لشهر آخر، لحين تكليف رئيس الجمهورية مرشحاً آخر لتشكيل الحكومة".
بدوره، لم يستقبل الشارع العراقي التشكيلة الحكومية بتفاؤل، إن لم يكن بخيبة أمل كبيرة، من شعارات سابقة رفعها العبادي، وأهمها "المجرب لا يجرب، والتكنوقراط وترشيق الحكومة وإبعاد السياسيين عن الوزارات الأمنية، وطيّ صفحة الماضي".
ويلاحظ أن تسمية المالكي لمنصب نائب رئيس الجمهورية، وهو منصب غير تنفيذي، سيمنحه حصانة دستورية من المحاكمة على جرائم متهم بها.