الحفاوة البريطانية بالرئيس الصيني... غضب وموجة سخرية

الحفاوة البريطانية بالرئيس الصيني... غضب وموجة سخرية

25 أكتوبر 2015
عقب استقبال الملكة وزوجها للرئيس الصيني وزوجته(كريس جاكسون/Getty)
+ الخط -
رفعت لندن الأعلام الحمراء ومدّت السجاد الأحمر تحت أقدام "الزعيم الأحمر"، الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي وصل إلى بريطانيا في زيارة رسمية يوم الإثنين الماضي استمرت لغاية يوم الجمعة. جميعهم كانوا في استقبال الرئيس الصيني، بدءاً بالملكة إليزابيث الثانية، ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وزعيم حزب العمال المعارض، جيرمي كوربن، حتى النادل في مطعم أحد أحياء لندن. حضر ممثلو الشعب في مجلس العموم، وممثلو النخبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مجلس اللوردات للترحيب بالضيف الاستثنائي، والاستماع إلى كلماته، مع الحرص التام على عدم خدش سمعه بأية كلمة خارج النص.

أراد كاميرون من هذه الزيارة أن تكون اقتصادية بامتياز وألا تعكّر صفوها أية ملفات. وعبّر عن ذلك الوزير في الخارجية البريطانية، هيوغو سواير، عندما قال لنائبة سألت عن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين، "نحن في وسط زيارة رسمية إيجابية بشكل كبير، وفيها الكثير من الفوائد لنا وللعالم، وبالتالي لا ينبغي أن نفسدها".

لم ترق الأجواء الاحتفالية اللافتة أو الاستثنائية، التي استقبلت بها لندن الرئيس الصيني، عدداً كبيراً من السياسيين والإعلاميين البريطانيين الذي عبّروا عن غضب من تقديم حكومة ديفيد كاميرون المصالح الاقتصادية على قيم حقوق الإنسان. وعكس رسم كاريكاتوري في صحيفة "التايمز" هذا الغضب الممزوج بالسخرية، بصورة تُظهر الرئيس الصيني وزوجته يصعدون إلى طائرتهم في رحلة العودة، على سُلَّم من قامات كاميرون، ووزير المالية جورج أوزبورن، وزوج الملكة، الأمير فيليب، والدرجة الأخيرة من السلم، تمثّلت بالملكة إليزابيث الثانية.

كما عرضت صحيفة "الغارديان" أهم فقرات البيان الختامي الصادر عن رئيس الوزراء البريطاني والرئيس شي جين بينغ، مشيرة إلى أنّ البيان الذي جاء ضمن 1500 كلمة، بشّر بـ"عصر ذهبي، وعلاقة استراتيجية بين البلدين". وحمل البيان في فقراته الكثير عن التبادل التجاري وآفاق الاستثمار، ولم يتطرق إلى موضوع حقوق الإنسان إلّا بشكل عارض جداً. ولفتت الصحيفة إلى الجهات المسؤولة عن تنظيم مسار موكب الرئيس الصيني في شوارع لندن، الذين عمدوا إلى محاصرة حشود المعارضين للنظام الصيني والمطالبين بالمزيد من حقوق الإنسان، والمؤيدين لحقوق الشعب التبتي في زاوية بعيدة، في حين سمحوا بوقوف مؤيدي الرئيس شي جين بينغ على طول طريق الموكب، ملوّحين بالأعلام الحمراء ورافعين لافتات الترحيب.

اقرأ أيضاً: بريطانيا تستقبل "العصر الذهبي" من الصين

وفي تعبير صارخ عن المكاسب التي حقّقها الرئيس الصيني مقابل التسهيلات التي قدّمتها الحكومة البريطانية لجذب الاستثمارات والمشاريع الصينية، عرض رسام الكاريكاتور للصحيفة، رسماً يصوّر الرئيس شي جين بينغ وزوجته على سلم الطائرة المتجهة إلى بكين، ممسكاً بيده ملابساً وملوّحاً لمودعيه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزير المالية جورج أوزبورن، وقد ظهر الأخيران عاريين تماماً، في إشارة إلى أنّ الرئيس الصيني أخذ من الرجلين كل شيء حتى ملابسهما. 

يقول بعض الساخرين عن تفاصيل الزيارة، إنّ الضيف الصيني كان جشعاً تماماً كما هو الاقتصاد الصيني، إذ لم يفوّت فرصة زيارة نادي كرة القدم المفضل لديه، ملعب نادي "مانشستر سيتي" الذي "يعشقانه" كاميرون وأوزبورن. وبحسب الساخرين، فضّل الرئيس الصيني تناول وجبة "السمك وشرائح البطاطا" الشهيرة خلال مأدبة فخمة أُقيمت على شرفه في العاصمة لندن. كما نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، عن الرئيس الصيني قوله قبيل وصوله إلى لندن، إنّه سيستغل زيارته للذهاب إلى حانة إنكليزية مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد للاسترخاء وتناول الجعة.

وقال بعض المراقبين، إنّ زيارة الرئيس الصيني كانت مزركشة بكل الخطوط والألوان تماماً كما هو الثوب الصيني، فقد كان فيها الرسمي والشعبي، وكان فيها العشاء الملكي وطبق "السمك والبطاطا"، وفضلاً عن ذلك، كانت حافلة بعشرات الصفقات والعقود التجارية والاستثمارية تجاوزت قيمتها 30 مليار جنيه استرليني.

وعلى الرغم من أنّ زيارة الرئيس الأحمر إلى العاصمة البريطانية التي مرّت على بساط أحمر من دون أن يخدش أي من محطاتها البروتوكولية، أصوات المعارضين لنظام بكين أو المحتجين على انتهاك حقوق الإنسان في الصين، إلّا أنّها لم تسلم من تعليقات الساخرين على ما أظهرته الحكومة البريطانية من تملّق للزعيم الصيني والحاشية المرافقة له، حتى بدت وكأنها تتسوّل من العملاق الصيني بعضاً مما عنده، في الوقت الذي أضحى فيه الاقتصاد الصيني الثاني عالمياً، في طريق إزاحة الولايات المتحدة عن المرتبة الأولى خلال العشر سنوات المقبلة، كما يُرجح خبراء الاقتصاد.

اقرأ أيضاً: الرئيس الصيني في لندن لتوقيع اتفاقيات طاقة وعقارات