الحسم بتلعفر يقترب: وعود فرنسية لمرحلة ما بعد "داعش"

العراق يقترب من حسم معركة تلعفر: وعود فرنسية لمرحلة ما بعد "داعش"

27 اغسطس 2017
الجعفري مستقبلاً لودريان وبارلي في بغداد أمس(مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
مع تسارع وتيرة التقدّم اللافت الذي أحرزته القوات العراقية المدعومة بطيران "التحالف الدولي" أخيراً في بلدة تلعفر، غرب الموصل، وانتزاعها منطقة القلعة وعدداً من المناطق الاستراتيجية في قلب المدينة، فضلاً عن تصريحات وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، الذي تحدث عن تحرير نحو 70 في المائة من البلدة حتى يوم أمس، السبت، وهي معطيات تؤشّر إلى قرب حسم المعركة بشكل كامل وإعلان تحريرها من قبضة تنظيم "داعش"، وصل وزيرا الخارجية والدفاع الفرنسيين، جان إيف لودريان، وفلورانس بارلي، إلى بغداد، في زيارة رسمية، وأثنى المسؤولان على الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات العراقية في معاركها.

زيارة الوزيرين في آنٍ واحدٍ، والتي تأتي في خضم أزمات سياسية تعصف في العراق مع معارك مستمرة في الجبهات، تعكس دعما أمنياً وسياسياً فرنسياً لحكومة حيدر العبادي، بحسب ما رآه مراقبون، بينما أكدت تسريبات من غرف الاجتماعات مع المسؤولين الفرنسيين، أنّ فرنسا وعدت بدعم عسكري للعراق وتدريب وتسليح لقواته التي ستمسك الأرض بعد التحرير الكامل، فضلاً عن وعود بدعم وتعاون لمرحلة ما بعد "داعش".

تقدم ميداني سريع

وقال قائد عمليات "قادمون يا تلعفر"، الفريق الركن عبد الأمير يار الله، في بيان صحافي، إنّ "قوات مكافحة الإرهاب حرّرت منطقة القلعة وبساتين تلعفر، ورفعت العلم العراقي على بناية القلعة"، مؤكداً "تحرير قرى عكبات ومشيرفة طه وعين صلبي والحمرة وبخور ومريشة ومذيرة وزمير، فضلاً عن السيطرة الكاملة على جبل شيخ إبراهيم وسلسلة جبال زمبر". وأضاف أنّ "العمليات القتالية في تلعفر مستمرة حتى إكمال تحرير بلدة العياضية والمناطق المحيطة بها والمناطق المتبقية من تلعفر".

وأنهت قوات الشرطة الاتحادية مهمتها في تلعفر باستعادة جميع المناطق المكلفة بها. وقال قائد الشرطة، الفريق رائد شاكر جودت، في تصريح صحافي، إنّ "قوات الشرطة حرّرت 6 أحياء من تلعفر". وأوضح أنّه "تم تحرير أحياء الربيع والقادسية الأولى والثانية وسعد والوحدة والكفاح"، مبيناً أنّه "بتحرير هذه الأحياء تكون قوات الشرطة الاتحادية قد أنجزت المهام الموكلة إليها بتلعفر بشكل كامل".


وفيما تتحرّك القوات العراقية لإكمال قبضتها على تلعفر، أكد الرائد في قيادة عمليات نينوى، حامد الفرّاجي، لـ"العربي الجديد"، أنّه "مع بداية الأسبوع الثاني من معركة تلعفر، استطاعت القوات العراقية أن تبدأ مرحلة جديدة، تقربها من حسم المعركة". وأوضح أنّ "الحسم أصبح قريباً جداً بعد تحرير القوات منطقة القلعة، إذ إنّها تشكل نقطة استراتيجية حيوية ستمنح القوات العراقية إمكانية التحرك الواسع نحو المناطق المتبقية من تلعفر". وذكر أنّ "هذه الإنجازات جاءت نتيجة لخطة عسكرية مرنة بدأت القوات في تطبيقها منذ يوم الجمعة، مستفيدةً من أخطاء معركة الموصل". وأكد أنّ الخطة أدت إلى تشتت "داعش" على جبهة واسعة في مساحة تلعفر الكبيرة، ما أنهك قواه وبعثر عناصره في هذه المساحة، وكل ذلك في ظل وجود الطيران، الأمر الذي سمح للقوات العراقية بتحقيق تقدم بزمن قياسي، مستفيدةً من ضعف قوة داعش وإرباكه، بحسب المتحدث نفسه. وأشار إلى أنّ "الهجوم مستمر حالياً من ثلاثة محاور نحو البلدة، الجنوبي والغربي والشرقي، ما أفقد داعش زمام الأمور في المعركة". وشدّد على أنّ "التنظيم فقد أغلب قدراته القتالية ولا يستطيع أن يغير مجرى المعركة بعد الآن"، وفق قول الفرّاجي.

وعود عسكرية فرنسية 

في غضون ذلك، شكلت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لورديان، وزميلته وزيرة الدفاع فلورانس بارلي، إلى بغداد، أمس السبت، مناسبة لتأكيد "استمرار الدعم العسكري واللوجستي (الفرنسي) للعراق".

وقال مسؤول سياسي رفيع لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوزيرين بحثا مع المسؤولين العراقيين نتائج المعارك وإمكانية استمرار الدعم الغربي وتحديداً الفرنسي للحكومة العراقية". وبيّن أنّ "الوزيرين أكدا على ضرورة فتح صفحة جديدة بعد انتهاء معارك التحرير، تركز على تجفيف منابع الإرهاب ومحاربة فكر التطرف وأسباب نموه في البلاد والمنطقة". وأوضح أن "المسؤولين الفرنسيين عرضا على العراق إمكانية التعاون الفرنسي للقضاء على فكر التطرف، الذي نما بشكل خطير، وهو يهدد الكثير من بلدان العالم". وأشار إلى أنّهما "نقلا رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتوسيع التعاون مع العراق في هذا الإطار، فضلاً عن تدريب القوات العراقية لمسك الأرض بعد تحريرها، إضافة إلى تقديم السلاح والعتاد أيضاً".

وبعد لقاءات بين الوفد الفرنسي وعدد من المسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية في بغداد، أعلن وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، في مؤتمر صحافي عقده ببغداد، مع الوزيرين الفرنسيين، "تحرير 70 في المائة من بلدة تلعفر"، معتبراً أنّ "الانتصارات التي تتحقق في العراق لا تعني نهاية خطر داعش". وأشاد بـ"الدعم الفرنسي للعراق بمكافحة الإرهاب"، مؤكداً "وفاء باريس بالتزاماتها بهذا الشأن".

من جهته، تعهّد وزير الخارجية الفرنسي بـ"تعزيز العلاقات مع العراق، واستمرار جهود فرنسا بدعم جهود القضاء على داعش". وقال "سنكون إلى جانب العراق في الحرب والسلم، لأجل توطيد الشراكة". من جهتها، أكدت وزيرة الدفاع الفرنسية التزام بلادها "بقوة في إطار التحالف الدولي على صعيدي التدريب والدعم للعراق"، مشيرةً إلى أنّ "فرنسا ستبقى إلى جانب العراق بشكل يتكيّف مع الظروف لأجل الوصول إلى مرحلة مطمئنة وهادئة"، وفق تعبيرها.

وتشكل هذه الزيارة أهمية بالنسبة لاستمرار الدعم الغربي للعراق، إذ اعتبرها مراقبون "خطوةً تعزز ثقة الحكومة بالدعم الخارجي على مختلف الصعد". وقال الخبير السياسي، هاشم الميّاحي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "فرنسا من الدول التي عانت من إرهاب داعش، وهي اليوم بهذه الزيارة من مسؤولين رفيعين، تثبت للعراق أنّها تفتح يدها له لتقديم الدعم الكامل سياسياً وعسكرياً". وبيّن أنّ "هذه الزيارة ستفتح آفاق تعاون عسكري بين البلدين في إطار محاربة داعش، فضلاً عن أنّها تعكس دعم فرنسا لحيدر العبادي الذي يسعى للفوز بولاية حكومية ثانية"، وفق قول الميّاحي.