الحركة الأسيرة بين الأمس واليوم

الحركة الأسيرة بين الأمس واليوم

17 ابريل 2014
من اعتصام أمام "عوفر" للمطالبة بتحرير أسرى الداخل (getty)
+ الخط -

عرف الأسير المحرر منير منصور، الذي يشغل اليوم منصب رئيس الحركة الأسيرة في الداخل ورئيس الرابطة العربية للأسرى المحررين، كل أنواع الاعتقال: اعتقال مع لائحة اتهام، وجلسات محاكمات، واعتقال إداري من دون تقديم لوائح اتهام.

الحياة في الاسر

وُلد منصور في 11-3-1956 في قرية مجد الكروم، واعتقل للمرة الأولى في 1972 خلال مداهمة واشتباك بين الجيش الإسرائيلي وخلية فلسطينية على شاطئ الزيب بين مدينة عكا ونهاريا، حيث استشهد في المواجهات نواف سعيد حمد من الناصرة على الفور، وأصيب منصور خلال الاشتباك في رجله اليمنى وخصره بثماني رصاصات وشظايا.

ودخل السجن بتهمة نقل أسلحة للمجموعات في الداخل، وتخطيط لعمليات عسكرية والانتماء الى حركة "فتح" والاشتباك مع الجنود الاسرائيليين. قضى فترة اعتقاله الأولى في سجن الرملة، وقد أفرج عنه في عملية جبريل لتبادل الاسرى في العام 1985. يقول منصور لـ"العربي الجديد": "وقفت أتامل باب السجن من الخارج لدقائق، فسألني رفاقي ما بكَ، فقلت اعرف باب السجن من داخل السجن، ومرت اكثر من عشر سنوات اريد مشاهدته من الخارج".

في العام 1987، كان قد تزوج من أم علي وأنجب علي واريج. الا ان حياة الأسر والسجن لم تنته هنا، ففي 30-1-1990، اعتقل مجدداً بتهمة تجديد النشاط ولقاء أبو عمار في أوروبا. وظل معتقلاً حتى عام 1995 وتم بعدها تمديد اعتقاله 4 مرات لمدة ستة أشهر بحكم اداري من دون تقديم لائحة اتهام. أُفرج عنه عام 1997، وكان قد أمضى فترة محكوميته الإدارية في سجن شطة.

أسرى الداخل

يقول منصور عن أسرى الداخل إنّ عددهم اليوم 112 أسيرا سياسيا من فلسطينيي الداخل، إضافة الى عميدة الأسيرات الفلسطينيات لينا الجربوني التي بدأت عامها الـ 13 في الأسر، وتبلغ 40 عاماً، وحكمت بالسجن لمدة 17 عاماً، بتهمة تقديم مساعدات لفصائل المقاومة في تنفيذ عمليات ضد أهداف للاحتلال في الداخل.

ويرى منصور أن وضع الاسرى اليوم يختلف عما كان عليه في سنوات أسره، فقد سجل تطوراً في بعض النواحي وتراجعاً في نواحٍ أخرى: "كانت أيامنا داخل السجن أصعب من اليوم، لم يكن الإعلام بهذا الحضور، وصار الاهتمام اليوم أوسع"، مستدركاً بأنه "كان هناك عمل على بناء تنظيم ثقافي وتعبئة سياسية وصقل شخصية فلسطينية بكل مميزاتها أفضل في فتراتنا".

يوضح منصور أنه في أواخر سنوات التسعينيات، ومع مطلع عام 2000، حصل تغيير، وتحسنت الأمور المادية، ولكنها جاءت على حساب الأسرى وذويهم، فهم الذين يتكفلون بشراء الملابس، إذ يسمح بإدخال ملابس مرة كل ثلاثة أشهر، وإعطاء المال للمصروف الشهري. "أما اليوم، فيأكل الأسرى بشكل أفضل، وذلك بفضل شرائهم لطعامهم على حسابهم من الكانتينا (اسم حانوت السجن) ويسمح للأسير بشراء حاجياته حتى مبلغ 1500 شيقل أي 400 دولار في الشهر"، على حد تعبيره.

يواصل منصور المقارنة بين حالة الأسرى في الأمس واليوم، ويقول إنه "في عهدنا، كنا نأخذ الحد الأقصى من سنوات المحكومية، وكنا نقوم بالطبخ بأنفسنا، وهذا الامر اليوم ممنوع عن الأسرى السياسيين الذين يخافون أن يأكلوا من طعام السجن، لأن الذين يطبخون هم سجناء جنائيين يتعمدون أحياناً إدخال الأوساخ والقاذورات في الطعام المخصص للأسرى أو أي مادة أخرى خطرة، لذا يعتمد الأسرى الفلسطينيون على بعض المنتجات المغلّفة والأساسية من السجن، كالخبز وعلب اللبن المغلف فقط، وعلى شراء الطعام من الكانتينا، وهي أطعمة مليئة بالمواد الحافظة والكيماوية التي تسبب بعد طول الاعتماد عليها، أمراضاً خطيرة للأسرى".

ويتابع منصور أنه "حتى الزيارات تغيرت"، ففي الماضي كان هناك سياج حديدي يفصل بين الأسير والزائر، وكان يمكن أن يصافح الأسير زائره برؤوس الأصابع، "أما اليوم، فهناك جدار زجاجي عازل، والكلام يتم عبر الهواتف وكأنك تتحدث مع أشباح ، ويوفر هذا الإجراء للاحتلال القدرة على التجسس على جميع المحادثات".

الدفعة الرابعة

يشير الأسير المحرر إلى أن مصير أسرى الداخل ومسألة لم شملهم في اتفاقيات تبادل الأسر، كانت دائما تحصيلاً حاصلاً لموقف الطرف الفلسطيني ومدى قوته أو تماسكه. وشدد في هذا السياق، لـ"العربي الجديد" على أنه "عندما يكون الموقف الفلسطيني قوياً، تكون النتيجة دائماً لصالح الإفراج عن أسرى الداخل، لكن الموقف الفلسطيني الراهن اليوم ضعيف، وتمارس على القيادة الفلسطينية ضغوط كبيرة، والمفاوضات متعثرة والوضع صعب".

ينفي عميد الأسرى المحررين من الداخل الفلسطيني، الانطباع بأن القيادات الفلسطينية أهملت ملف أسرى الداخل ممن انخرطوا في العمل الفدائي والعسكري ضمن مختلف الفصائل بدليل إصرارها على "صفقة" الدفعة الرابعة التي تشمل 14 أسيراً من الداخل، الذين اعتقلوا قبل اتفاقيات أوسلو 1993.