الحركات الطلابية: تاريخ صغير من الانتصار والعنف

الحركات الطلابية: تاريخ صغير من الانتصار والعنف

21 يوليو 2020
مظاهرة ضد قانون ديفاكويه في الحي اللاتيني في باريس، 11 نوفمبر 1986
+ الخط -

ثمة شيء مشترك في فرنسا بين الأعوام 1968 و1973 و2003 و2018، ففي هذه التواريخ اختار الطلاب النزول إلى الشوارع في احتجاجات قوية لإسماع مطالبهم أو للتعبير عن معارضتهم لخطط إصلاح التعليم العالي، وغالباً ما تحولت المطالب الطلابية إلى مظاهرات تمس الجوانب الاجتماعية والسياسية والعمالية والحقوقية، ومن الحركات التي أثرت على العالم بأكمله ثورة مايو 1968، وقد شكلت هذه منطلقاً لتحولات كبيرة داخل فرنسا وخارجها.

ولكن كثيرين لا يعرفون أن جذور الاحتجاجات الطلابية في فرنسا تعود إلى القرن الخامس عشر، حيث شهدت السوربون تسعة أشهر من الإضرابات بين عامي 1443 و 1445 دفاعًا عن إعفاءاتها الضريبية. ثم اندلعت مظاهرات الطلاب عام 1446 ضد خضوع الجامعة لسلطة برلمان باريس، وفي عام 1453 أضربت الجامعة بعد مقتل الطالب ريمون دي موريغارت على يد ضباط في شاتليه.

يتتبع كتاب "المؤسسة الجامعية والحركات الطلابية: بين التكامل والتمزق" الصادر مؤخراً عن "دار آرماتان" في باريس تاريخ الحركات الطلابية في فرنسا بشكل خاص، وفي العالم بشكل أعم، فيمر على أهم الحركات العالمية المؤثرة، ويركز على فترة القرن العشرين، ويقدم المشاركون فيه وهم مجموعة من الأكاديميين نبذة تاريخية عن نشوء الحراك الطلابي في العالم.

الصورة
غلاف الكتاب

يشرح الكتاب العوامل المشتركة بين معظم الاحتجاجات الطلابية في مختلف دول العالم، والتي غالباً ما تبدأ بهدف المطالبة بتعديل قانون أو إصلاحات تتعلق بالتعليم، أو للمطالبة بتحسين وضعهم وتقليل رسومهم، لكن سرعان ما تتحول هذه المطالب إلى خطاب سياسي كامل يطالب بالتغيير في كل المجالات، وربما تكون الاحتجاجات الطلابية في فرنسا من أقوى الحركات في العالم والتي أدت إلى نتلائج فعلية مؤثرة في سياسات البلاد والحريات والحقوق والنظام الاجتماعي والثقافي.

بحسب مقدمة الكتاب، فقدكانت حركة مايو 1968 أهم حركة طلابية من حيث حجمها وتأثيرها ليس على مستوى فرنسا فقط بل وفي بلدان كثيرة تأثرت بها وامتدت إليها، وبدأت من جامعة نانتير مع حركة 22 مارس، وكانت تتكون من مقاتلين من أقصى اليسار ( بما في ذلك الماويون والتروتسكيون والأناركيون). وبلغت ذروتها في فرنسا في إضراب عام لعدة أسابيع أدى إلى شل البلاد وتجاوز الحركة الطلابية إلى حد كبير. 

في عام 1973، تظاهر الطلاب الفرنسيون ضد إنشاء دبلومة الدراسات الجامعية العامة، وأدى ذلك إلى إضراب لمدة ثلاثة أشهر، قادته الرابطة الشيوعية الثورية من خلال زعيمها الطلابي في ذلك الوقت دومينيك لوساي. وخلال حكومة بيار موروا الاشتراكي الذي شغل رئاسة الوزراء الفرنسية في الفترة من 1981 إلى 1984 أثناء ولاية فرنسوا ميتران الأولى كان الطلاب اليمينيون المتطرفون هم الذين حشدوا أكثر الجامعات نخبوية في أيار /مايو لمدة أسبوعين عام 1983.

تكونت حركات طلابية أخرى في عام 1980 وكان موضوعها متعلقاً بالطلاب الأجانب، وفي عام 1984، احتج الطلاب ضد "مشروع قانون سافار" الذي كان يهدف إلى إنشاء خدمة تعليمية عامة كبيرة واضطر ميتران آنذاك إلى سحب المشروع نهائياً. 

كانت حركة مايو 1968 أهم حركة طلابية من حيث حجمها وتأثيرها ليس على مستوى فرنسا فقط

في عام 1986، احتج الطلاب مرة أخرى ضد مشروع "قانون ديفاكويه" الذي كان يهدف إلى منح الاستقلالية للجامعات وتشجيع التنافس في ما بينها وتغيير آليات اختيار الطلاب لدخول الجامعات، فأطلق الطلبة مظاهرات عديدة أدت إلى مصرع الطالب مالك أوسكين على يد الشرطة، فاضطر وزير التعليم إلى الاستقالة وتم التخلي عن مشروع القانون.

واستمرت الاحتجاجات التي كان آخرها في عام 2018، خلال فترة الرئيس الحالي إمانويل ماكرون، حيث تظاهر الطلاب ضد قانون لإصلاح نظام التعليم، وصاحب هذه الحركة حصار لعدة جامعات واشتباكات مع الشرطة. 

من أشهر الحركات الطلابية حول العالم؛ الحركة الطلابية في المجر عام 1956 ، والتي شكلت بداية انتفاضة بودابست، ومظاهرات الطلاب في الولايات المتحدة ضد حرب فيتنام عام 1963، ومظاهرة ميدان تيانانمن في الصين عام 1989 التي طالبت بالحريات والديمقراطية.

من الاحتجاجات الطلابية المؤثرة أيضاً؛ حركة النمر الطلابية في إيطاليا عام 1989 التي كانت ضد الخصخصة المحتملة للجامعة وضد احتكار المعلومات، والحركة الطلابية في إيران عام 1999 ضد إغلاق صحيفة السلام الإصلاحية، وحركة طلاب الطب بالمغرب في خريف 2015، ضد قانون الخدمة المدنية الإلزامية.

 

الأرشيف
التحديثات الحية

المساهمون