الحرب في أرض مصر: 80 قتيلاً للجيش في سيناء

الحرب في أرض مصر: 80 قتيلاً للجيش في سيناء

القاهرة

العربي الجديد

العربي الجديد
02 يوليو 2015
+ الخط -
وضع تنظيم ولاية سيناء، أمس الأربعاء، مصر عموماً، ومحافظة سيناء خصوصاً، في حالة أقرب إلى الحرب الشاملة، بعد سلسلة هجمات متزامنة وغير مسبوقة على مقار عسكرية وأمنية في مدينة الشيخ زويد، أسفرت عن مقتل قرابة 80 جندياً. الهجمات، التي بدأت منذ الصباح ولم تتوقف طوال ساعات النهار في المحافظة التي شهدت حرب شوارع، دفعت رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، إلى الإعلان أنّ مصر في حالة حرب حقيقية، مشيراً إلى أنه "سيتم رفع بعض القوانين إلى رئيس الجمهورية بعد الموافقة عليها لمواجهة ما نحن فيه من إرهاب".

وتعد الهجمات التي نفذها التنظيم الأكبر والأشرس وفقاً لعدد القتلى والمصابين في صفوف الجيش، فيما عد توقيتها لافتاً إذ أتى عقب يومين من اغتيال النائب العام المصري هشام بركات وقبل يومين من ذكرى 3 يوليو/تموز 2013 التي شهدت الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي. وبينما كانت المعارك لا تزال دائرة، سارع تنظيم "ولاية سيناء" في بيان أصدره إلى تبني الهجمات، مشيراً إلى "الهجوم المتزامن على 15 موقعاً عسكرياً وأمنياً".

وأضاف التنظيم، في بيانٍ بثّه على موقع "تويتر" أن الهجمات تضمنت ثلاث عمليات انتحارية متوزعة على نادي الضباط، وكميني السدرة وأبو رفاعي بالشيخ زويد، موضحاً أن الهجوم الانتحاري ترافق مع هجوم بالأسلحة الخفيفة والثقيلة وقذائف الهاون والـ"آر بي جي" على مراكز الماسورة، أدوت، ولي لفي، الوفاق، الطويلة، الضرائب، فضلاً عن قسم شرطة الشيخ زويد، بنزينة، بالخروبة، العبيدات، إضافة إلى مراكز الإسعاف وقبر عمير والبوابة والشلاق.

وزعم التنظيم أنه "سيطر على مواقع عدة، واغتنم ما فيها"، مضيفاً أنه "تم استخدام الصواريخ الموجهة في مهاجمة المواقع، قطع الإمدادات والتصدي للطيران، باستخدام سلاح الدفاع الجوي مما أجبر طيرانهم على الهروب مدحوراً" على حد وصفه. وأعقب هذا البيان بآخر أكد فيه محاصرة قسم شرطة الشيخ زويد، فضلاً عن السيطرة على أجزاء كبيرة من المدينة، واستهداف كمائن أخرى عدة وتفجير آليتين عسكريتين.

من جهته، أوضح المتحدث باسم الجيش المصري، في بيان على صفحته على فيسبوك أن "قرابة 70 عنصراً إرهابياً هاجموا 5 كمائن (حواجز) في قطاع تأمين شمال سيناء بالتزامن". كما أشار إلى مقتل "22 إرهابياً"، فيما نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصادر أمنية وطبية قولها إن "38 جهادياً" قتلوا خلال المعارك.

اقرأ أيضاً محلب: مصر في حالة حرب حقيقية

أما أهالي المنطقة، الذين وجدوا أنفسهم منذ ساعات الصباح الأولى محاصرين بالمعارك، فأشاروا لـ"العربي الجديد" إلى أن المسلحين اختطفوا جنوداً تابعين للجيش. كما تحدثوا عن استخدام التنظيم قرابة 300 عنصر في الهجمات.

وأظهرت هجمات "ولاية سيناء" أمس حجم الدقة في التخطيط والتنفيذ التي بات يتمتع بها التنظيم، إذ تمكن من منع خطوط الإمداد للمناطق والكمائن التي تتعرض لهجمات عبر استخدام عبوات ناسفة وسيارات مفخخة، فضلاً عن استخدام صواريخ موجهة "كورنيت"، فيما قامت طائرات "إف 16" مجهولة وطائرات من دون طيار بقصف مناطق جنوب رفح والشيخ بعد فشل مروحيات الآباتشي في التصدي للمسلحين. وبات التنظيم يمتلك خبرات كبيرة من حيث التخطيط والتنفيذ والقيادة الميدانية، التي تحاول الربط بين المجموعات المشاركة في العمليات الكبيرة، وهو أمر بات ملحوظاً في عمليات التنظيم أخيراً ومنذ إعلان مبايعته لتنظيم "داعش".

فعمليات التنظيم قبل إعلان مبايعته لـ"داعش" في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، كانت تقتصر على تنفيذ عملية بسيارة مفخخة أو استهداف كمين أو اثنين في وقت واحد عن بُعد، أو واقعة اغتيال. أما الآن فبات بإمكان التنظيم تحريك مسرح العمليات لعشرات الكيلومترات، لتنفيذ سلسلة عمليات مخطط لها مسبقاً بشكل دقيق، ما يؤكد وجود قادة ميدانيين يتمكنون من تحريك عناصر التنظيم وفق خطة موضوعة سلفاً. كما تظهر الهجمات انتقال التنظيم إلى استخدام أسلحة حديثة، وزيادة عدد المقاتلين في صفوف التنظيم. وأعلن التنظيم قبل ما يزيد عن شهر عن انضمام مقاتلين جدد له.

ويؤكد استخدام التنظيم سيارات مفخخة أنه بات يتواجد في صفوف "ولاية سيناء" عناصر لديها خبرات في تصنيع المتفجرات من الخارج. ولا تزال قوات الجيش والأجهزة الأمنية عاجزة عن كشف مكان تصنيع المتفجرات وخلطها من قبل التنظيم.

لكن الأهم في الهجمات الأخيرة، أنها مواجهات مباشرة تماماً مع قوات الجيش، وليس كما كان يحدث في هجمات سابقة أن يتم القصف والاشتباك من مسافات بعيدة. كما أن سلسلة الهجمات التي قام بها أمس التنظيم جاءت في وضح النهار، وهو ما يؤكد عدم تخوف التنظيم من مواجهة الجيش.

كما طرح وصول صواريخ "كورنيت" المتطورة إلى سيناء، تساؤلات كبيرة حول الادعاءات التي تتحدث عن إحكام الجيش سيطرته على مداخل ومخارج سيناء. كذلك يفرض ظهور هذا النوع من الصواريخ، مرحلة جديدة من الحرب القائمة بين التنظيم المسلح والجيش في سيناء، إذ بات في مقدور "ولاية سيناء" إطلاق العديد من الصواريخ على مدرعات وآليات عسكرية عدة في أي مكان من سيناء، من دون تكبّد عناء الدخول في صدامات ومواجهات مسلحة.

وتحمل سلسلة العمليات أيضاً إشارات واضحة إلى أن خطط التنظيم وتحركاته مضت بدون أن يجري التبليغ عنها من الأهالي، الذين يعانون منذ أشهر طويلة من مضايقات الجيش لهم، في ظل انتهاكات غير مسبوقة سواء في ما يتعلق بالتصفيات أو الاعتقالات العشوائية فضلاً عن تهجيرهم. ويقول الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، إن "فكرة القضاء نهائياً على الإرهاب والجماعات المسلحة أمر ليس بالسهولة التي يتخيّلها الكثيرون"، مضيفاً في حديثه لـ"العربي الجديد، أنّ "المنطقة بأكملها تواجه ظاهرة جديدة وهي تشكيل جماعات شبة عسكرية، عابرة للقارات وتعتمد على تحركات الأسلحة والمقاتلين بين دول المنطقة". ويلفت إلى "وجود حاضنة شعبية للتنظيم المسلح في سيناء، وبالتالي لا بد من الأخذ في الاعتبار هذه الجزئية في التعامل مع الموقف". من جهته، يقول خبير أمني، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع في سيناء أصبح خطراً للغاية، وهناك تهديد مباشر للأمن القومي". ويؤكد أنه في "حال استمرار سياسات الدولة نفسها، سيتزايد التنظيم المسلح قوة، ولن يقف أحد أمامه".

** الفيديو المرفق تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي لما قيل إنه تفجير انتحاري في أحد المراكز العسكرية قرب الشيخ زويد، ولا يمكن لـ"العربي الجديد" التأكد من صحته.

اقرأ أيضاً "هافنغتون بوست": السيسي يدفع مصر نحو الهاوية

ذات صلة

الصورة
مئات يترقبون انتشال المساعدات على شاطئ بحر غزة (محمد الحجار)

مجتمع

يواصل الفلسطينيون في قطاع غزة ملاحقة المساعدات القليلة التي تصل إلى القطاع، وبعد أن كانوا يلاحقون الشاحنات، أصبحوا أيضاً يترقبون ما يصل عبر الإنزال الجوي.
الصورة

سياسة

نقلت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، عن أربعة مصادر أن مصر بدأت تمهيد منطقة على الحدود مع قطاع غزة يمكن استخدامها لإيواء لاجئين فلسطينيين.
الصورة

منوعات

شهدت كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، موجة من السخط والدهشة، بعدما قارن حالة المصريين في ظل التردي الاقتصادي بحالة أهالي قطاع غزة.
الصورة

سياسة

كشف تحقيق لصحيفة "ذا غارديان"، الاثنين، عن أن الفلسطينيين اليائسين لمغادرة قطاع غزة يدفعون رشاوى لسماسرة تصل إلى 10 آلاف دولار، لمساعدتهم على مغادرة القطاع.

المساهمون