الحب ليس أحمر

17 فبراير 2016
+ الخط -
أيها العشاق الذين تحيون عيد الحب باقتناء الزهور الحمراء والدمى الإسفنجية، الحب ليس أحمر.
الحب يحيي قلوبكم اليباب، يلون دروبكم، يدب في خلايا أجسادكم الميتة الحياة، هو الشيء الوحيد الذي يستحيل أن تفتش في ديوان شاعر أو رسومات فنان أو خربشات ناشئ، ولا تجدهُ سيد الفصل الحاسم .
هذا الكون كلهُ عاشقٌ صبٌ متيم من الأرض حتى السماء، من المخلوقات العاقلة حتى الجمادات. كل مشاعر الكون إِنْ تزنها فإنها لا تضاهي وزن ذلك الشعور الذي لا تدركه الأيدي، وتدركه المهج.
إن تسألني عن رأيي في يوم الحب أجيبكَ بالضرورة أنهُ حرام، حرامٌ يا أهل الهوى، يا من عرفتم العشق، وسهدَّ أعينكم النوى، حرامٌ أن تختزل وجع الإشتياق ولهفة اللقاء ومقدمات الإرتياح في يومٍ واحد، حرامٌ أنْ تقدس ما لا ينصفه الشعراء، ويعذلهُ الحساد في يومٍ واحد .
شيءٌ بقدسية الحب حري بهِ أن يبجل كل ما خطى عقرب الساعة، وإن تسألني تباعاً عن جاذبية الجوري الأحمر، أجيبكَ أنهُ مفضلٌ عندي، وفي الرابع عشر من شهر فبراير/شباط غير محبب. يا أَهْلَ الرومانسية ليس للورد طقوس، أيعقل أن تختزل وجعي في وردة يهديها النَّاسُ لبعضهم عنوة؟ أيعقل أن تقدم لي دمية لأنني أحببتكَ كثيراً، وصدقتكَ مراراً؟ لأنكَ كنت دعوتي اليتيمة وقوتي العظيمة ودهشتي المريبة! أيعقلُ أن تكافأ بذخ العطاء بدمية اسفنجية حمراء.
أنا لستُ متطلبة، ولا أحرض بصورة مبطنة النساء على الرجال، أحرضكم فقط من أجل الحب، الذي كنتُ قد رسمته في أيام المراهقة على دفتر اللغة العربية، قلبُ حبٍ يخترقه سهمٌ، وغضضتُ الطرف عن قطرات الدماء. كنتُ قد اختُرِقتُ بملء إرادتي، فما همني وجع انغراس المعدن في مهجتي! كلهنَّ رسمنّ قلوبهن بقلم أحمر جاف، وأنا رسمتهُ بقلم أزرق، كنت أريد أنْ أتمرد، لم أشعر يوماً بأن الحب مشاعر بقدر ما كنت أشعرُ أنه ابتكار. كلهنّ انتظرن فارسهن الذي يمتطي حصاناً أبيض، وأنا انتظرت بطلي، وكنتُ قد لمحتهُ يصارع الرياح الصرصر، أقدامهُ تسح دماً، ومع ذلك يسير ويتقدم. لا أريد رجلاً خارقاً للعادة، أريد رجلاً مبتكراً على غير العادة.
يا سيدي.. امرأةٌ مسكينة مثلي لا يكفيها يومُ حبٍ واحد، ولا يغريها بالون أحمر أو زهر خجول يداعب وجنتيها، لا يأسرها مشهد تمثيلي خاطف. الشيء الوحيد الكفيل بشل قواها وإرباكها ذلك الحجر الذي تضعهُ أنت في يديها، وتهمس لها في أذنها: أنا درعكِ، أحميك وأذود.
تلك الهدايا النفيسة من الذهب والمرجان لا تسرق أنظارها، بقدر ما تخطفها إسوارةُ خرز بسيطة صنعتها يداك.
أرجوك أشعرني بالتفرد، امنحني الخصوصية، دع الكون كلهُ يحب بطريقة، وأحبني أنت بألف طريقة أخرى. لا تجعل تلك الخردوات الحمراء تقتحم تفاصيل حياتي، يا سيد الإبداع.
يا سارق القلب، ليس للحب ألوان، ما المانع أن تقدس علاقتنا في كل الأيام.
avata
avata
سندس جابر (فلسطين)
سندس جابر (فلسطين)