الجيش المصري يسرع عمليات هدم المنازل المهجورة في رفح

الجيش المصري يسرع عمليات هدم المنازل المهجورة في رفح

01 مايو 2019
فجّر الجيش عشرات المنازل في رفح (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -
زاد الجيش المصري، خلال الأسابيع الماضية، من وتيرة هدم منازل المواطنين الذين أجبروا على هجرها في مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء على الحدود مع قطاع غزة، في إطار المنطقة العازلة التي جرى البدء فيها في أكتوبر/تشرين الأول العام 2014، في ظل عودة هجمات تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، إلى داخل المدينة، على الرغم من فراغها من السكان المدنيين بشكل كامل في أعقاب العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في فبراير/شباط 2018. لكنّ ثمة أهدافاً أخرى يسعى الجيش لتحقيقها من وراء تسريع الهدم في الفترة الحالية.

وقالت مصادر قبلية وشهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إن أصوات انفجارات ضخمة تُسمع في مدينتي رفح والشيخ زويد، منذ عدة أيام، نتيجة تفجير وحدات الهندسة في الجيش المصري عشرات المنازل التي جرى تهجير سكانها خلال الأشهر الماضية. وتركزت عمليات التفجير للمنازل في مناطق بلعا وحي الأحراش وحي الرسم، وسط تحليق مكثف لطائرات من دون طيار، لا تُعرف هويتها، في سماء مدينة رفح على مدار الأيام الماضية.

وأضافت المصادر أن حملات هدم المنازل، التي انطلقت منتصف مارس/آذار الماضي، دخلت أول من أمس الإثنين في الموجة الثالثة، من خلال هدم أكبر عدد ممكن من المنازل والمحال التجارية في حيّي بلعا والأحراش. وجاءت الموجة الثالثة من الحملات في أعقاب تنفيذ "ولاية سيناء" هجوماً ضد قوات الجيش المصري قرب حي الأحراش المهجّر من أهله، من خلال تفجير كاسحة ألغام، ما أدى إلى مقتل وإصابة عسكريين مصريين، بينهم ضباط، في حين أن قوات الجيش لم توقف حملات تجريف الأراضي الزراعية في كافة مناطق رفح. وأشارت المصادر إلى أن قوات الجيش لم تعد تستخدم الجرافات العسكرية في هدم المنازل، بسبب طول وقت عمليات التجريف، ولذلك عمد الجيش للعودة إلى عمليات تفجير المنازل التي تُراد إزالتها، ما يؤدي إلى تسويتها بالأرض بشكل كامل، من دون العمل على إزالة الركام في المرحلة الحالية. وشدد الجيش الإجراءات العسكرية في محيط نطاق العمل، خوفاً من هجوم تنظيم "ولاية سيناء" على قواته العاملة على تفجير المنازل، كما جرت العادة خلال السنوات الماضية التي شهدت هدماً للمنازل في مدينة رفح.


يُشار إلى أن الجيش مسح مناطق واسعة من مدينة رفح، بعد أن دمر المنازل وجرف الأراضي الزراعية على مدار السنوات الماضية. ومن هذه الأحياء أبو حلاوة، والصرصورية، وبوابة صلاح الدين، والميدان، والصفا، والزعاربة، والبراهمة، وغيرها من المناطق، فيما يسعى حالياً إلى مسح بقية المناطق، لتصبح كل مدينة رفح عبارة عن قطعة أرض فارغة من أي شيء عدا قوات الجيش المنتشرة فيها. في المقابل، أعاد مسؤولون حكوميون في محافظة شمال سيناء، الحديث عن مدينة رفح الجديدة، التي يجري البناء فيها منذ سنوات في منطقة الوفاق غرب مدينة رفح الحالية، وذلك من خلال نشر صور لعدد من المباني التي جرى تشييدها أخيراً، على الرغم من أن الجيش جرف آلاف المنازل والممتلكات التجارية، الأمر الذي أدى إلى تهجير عشرات آلاف المواطنين على مدار السنوات الخمس الماضية. ويحتاج الأهالي إلى منازل بعدد تلك التي جرى تجريفها على الأقل، في ظل أن العائلات ازدادت عدداً في غضون السنوات التي هجرت فيها إلى مناطق خارج رفح.

وتعليقاً على ذلك، قال أحد وجهاء مدينة رفح، لـ"العربي الجديد": "فقدنا كامل الأمل في العودة إلى ديارنا في ظل الهدم المتواصل لمنازلنا، وبشكل متسارع في الآونة الأخيرة، ما يشير إلى أن مخطط التهجير ما زال قائماً في سيناء، على الرغم من كل العمليات العسكرية التي أجراها الجيش على مدار السنوات الماضية. إن الرغبة لدى النظام المصري في مسح مدينة رفح عن الوجود ما زالت قائمة، ومن دون أي تغيير، على الرغم من كل الظروف السياسية والأمنية المتغيرة في سيناء ومحيطها على مدار الأشهر الماضية، ما يعني استمراراً في معاناة آلاف العائلات التي هُجرت من مدينة رفح، وعدم اهتمام حكومي بقضيتهم". وأضاف الشيخ القبلي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن أهالي مدينة رفح، الذين هُجّروا من منازلهم، لا يرون أن مدينة رفح الجديدة التي يجري الحديث عنها كافية لاستيعاب المهجرين، نظراً إلى قلة المباني التي جرى تشييدها، في مقابل الحشد الهائل من المهجرين الذين انتشروا في ربوع سيناء في انتظار العودة إلى منازلهم، أو على الأقل إلى مدينة رفح الجديدة، على الرغم من عدم شعورهم بصدق توجّه النظام المصري لإيجاد بديل يؤويهم بعد معاناتهم لخمس سنوات خارج منازلهم، بسبب مخطط التهجير الذي طاول مدينة رفح، ومناطق متفرقة من مدينتي الشيخ زويد والعريش، في إطار العمليات العسكرية التي ما زالت مستمرة في كل المحافظة. وكشف عن بعض المنازل التي جرى هدمها أخيراً، في الحملة العسكرية، لم يحصل أصحابها على التعويض المالي الذي أقرته الحكومة المصرية لصالح العائلات المهجرة، على الرغم من أنه لا يكفي لإنشاء مأوى جديد غير الذي جرى هدمه، في ظل أن مبالغ التعويضات أقرت في العام 2014، مع بدء مخطط المنطقة العازلة في مدينة رفح، وذلك قبل تعويم الجنيه المصري، وبالتالي فإن المبالغ التي تصرف لم تعد تكفي لشراء مواد البناء اللازمة لتشييد المنازل، في ظل عدم مراعاة ارتفاع الأسعار في أعقاب قرار التعويم.

وتأتي هذه التطورات الميدانية مع العام الثاني للعملية العسكرية الشاملة التي بدأها الجيش المصري في 9 فبراير/شباط 2018، وخسر منذ بدايتها عشرات العسكريين، بينهم ضباط برتب رفيعة، بالإضافة إلى مقتل عشرات المدنيين، وتجريف منازل وأراضٍ زراعية في كافة مناطق سيناء. في هذا الوقت، لا تزال هجمات تنظيم "ولاية سيناء"، حاضرة في سيناء، على الرغم من كل محاولات الجيش لإيقافها.

المساهمون