الجيش المصري يحتكر إعلانات الطريق الدائري حول القاهرة

الجيش المصري يحتكر إعلانات الطريق الدائري حول القاهرة

09 أكتوبر 2015
تصاعد حرب إعلانات الطرق بين الجيش المصري وشركات الدعاية(أرشيف/AFP)
+ الخط -



أوقفت الهيئة العامة للطرق والكباري، التابعة لوزارة النقل المصرية، التراخيص الصادرة لشركات الإعلانات العاملة على الطريق الدائري حول القاهرة الكبرى.

وأبلغت الهيئة الشركات شفهياً بأنها لم تعد مسؤولة عن أعمال الإعلانات في الطريق الدائري، وأنه على الشركات الراغبة في العمل التقدّم في مزاد جديد يعقده جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، شريطة أن تحصل على تصريح أمني.

ويعد جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، التابع لوزارة الدفاع، مسؤولاً عن قطاع كبير من أعمال الجيش، ويتبعه نحو 11 شركة ومصنعاً، وجرى إنشاؤه طبقاً للقرار الجمهوري رقم 32 لسنة 1979 في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات.

وكشفت غرفة صناعات الطباعة والتغليف في اتحاد الصناعات، في بيان لها، أمس الخميس، أن: "هيئة الطرق والكباري ألزمت نفسها بالبند الثالث من التعاقد المبرم بينها وبين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، أن تمتنع عن تجديد أي تراخيص صادرة لأي شركة أو وكالة إعلانية لأي إعلان بالمنطقة موضوع التعاقد، وبأن تقوم بتسليم هذه المنطقة خالية لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية".

وأثار القرار غضب شركات الإعلانات، وقال "م.أ"، مدير في إحدى شركات الدعاية والإعلانات، لـ"العربي الجديد"، إن: "سياسات التكويش الذي ينتهجها الجيش المصري، تدمر القطاع الخاص، والذي بات يعاني من منافسة غير متكافئة مع شركات الجيش والمخابرات وجهاز الخدمة الوطنية في كل مجالات الصناعة والتجارة، بصورة أفقدت المستثمر الثقة بالاقتصاد المصري".

ومنذ أغسطس/ آب 2012، تم تكليف القوات المسلحة بإقامة 1350 مشروعاً بمليارات الدولارات، بحسب رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء أركان حرب عماد الألفي.

وتنفذ الهيئة الهندسية ثلاثة مشروعات كبرى، وهي مشروع قناة السويس الجديدة، ومشروع شبكة الطرق العملاقة، ومشروع استزراع مليون فدان.

كذلك يتمتع الجيش بامتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات، ولا تخضع إيراداته للضرائب مثل بقية الشركات، ولا تمر موارد المؤسسة العسكرية عبر الخزينة العامة للدولة.

وبالإضافة إلى جهاز مشروعات الخدمة، هناك الهيئة القومية للإنتاج الحربي، وتملك أكثر من 15 مصنعاً للصناعات الهندسية والمدنية والعسكرية والهيئة العربية للتصنيع، وتدير 11 مصنعاً وشركة تعمل في مجالات الصناعات العسكرية والمدنية، وأخيراً الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المتخصصة في مجالات الإنشاءات العسكرية والمدنية.

وكانت دراسة لمعهد "كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط" قد أكدت أن الجيش المصري اكتسب نفوذاً غير مسبوق منذ أن أشرف على إطاحة رئيسَين مصريَّين، هما حسني مبارك في عام 2011 ومحمد مرسي في عام 2013.

وأشارت "شانا مارشال" المديرة المساعدة للمعهد، مُعدّة الدراسة التي نُشرت في أبريل/نيسان الماضي بعنوان: "القوات المسلحة المصرية وتجديد الإمبراطورية الاقتصادية"، إلى أنه "مع تهميش أبرز المنافسين السياسيين، والحصول على ما يزيد عن 20 مليار دولار من المساعدات الخليجية ودعم محلي واسع النطاق، بعد اعتلاء عبد الفتاح السيسي منصب الرئاسة، استأنفت القوات المسلحة المصرية عملياتها الصناعية المتهالكة، وضمنت السيطرة على مشاريع البنى التحتية الضخمة، وأدخلت جنرالات إلى مناصب الحكم كافة تقريباً".


اقرأ أيضاً: شركات الدعاية بمصر تنتقد سيطرة الجيش على إعلانات الطرق

وأشارت الدراسة إلى المؤتمر الصحافي الذي عقده المجلس الأعلى للقوات المسلحة في ربيع عام 2012، عندما كشف نائب وزير الدفاع للشؤون المالية آنذاك، اللواء أركان حرب محمد نصر، النقاب عن العائدات السنوية للأنشطة الاقتصادية للجيش، والتي قال إنها تبلغ 198 مليون دولاراً، وعن نسبتها في ميزانية الدولة (4.2%)، بيد أن نصر امتنع عن تقديم أي أدلة تدعم مثل هذه الأرقام.

ورصدت الدراسة تطوُّر الاقتصاد العسكري في عهود الرؤساء السابقين، مشيرة إلى أنه "في عهد الرئيس جمال عبد الناصر (1954 إلى عام 1970) وُجِّهَت موارد الدولة نحو الجيش الذي لعب مهندسوه ومقاولوه الدور الرئيس في مشاريع استصلاح الأراضي، وإقامة البنى التحتية العامة، وتوفير السلع الأساسية، والصناعة المحلية للأجهزة الاستهلاكية والإلكترونيات، وكذلك إنتاج السلع الصناعية والزراعية كالفولاذ والسماد، وجرى تعيين ضباط من رتب عالية مكان مديري المصانع المدنيين، وأدّى وجود هؤلاء الإداريين العسكريين في مختلف المؤسسات التي تملكها الدولة والمؤسسات شبه العامة، إلى خلق قاعدة نافذة تستهدف دعم الوجود المتواصل للقوات المسلحة في الاقتصاد.

وفي عهد أنور السادات، حدث تحوُّل محدود في الأنشطة الإنتاجية للجيش، حيث جرى التركيز على الصناعات الأكثر ارتباطًا بالدفاع، وتأسست الهيئة العربية للتصنيع لهدفٍ رئيسٍ هو صناعة الطائرات العسكرية، وتحوّل تركيز مصر من الاتحاد السوفييتي إلى الولايات المتحدة.

أما في عهد المخلوع حسني مبارك، بدأ موقع القوات المسلحة التاريخي، بالتآكل بشكل كبير، بيد أن الجيش تمكّن من الحفاظ على لائحة طويلة من الامتيازات المالية والصناعية، بما في ذلك الوقود المدعوم، والسيطرة على قطاع العقارات المُربِح، وعمل المجندين، واستخدام الأذونات الخاصة، وممارسة إشراف خارج عن القانون في قطاعات تراوح من البتروكيماويات إلى السياحة.

وعمد قادة الجيش، في سبيل تحصين أنفسهم ضد حملة حكومات مبارك للتحرير الاقتصادي والخصخصة، إلى تنويع محفظة القوات المسلحة الاقتصادية عبر الحصول على تمويلٍ وتكنولوجيا من مصادر القطاع الخاص الأجنبي والمحلي، وكذلك عبر شراكات مشتركة مع رجال الأعمال غير العسكريين والمصالح الأجنبية.

وقد منحت هذه العمليات من التمويل والمصادر التكنولوجية الجديدة القوات المسلحة مداخل إلى حلقات الإمدادات العالمية في صناعات تراوح من صناعة السيارات وإنتاج أجهزة الكومبيوتر إلى إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وصنع الألواح الشمسية، كذلك نشطت القوات المسلحة للحفاظ على دورها كمزوِّد محلي ومتعاقد من الباطن في مشاريع البنى التحتية، على غرار مزارع الريح، والتي يموّلها مانحون أجانب.

وخلال الفترة من 2011- 2012، والتي شملت القمع العنيف لتظاهرات عمالية هدّدت الإنتاج في مواقع أساسية، تحرك الجيش لحماية أرصدته الاستراتيجية المتعلقة بشركاء الاستثمار في القطاع الخاص الجاذب للاهتمام العام؛ ما جعل الجيش الطرف الأقوى في المعادلة السياسية.

وفي ظل حكومة السيسي جرى إرسال قوات الشرطة والجنود من الجيش الثالث لتفريق المضربين في بورسعيد وفي العين السخنة، وعمد أفراد الشرطة العسكرية إلى تفريغ السفن المُنتظرة وخدمتها بأنفسهم، كما تم في صياغة الدستور ضمان إعفاء الجيش من الحظر على العمل الإجباري (ما سمح باستمرار نظام أعمال الخدمة في الجيش)، وكذلك ضمان سريّة المؤسسات المالية الخاصة بالقوات المسلحة.

وسهّلت المرحلة الأخيرة قدرةَ القوات المسلحة المصرية على تحويل أموال الدولة إلى المشاريع التي لها مصالح فيها، وأحد الأمثلة على ذلك هو القرض الذي قدّمه البنك الأهلي المصري بقيمة 20 مليون دولار، في يناير/كانون الثاني 2014، لفرع من شركة ثروة للبترول.

يذكر أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة التابع لوزارة الدفاع، مسؤول عن قطاع كبير من أعمال الجيش، ويتبعه نحو 11 شركة ومصنعاً، وتم إنشاؤه طبقاً للقرار الجمهوري رقم 32 لسنة 1979 في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات.

اقرأ أيضاً: تصاعد حرب إعلانات الطرق بين الجيش المصري وشركات الدعاية

دلالات

المساهمون